شهداؤُنا الأبرار.. درسٌ في البطولة لا يُنسى
جراءة نيوز - كتبه/ محمد عبدالجبار الزبن
أيّ كلمات نبدأ بها، وأيّ حروف ننسُجها، وأيّ أفكارٍ نلملمها... وأيّ ثناءٍ نزفّكم به يا من تروون ترابَ الأردنّ بدمائكم الطاهرة، ليبقى الوطنُ ينعُمُ بنِعَمِ: الإيمان والأمن والأمان؟. فلقد عجز القلم أن يوفِّيكُم جُزءًا من حقِّكم، بل.. إنّ الله وحده الذي يجازيكم بالرضا والرضوان، وربٍّ غفورٍ رحمن، وبالفردوس وواسع الجنان.
فلم يلبث دمُ العقيد عبدالرزاق الدلابيح أنْ يبرُد بعد ارتقائه شهيدًا، إلا وحُماة الوطن يتتبعون الذين يُخلّون بأمننا وأماننا، في حملة مداهمة لوكر ممن يعيثون في الأرض فسادًا، بفكر لا يمتّ للدين ولا للإنسانية بِصِلة، ويشاء الله تعالى، أن يرتقي ثلاثة شهداء من أبنائنا النبلاء، إلى الرفيق الأعلى مِن النبيين والصديقين والشهداء، فارتقى البطل النقيب غيث الرحاحلة، والبطل الملازم معتز النجادا والبطل العريف إبراهيم الشقارين. رحمهم الله تعالى بواسع رحمته، وتغمّدهم في الصالحين وألهم ذويهم بجميل الصبر وواسع الاحتساب.
فلقد كنتم صمّام أمانٍ للوطن، وحققتم لنا الشيء الكبير في نفوسنا، وشققتم لنا الطريق نورا بتضحياتكم، فنطقت الأرض بأسمائكم، وستتعلم الأجيال بطولاتكم في دروس لا تنسى.
ففي لحظة الفراق تنزل دمْعاتنا على أحبائنا وأبنائنا، ولكنها لا تلبث أن تتحوّل إلى أمل بالله تعالى، أن يجعل مواكب الشهداء في وطننا الحبيب، يرتقون إلى الفردوس الأعلى، فقد وفَّيْتم أيها الأبطال وكفَّيْتم، وبذلتم الدماء رخيصة لأجل هذا الوطن الذي يستحقّ من جميعا التضحيات، لكنّ الله اصطفاكم على حين محبة لكم يا من أحييتم فينا شيئا كثيرا.
أيها الأبطال العظماء: الدلابيح، الرحاحلة، النجادا والشقارين. سلام الله عليكم، ورضا ربّي عليكم، ورحمة ربّي عليكم، وموعدكم الجنّة، وصبرا لذويكم صبرا، صبرًا للوطن من بعدكم وعلى فراقكم صبرًا، وعزاؤنا لأهاليكم ولزملائكم وللوطن عموما، ومع التعازي نتذكر أنّ وعدَ اللهِ حقٌّ، وموعودَه صدقٌ.
أيها الأبطال وأنت تغادروننا بموكب الشهداء الذي التحقتم به، نقرأ آيات من كتاب ربّنا، فقد تنزلت البُشرى من عندِه سبحانه لكم يا معاشر الشهداء: ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171))). سورة: آل عمران.
أمّا نحن فعلى العهد من بعدكم، وإنّ الدعاء لكم موصولٌ، وسنبقى نتذكر بطولاتكم، فوالله ثمّ والله، إننا نستشعر أنّ الرصاصَ الذي تلقيتموه بصدوركم، أنّه حَـمَانا في حِمانا، وكنتم الترس الذي تلقى الضربة القاضية عن كلّ واحد منا.
لقد تعلمنا منكم أيها الشهداء.. أنّ الوطن عزيز، وأنّ التفافَنا حول بعضنا البعض هي النجاة الوحيدة، أمام البغاة والمتطرفين، والذين يريدون أن يهلكوا الحرثَ والنسل.
إنّ اتحادَنا هو واجب تجاه من بذل الأرواح لنبقى صفًّا واحدا، والوفاء للأبطال، أن نحقق مرادَهم مما ضحُّوا بأنفسهم لأجله.
أيها الشهداء.. لقد تفانيتم ولكنكم إلى دار البقاء ارتحلتم، وإلى جنات النعيم في حواصل الطير تتجولون، فهنيئا لكم شافعين مُشفَّعينَ مُشفِّعين. وأعظم الله أجر ذويكم، وألهمهم الصبر والسلوان.
وسيبقى الوطنُ عصيًّا على الأعداء والمتخاذلين، ما دام أنّ عندنا: الدلابيح والرحاحلة والنجادا والشقارين، ومن قبلهم أبطال وأبطال.. رحمة الله عليكم يا مواكب الشهداء.