من خلال المتابعات ورصد بعض المؤشرات نستطيع ان نصل الى حقيقة مفادها بان الرئيس بوتين ومطبخة السياسي والاقتصادي قد خططوا بالتجهيز لهذه المعركةمنذ فترة غير وجيزة ، ومما تجدر الاشارة اليه هو التوافق الغير معلن الروسي الصيني على هامش حضور الرئيس بوتين احتفالية الالعاب الاولمبية في بيجين في 4 شباط / فبراير 2021 ، وهذا لا يعني ان الاتفاق الروسي الصيني وليد اشهر بل هو منذ فترة تمتد الى 20 سنة سابقة فقد وُضع الحجرُ الأساسُ للعلاقات الروسية - الصينية في 5 آذار / مارس 1992، عندما جرى التوقيع على اتفاقية العلاقات التجارية والاقتصادية، والتي شكّلت الأساس القانوني للتعاون بين البلدين. و ما بين عامَي 1992 و1999، وقّع الجانبان على حوالى 100 وثيقة مختلفة تتناول بالتفصيل الصلات الاقتصادية، قبل أن تشهد بداية الألفية الثانية نموّاً واضحاً في تلك العلاقات، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين عامَي 2000 و2009 إلى أكثر من 55.9 مليار دولار أميركي،وتُعدّ الصين أكبر شريك تجاري لروسيا، سواءً من حيث الصادرات أو الواردات، وهذا ما يُعدّ دليلاً إضافياً على حجم التعاون لكلتا الدولتين ، ولبيان مدى الانخراط الروسي الصيني في العلاقات التجارية والتنسيق المشترك بينهما نلقي الضوء على بعض المؤشرات التي يمكن الاستدلال بها على مدى التقارب الروسي الصيني وهى على سبيل المثال ليس للحصر ابتداءً:
1. بلغ نمو التبادل التجاري بين روسيا والصين خلال عام 2021 نسبة 35.8 % بما قيمتة 146.88 مليار دولار أمريكي.
2. ارتفعت الصادرات الصينية إلى روسيا خلال الفترة المشمولة بالتقرير بنسبة 33.8 % على أساس سنوي حيث بلغت 67.565 مليار دولار، وزادت الواردات من روسيا إلى الصين بنسبة 37.5 % لتبلغ 37.5 مليار دولار.
3. بلغت التجارة بين روسيا والصين في شهر كانون الاول/ ديسمبر 2021، 16.44 مليار دولار، وبلغت الصادرات من الصين إلى روسيا 8.136 مليار دولار، والواردات من روسيا إلى الصين 8.306 مليار دولار.
4. قفز التبادل التجاري بين البلدين من 4.87 مليار دولار في العام 1995 الى 105 دولار في العام 2019 ومن المتوقع ان يصل الى 200 مليار دولار خلال الاعوام 2022 – 2024.
5. منذ العام 2021 تذهب 9.8 % من الصادرات الزراعية الروسية الى الصين.
6. وقعت شركة "سويوز فوستوك" لأنابيب الغاز الخاصّة وشركة غازبروم"، اتفاقية لتنفيذ أعمال التصميم والمسح كجزء من بناء خط أنابيب الغاز الذي سيمتدّ من روسيا إلى الصين عبر منغوليا. والكمّية تعادل حجم الغاز الطبيعي الذي تضخه روسيا إلى ألمانيا، أي نحو 50 مليار متر مكعّب من الغاز سنوياً وسيسمح هذا المشروع بإمداد ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنوياً إلى الصين، حيث ستكون شركة "سويوز فوستوك" في منغوليا استمراراً لخط أنابيب الغاز الروسي "باور أوف سيبيريا 2".
صفوة القول ... لم تؤتِ الإستراتيجية الروسية في أوكرانيا أُكلها بحل سياسي مقبول، فبعد حملة انتخابية أبدى فيها رئيس أوكرانيا "فولوديمِر زِلِنسكي" انفتاحا على الحوار مع روسيا، غير انه قلب الطاولة على إمكانية التوصُّل إلى حل مع روسيا قبل عام بشكل وبدَّد آمال روسيا بأن تُحقِّق أهدافها بواسطة الدبلوماسية .. هذا ووصلت المحادثات بين روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا إلى طريق مسدود (اتفاق النورماندي)، ولم تعُد موسكو ترى سبيلا للفكاك من العقوبات الغربية، ومن ثمَّ تبعثرت الجهود السياسية والدبلوماسية في هذا الصدد، في حين تعلم موسكو علم اليقين بأنها نالت مرادها سابقا حين سلكت مسلك القوة، الامر الذي اوعز فيه بوتين بوضع سلاح الردع النووي الروسي على الطاولة وكما قلت في مقال سابق لقد وضع بوتين استراتيجة مكبر الصوت من اوكرانيا ... الايام حبلى بالمفاجآت..