يحاول البعض ممن لا يخفون مناصبتهم العداء لجهاز مخابراتنا التشكيك بتفاصيل عملية إلقاء القبض على ما يسمى مجموعة (9-11) السلفية. كما يحاولوا التقليل من أهميتها من خلال ابتداع روايات اتهامية للمخابرات تسطح الجهد المخابراتي المتواصل والدؤوب لهذا الجهاز الأمني الساهر على مدار الساعة للتأكد من أن الأمن مصان والوطن آمن والإستقرار مكفول والعابثون مراقبون ومتابعون ولا تغفل عنهم عيون الساهرين.
وكل ذلك يصدر من رجال جهاز مخابرات أقر له القريب والبعيد كمؤسسة قائمة على الإحتراف والمهنية والتحديث ومدرب ومزود علميا بأرقى الأساليب المخابراتية التي جعلت منه مدرسة بهذا الشأن تسجل النجاح تلو الآخر مما يجعله سبب افتخار للأردنيين.
ووطن مستهدف كالأردن أحوج ما يكون لجهاز ذو جاهزية لاستشعار مكامن الخطر وقراءة الخريطة الديموغرافية المتعددة المشارب وتفسير الأصوات التي تتعالى دون ورع ظانة أن الوقت قد حان للمجاهرة بحقن سمومها والكشف عن أهدافها التي نراها تصطدم وتتبعثر بفعل الساهرين الذين نفاخر بهم.
لقد اعترف قادة السلفيين أن هذه المجموعة تنتمي إلى ما يسمى بالسلفيين الجهاديين وهم تيار يفسر الجهاد على طريقته التي تبيح قتل الأبرياء وزعزعة الأمن والعمل على تقويض الدولة والنظام منطلقين من إيمانهم بسلفيتهم المتطرفة التي لا تترك مجالا للتوافق مع الأخر وترفض سبل التلاقي والحوار الهادف للوصول لحلول وسط.
التشدد ديدنهم والتطرف عقيدتهم والقتل سبيلهم وتكفير الآخرين من خارج دائرتهم غطاءا يلتحف به فكرهم ونهجهم متخذين من تفسيرهم القائم على الغلوّ لسلوك وفكر السلف الصالح عمادا مرتكزين عليه مشوهين جوهر ذلك السلف القائم على الإعتدال والوسطية والتيسير والتسهيل للأمة.
فما كان منهم إلا أن لجأوا للتطرف والتصلب والتعقيد وانتهاج القسوة المنفرة بأحكامهم وقولبة الإسلام بشرنقات قائمة على التحريم حتى صار فكرهم منحصر طابعه رؤية "الأخطاء" البسيطة والنبش حولها مثل إطلاق اللحية ولبس الثوب القصير وإلغاء اليد اليسرى واعتبار المرأة مخلوقة للمتعة والتفريخ وغيرها من الأمور التي ينظر لها الدين القائم على المنطق البشري والإعتدال الإلهي نظرة مختلفة.
كما أن سلوكياتهم وطرحهم وأدبياتهم تتمحور حول فكرة إقصاء غير السلفيين حيث مصيرهم لجهنم لا محالة،
وهذا النهج العدائي والمستعدي يشمل كل من لا يؤمن بفكرهم ونهجهم معتبرين الجميع أعداءا لهم يتحتم عليهم مقاتلتهم والخلاص منهم ولذلك وانطلاقا من هذا الفهم الخاطىء فهم لا يتورعون ولا يترددون بالقتل أينما وجدوا الفرصة سانحة فمن يُقتل فهو باعتقادهم مستوجب ومستوفي لشروط الكفر أو الإرتداد.
ولذلك ينظرون للقوات المسلحة وأجهزة الأمن وفي مقدمتها جهاز المخابرات أنهم عون وذراع للنظام المرفوض من قبل عقيدتهم لذلك يطلبون الأجر والثواب ودخول الجنة بتعبيد الطريق بقتل من يخرج على سلفيتهم،
والمخابرات عندما تقوم بواجبها المقدس ذودا عن الوطن لقطع الطريق على أمثال هؤلاء الذين بدأوا ينتفخون بوهمهم سعيا لقتل الوطن وأمنه ، يتم وصفهم بالقمعيين وداخلي البيوت دون إستئذان ناسبين ما يقوم به جهاز المخابرات خدمة للعدو وبوحي من العدو الصهيوني وكأنهم يذهبون بطرحهم هذا بعدمية جهاز المخابرات ولا هم له إلا خدمة إسرائيل وهي التي تحسب ألف حساب له وكأن الأردن ليس وطنا يحتاج لمثل هذا الجهاز ليبقى حاضرا لإجهاض تنفيذ ما من شأنه العبث بأمننا وتعكير صفونا وزعزة استقرارنا .
ولرجال المخابرات التحية والتقدير والشكر موصول لهم مهنئين أنفسنا نحن الغيارى على وجود جهاز مخابرات ساهر يقظ ذو كفاءة عالية لا يدع مجالا للمخربين أن يقطفوا ثمار تخطيطهم التخريبي. ومن أجل الأردن الوطن كلنا مخابرات وكلنا رجال أمن ورجال درك وكلنا سيوف مسلطة على رقاب من ينطلقون من التخشب الديني والتصلب الفكري والتحجر الإجتماعي لخلق جو من التصادم يستنسخوه من بقايا أحقاد ما زالت قابعة بأعشاش ومخابئ تتغذى على الكراهية التي قادتنا مكرهين إلى الإشتباك المسلح في العام 1970.
إشتباك دُفعنا له دفعا من أجل البقاء للإجابة على سؤال هل يبقى الأردن أو لا يبقى؟،وبقي الأردن وسيبقى محميا مصانا بمهج أبنائه الغيارى جنبا إلى جنب مع النشامى الساهرين،وهي أحداث صارت من الماضي الذي لا نتمنى عودته كما تحاول هذه الزمره وغيرها من القريبين منها فكرا ونهجا وتربية.
أحداث نتذكرها ونذكرها بمرارة لغياب الحكمة وحلول مفهوم الغاية تبرر الوسيلة محل التعقل والتوقف عند الواقع،وهذا بالإضافة لصراخ من أهلكونا بقوميتهم وتقدميتهم من خلال إعلامهم المسيطرعلى القاريء العربي آنذاك،فذاك الماضي مدعاة لأخذ العبرة وهضمها والخروج بنهج متعقل يقود لمصلحة الأردن الوطن حتى لا نندم بوقت لا يفيد به الندم.
لا عودة للماضي وفتح الجراح التي آلمتنا جميعا لكن كلما ابتعدنا عنها نتفاجأ أن هناك من يذكي نارها مرة باللعب على وترالمواطنة المنقوصة الحقوق (المعفاة من الواجبات) وأخرى بالأرقام الوطنية "المسحوبة" وثالثة بالإستقواء ورابعة بالتشكيك بكل ما يصدر عن الدولة.
سيبقى الأردن بالغيارى سورا تتحطم عنده كل تمنيات ومحاولات التعالي والإستقواء وأوهام الواهمين ،فليكن نهجكم سلمي ومطالبكم تصحيحية وأدواتكم حوارية مبتعديين عن فرض الإرادة الزائفة بالعنف والقتل والتضليل ودغدغة العواطف....وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن . والله من واء القصد .
[email protected]