قبل عام من الان اعلن رئيس الوزراء آنذاك عون الخصاونة ان هناك لجنة تقوم بإعداد الصيغة النهائيّة لقانون من اين لك هذا لإقراره وها هو قد مرّ العام وذهب ذلك الرئيس وذهب رئيس بعده ولم يحصل شيئ كما مرت اثنان وعشرون عاما قبله منذ عام 1989 حين اعلن عن نيّة الحكومة إصدار قانون لمسائلة الموظفون في الدولة عن املاكهم النقدية والعينية .
ومنذ ذلك الحين شُكّلت حكومات عديدة ولم تفعل شيئا حيال ذلك سواء بقصد او غير قصد وخلال الثلاث وعشرون سنة نشط الفاسدون من موظفين ومسؤولين وغيرهم من اصحاب الضمائر الميّتة ونهبوا البلد وتركوها خاوية على عروشها فالغالبيّة العظمى من الشعب فقير وجوعان مهما تظاهر قسم منهم بالترف والبقية الباقية تلعب بالفلوس بلا شعور واحساس بوضع الوطن والمواطنين .
وإلاّ كيف نعلّل ان كثيرا من الموظفين واصحاب الرواتب المتوسطة اصبحوا اثرياء بينما كثير من المغتربين يعملون ويتعبون وما زالوا اسوأ وضعا من نظرائهم في الدولة الاردنيّة قد يجيب احدهم لأنهم اقل انتاجية او اميل الى الراحة من العمل واقول كلا لانهم غير ملوثين كغيرهم واذا كان راتب الموظفين قليلا فكيف استطاعوا تشييد العمارات وامتلاك الاراضي والسيّارات والمشاركة بمشاريع عمرانية وتجاريّة فهل كل ذلك من ابداعات ومبادرات وطبعا يوجد اُناس عملوا ثروة بكدهم وتعبهم بارك الهع لهم فيها ولم ينهبوا الوطن وموارده .
اما عن الطبقة الغنيّة من الفاسدين التي مصّت دمْ الشعب ونهبت خيراته وموارد الوطن خلال الثلاث وعشرين عاما فحدّث ولا حرجْ ،اولم يكن التشريع لو صدر في وقته لألجم الكثير من الفاسدين اولم يكن قد كنّا والوطن قد توقّينا شرور الفاسدين بدلا من النواح على حالنا وحال الوطن الان اين الامانة والايمان التي حلفها الوزراء امام الله وصاحب القرار ولم يلتزموا بها اين النواب ممثلي الشعب طيلة الثلاث وعشرون سنة او معظمها اين المدراء والامناء العامّون الذين اداروا عمل الوزارات والدوائر والمؤسّسات طيلة تلك الفترة نُحاسب من ونترك من بعد هذه المدّة الطويلة من السبب ومن المسبّب!!!!!!!!!!
ثلاث وعشرون عاما مرّت وعشرات الوزراء ورؤساء حكومات مرّوا على الدرب ولم يلتفت احد للشعب المسكين ومعظمهم التفت لجيبه وتحسين احواله فقط إلاّ من احسّ ولم يستطع فعل شيئ وحتّى هؤلاء يُؤثمون على سكوتهم اوليس الوطن وطنهم والمواطنون اليسوا اهاليهم ،هل تحجّم الفساد ليطال عدّة اسماء فقط لايثبُت تورّطهم في الغالب لعدم وجود ادلّة كافية وانتيجة يخرجوا من الحجز بكفالة حتى يتم الاعلان عن برائته لعدم كفاية الادلّة الموجبة للإتهام .
وما الفائدة من تشكيل هيئة لمكافحة الفساد ومحكمة دستوريّة عليا إذا كانت الدولة بكل إمكاناتها ودوائرها وشرطتها لا تتمكن من تثبيت التهمة على احد من الفاسدين الا تستطيع الدولة مسائلة احد كيف آل لك هذا وهي تعلم علم اليقين انّه ليس من حقّهاليست الجريمة حاصلة والمظلوم هو الشعب المسكين موجود إذن لا بدّ من وجود مجرم الا يجب على الاجهزة الامنية والجهات الرقابيّة من ايجاد المجرم .
وكمثال على ذلك الفساد المؤسسي بعض الدوائر التي لا تنهي النزاعات بين الناس والتي تُشجع بشكل غير مباشر على عدم العدل والمساواة بل وتشجع وبشكل غير مباشر ايضا ان القوي بالمال والمعارف يأكل حق الضعيف ومن تلك الدوائر دائرة الاراضي والمساحة والمؤسسات المعنية بالعقارات والمياه والكهرباء والارث والطلاق والزواج والخلع والنفقة ورعاية الاطفال والايتام ومجهولوا النسب وغير ذلك الكثير فاين هي سلطة الدولة وقوانين وتعليمات الحكومة الناظمة لحل المشاكل بين الناس ليتعايش الناس بطريقة سلميّه تظلّلها الالفة والمحبّة واحيانا ترغب دائرة ما بإثارة النزاعات بين الناس لتغطّي على اخطائها .
وهكذا وحتى اليوم لم يصدر قانون من اين لك هذا او كيف آل لك هذا وليس من المتوقّع صدوره قريبا وحتى وان صدر قانونا بعد حين فانه سيكون للفقراء وهو لماذا انت حتى الآن غير فاسد او على الاقل لماذا انت فقير حتى الان .
اذا لم تكن العدالة والمساواة وشرف المهنة ليست من اولويات حكوماتنا فاين هي الاولويات وإذا كنّا سنحمّل المجلس النيابي السابع عشر كل تلك المسؤوليات في الاصلاح لماذا لا نقوم بمحاسبة الحكومات والمجالس البرلمانية السابقة على القرارات الخاطئة ومنها عدم اصدار القوانين المنظّمة لسلوكيّاتنا حتّى الان .
الا يكفينا طبطبة على الفاسدين واعوانهم الذين افقرونا وسبّبوا لنا المصاعب في العيش بكرامة .
الا يمكن للفاسدين ان يصحوا مما هم فيه والا يكفي الحكومة والمسؤولين توجيهات جلالة الملك في جميع كتب التكليف السامي للحكومات جميعها باجتثاث الفساد ولا مُجيب حتّى الان .
هل عجزت النشميّات الاردنيّات عن ولادة ابناء شرفاء مخلصين لوطنهم ومواطنيهم كلاّ والف كلاّ فهناك الكثير من الشرفاء الصادقين في انتمائهم ولكنّهم لسوء حظ الوطن واهله لا يوجد لهم معارف من اهل السلطة فهم معنيّون ببناء وطن اعزْ من جمع المال وتحقيق مكاسب شخصيّة فهؤلاء لم ولن ولا يمكن ان يصلوا للمشاركة في صنع القرار الافضل للوطن لا عن طريق الانتخابات ولا غيرها بل سيبقى العامّة يُعانون والفاسدون مُستفيدون {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }اصدق الله العظيم