جراءة نيوز - رأفت قبيلات يكتب ..
قبل قليل، كنت انتظر صديقاً بالقرب من فندق الأماكن ( صويلح)... وعندما وصل، ترجلت من السيارة، وذهبت بإتجاهه وعلى أعتاب فندق ( ريو الأردن) كانَ يفترش درجته الأخيرة شاب في بدايةِ العشرين من العمر، يرتدي تي شيرت برتقالي، وبنطلون جينز أزرق.. وجهه ينقط خجلاً، وتعباً، وقلبه يأز وَ يئن، هو لا ينبض، هو يمارِسُ هواية الإنكار،والإنكسار...والخِذلان.
لم أنتبه له للوهلة الأولى حتى بادرني بجملة :"عمي معك رصيد ع زين؟! بدي أرن ع أمي".... لم تثرني كلمة عمي، وأن الكِبَر بَلَغ مني ما بلغ، لم أُعِر كلمة عمي أي إهتمام، رُغم انها تُنذِرُ بأن من يرانا يَعلَمُ حجمَ الخيباتِ والخِذلان والتعب الذي يتشكلُ على هيئَتِي... أعطيتُهُ هاتِفي دون تردد...
هو: الو
الام: اه يا محمد
هو: يما شفتي شو عمل عمي؟! يما انا من الساعة 2 بالشارع، يما خلصت شغل وروحت من وسط البلد لصويلح مشي
الام: يما خليك مع عمك، عمك اكيد بده مصلحتك
هو: يما ما اكلت، يما عمي كل يوم هيك يعمل، انا اظل بالشارع للساعة 2 بالليل، يما مشان الله انا تعبان
*انا بيني وبيني: ااااااااااااااااه يا ربي، يااااااااااه شو نفسي أحكي هالكلمتين لأمي، شو نفسي أرتمي بحضنها وأبكي كطفل لم يبلغ سن الفطام.
الام: يما برضاي عليك، اخوانك وانا نستنى بالراتب اللي يعطيك اياه عمك، يما تحمل
هو: حاضر يما، اهم شي رضاكِ
*انا بيني وبيني: يا الله، يا رب، يا الله ليش حطيتني بهيك موقف؟! يا رب انا مكسور، قلبي يبكي يا الله، يا رب اذا إنتحرت عادي؟! معقول ألاقي تعويض عن خيباتي اذا إجيتك؟!
أعاد لي هاتفي، وطلب سيجارة، وأنا أنفذ ما يطلب دون أي كلمة.
الحياة أبسط من كسرة قلب، و دمعة عين... لا تظلموا الصامتين، المحبين، لا تتجبروا على من جارت عليهم أزمانهم، لا تتجبروا على من يهبكم حباً بلا مقابل، يهبكم إبتسامَةً كل يوم، مَن يستميتُ دفاعاً عنكم ان أصابتكم نسمة هواء فقط، لا تتجبروا على من ينثرُ الحب في سمائكم دون أدنى مقابل.
لم أتمم موعدي، غادرتُ بجسدي الهزيل، أجرُ خلفي أذيال خيبةٍ لا تَنضَبْ، ذكرتُ سابقاً بأنني هُلامِي في جسدٍ نحيل، وحقاً انا كذلك.
أَتَعلَمون؟! جميلَةٌ هِي الأُم، فَبالرُّغمِ مِنَ تَكالُبِ السُحُبِ الرُكامِية، الا أَنَّكَ تَجِدُ مكاناً تبيتُ فيهِ ليلَتَكْ