على مدى الشهور التي مرت، وارتدت فيها البلاد حلة الربيع العربي، اكتسب يوم الجمعة من كل أسبوع خصوصية إحياء متجدد للمسيرات المطالبة بالإصلاح، ومحاربة الفساد، والمحاولة الدائبة على ثني الحكومة عن اتخاذ أي قرارات ممكن أن تنعكس آثارها على مستويات المعيشة للمواطنين، ولا ينكر احد أن هذه المسيرات استطاعت أن تحقق نتائج مرضية لفئات الشعب المختلفة.
إلا أن مسيرة 5 / 10، والتي حشدت لها جماعة الإخوان، وعدد من الأحزاب السياسية والفعاليات الشعبية، كل طاقاتها للوصول إلى اكبر عدد ممكن من المشاركين، لم ترق للحكومة، ولرعاة الإعلام الرسمي، التي تصب أفكارهم ووجهة نظرهم في التشكيك بحسن النوايا لمنظمي هذه المسيرة، وإظهارهم بأنهم دعاة فتنه وتفرقة بين أبناء الأردن، وكأن الأمر يعني أن كثرة المشاركين العددية، تعني خطر عظيم لا يمكن تفادي تبعاته ونتائجه في أيام الجمع اللاحقة.
فاستطاع الإعلام الرسمي سواء كان بالصحف، التي أصبحت المواقع الالكترونية أكثر موضوعية وحياديه منها، لكونها خارج قبضة الحكومة، أو كانت الهجمة بالإعلام المسموع، من خلال القنوات التلفزيونية، أو الإذاعات، ومن خلال برامجها المشهورة، التي جُندت لمحاولة الترهيب من المشاركة في مسيرة الجمعة، وإظهار المسيرة بأنها تهدف لتحقيق أجندة خارجية بأيدي أردنية، والتي اخذ الحماس بمقدمي البرامج في تلك القنوات والإذاعات إلى أن يكونوا قضاة يحكمون بلا حكمة.
واستخدموا الأداة الإعلامية المتاحة لهم كسلاح للطعن بوطنية دعاة مسيرة الجمعة، وصناعة أجواء من الكراهية لهم، وتحريض المواطنين عليهم، من خلال فوضى إعلامية عارمة، أطلق فيها العنان للسادة الإعلاميون الذين زايدوا على الناس بالوطنية، فاخذوا يعيبون الناس بما هو عيب فيهم، بعد فرط الحماس لديهم وإسهابهم في ذم الناس وتحقيرهم، متجاهلين أن المواطن مشحون بالكراهية للسياسات الحكومية، وانه أصبح يفقد الثقة بكل المسئولين والساسة والرموز، بل وان المواطن يعي جيدا أن التصفيق والتسحيج كلام فارغ لن يأتي بخير على احد.
نحن نطلب من السادة الإعلاميون في كل مواقعهم، عدم نشر الكراهية والفوضى بين الناس، بل ندعوهم للقيام بواجبهم الفعلي، وهو نشر التوعية والتثقيف للجميع، ومعالجة الأمور بالموضوعية والحكمة، وانتهاج الحياد، فانتم في مقام عام لخدمة العامة، وإذا أراد أحدكم التعبير عن رأيه الشخصي فلا مانع.
ولكن ليس على وسائل إعلام العامة، لأن استغلال الوسائل العامة للأغراض الشخصية، ضرب من ضروب الفساد الذي يجب محاربته، فأيها السادة الإعلاميون الذين فقدتم حياديتكم، لا تعروا الناس وتنثرون بذور الكراهية بينهم، لان أول قطاف عملكم وحصاده سيكون فقدكم لمصداقيتكم، وهيهات النجاح لإعلامي فقد مصداقيته بين جمهوره ومحبيه، فالرجاء لكم ومنكم بالتوقف عن صناعة الفوضى، ونشر الكراهية بين أبناء الوطن، وعودوا لمهنيتكم وحافظوا على مصداقيتكم التي بدأت تنفذ أرصدتها منكم وانتم لا تشعرون.
[email protected]