منذ الوهلة الاولى التي سقط فيها نظري على عنوان المقال ، وأذا بالافكار تسبح في مخيلتي ، واخذت اناملي تتحرك لتجمع ما يجول في خاطري ، واستذكار ما وصل اليه الحال في الايام الماضية ، من حوادث وقتل وانتحار وضياع أُسر كامله ، لعدة أسباب واهمها الشعور بالوحدة بسبب بُعد الاهل عن ابنائهم وعدم التواصل معهم إلا من خلال التطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي.
نحن في زمان طريقنا مملوء بالذئاب المفترسة ، وصاحب الولاية في البيت يسير بمفرده ، الى أين؟ تيقظوا ايها الآباء ، لن يبقى شيء اسمه الاسرة، بيوتنا خالية من المشاعر ، وخالية من الحديث مع بعضنا البعض ، بيوتنا خالية من الاصوات والنقاشات ، والعتابات والمشاحنات ، بيوتنا خالية من الحب ومن المواساة ، بيت كل فرد فيه دولة مستقلة ،منعزلون عن بعضنا البعض ، ومتصلون بأشخاص آخرين خارج هذا البيت ، لا نعرفهم ولا يمتون الينا بأي صلة ولا قرابة .
تيقظوا فان بيوتكم اصبحت تشبه بيوت العنكبوت ، واهيه (ضعيفة) ، فالأب الذي كانت تجنمع حوله العائلة ، والام التي كانت تلملم البيت بحنانها ورحمتها ،تبدلت ادوارهم فأصبحوا مشغولين بالعالم الافتراضي ، ألى اين نسير ؟ تحول ابنائنا من مسؤولين الى متسولين ، يتسولون كلمة إعجاب من هنا وكلمة حلوه ومديحاً مزيفاً من هناك ، وتفاعلات على منشوراتهم على مواقع التواصل من ذاك وذاك.
في هذا الزمان اصبحنا نستجدي فيه الحنان من الغريب ، بعد ما بخلنا به على القريب ، الى أين نسير؟ الأب والام يراقبون كل العالم في مواقع التواصل الاجتماعي ، فأصبحوا لا يشاهدون منشوراً إلا ووضعوا بصمتهم عليه ، ولكنهم لا يعرفون ما يحدث في بيوتهم ، وهل لهم بصمه في سكينة بيوتهم وزرع الرحمة والمودة في ابنائهم ، يهتمون في كل مشاكل العالم ويحللون وينظرون الى كل الاحداث التي تحدث في الكون ، وهم لا يعلمون ماذا يحدث في بيوتهم ولا يستطيعون تحليل العوامل النفسية وما يعانون من ابنائهم داخل عالمهم الافتراضي.
الى اين نسير؟ آباء وأمهات يحزنهم أولئك الشباب الذين يكتبون نحن حزينون على مواقع التواصل ، وهم لا يعلمون أن ابنائهم غارقون بالحزن والوحدة ، يتاثرون لقصص وهمية يكتبها أُناس وهميون ، فيدخلون معهم في نقاشات من اجل حل مشاكلهم وما يمرون به من أزمات نفسية وهو لا يهتمون بازمات ابنائهم ، الى اين نسير ؟ الابناء معجبون بشخصيات افتراضية ، ويعتبرونهم قدوه لهم ، ويحترمونهم ويبادلونم الشكر على ما ينشروه ، ووالداهم اللذان تعبا من اجلهم لم يجد منهم كلمة شكر او مديح.
لماذا اصبحت حياتنا هكذا؟ لاننا اصبحنا نبحث عن رسالتنا خارج البيت ، نريد ان نؤدي رسالتنا خارج اسوار البيت ، مع البعيدين ، مع الغرباء ، مع من لا نعرفهم.
ما هو الحل وما هو العلاج؟ الحل هو ان نتيقن ان الرسالة الحقيقية هي التي بدات في البيت ، رسالتنا تبدأ من بيوتنا ، وفي بيوتنا ، ومع أهلنا ، لأنه عندما نعمل على اداء رسالتنا من البيت قبل الشارع ، ستنتهي اكثر مشاكلنا .