يبدو أن الرئيس المصري محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة ، ومن قبلهما حركة الإخوان المسلمين قد فهموا أخيراً أصول وقواعد التعامل مع الوضع الفلسطيني القائم !،فالقاعدة الصحيحة التي لا تحتمل الجدل الطويل ،أن الشرعية الفلسطينية خط أحمر ،وان لا شئ قد يحدث في غزة والتي هي جزء من فلسطين وهذا الانقسام مازال قائماً ، يعصف بأحلامنا التي خططنا وضحينا لأجلها بالغالي والرخيص ،،
تلك اذن هي أصول السياسة ومنطق الأمور لمن يريد الفهم والابتعاد عن منظومة التصرفات المنفردة والتي من شأنها تعميق وترسيخ الانقسام البغيض !! ،فحين نريد المنطق ونريد الديمقراطية والشرعية والدين ، يجب ان نعلم ان القاعدة الوطنية التي يجب ان يحافظ عليها الجميع هي ان للسلطة الوطنية الفلسطينية رأساً واحده وهي منظمة التحرير الفلسطينية وهي بلا منازع ، الممثل الشرعي والوحيد لهذه الشعب بالداخل والخارج وقد أعترف بها العالم بآسره ويتعامل معها على هذا الأساس منذ عشرات السنين ……
ومن أراد ان يكون بديلاً فليسأل من سبقوه وكيف أنهم فشلوا وحصدوا خيبة الأمل ونبذهم شعبنا !،ويأتي الموقف المصري الأخير من صد محاولة تقسيم السلطة والاعتراف بطرف آخر غير السلطة الشرعية بقيادة الأخ أبو مازن، حدث في المسار العقلاني ولو جاء متأخراً بعدما لاحت في الأفق البلبلة والأحلام والأوهام !
فالحق لا بد أن يتبع ولو بعد حين ، فالرئيس أبو مازن لم يهطل علينا من السماء في ليلة شتاء ماطرة ،أو عبر دولة عظمى فرضته على شعبنا من فوق دبابة ، بل هو رجل استحق وبجدارة إن يقود هذا الشعب عبر انتخابات ديمقراطية شهد لها العالم بآسره ، بالنزاهة والشفافية وكذلك أعترف بها العدو قبل الصديق ،، ولهذا كان من المنطقي ان يكون رد المصريين ان غزة ليست كل فلسطين فأذهبوا للمصالحة أولاً ومن ثم ، تستطيعوا بعدها ، ان تأتوا الى كرومنا وتنالوا ما شئتم من العنب !!
فلا أحدا يكره ان يفك الحصار عن غزة وان تصبح سنغافورة الشرق الأوسط وان تزدهر بها التجارة مع العالم الخارجي، وان تقام فيها الموانئ والمناطق التجارية المشتركة مع العظيمة مصر ، ولكن الأولى قبل التفكير بشراء السمن والعسل ان نعمل على ترتيب بيتنا الداخلي حتى لا يصبح مذاق السمن بصلاً والعسل أسوداً !
لقد كانت السياسة المصرية تجاه غزة واضحة ومنذ زمن بعيد حتى في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك ، وقد دعمت وأشرفت على غالبية الحوارات الفلسطينية وكانت شريك وشاهد عيان على عدد من الاتفاقيات والتفاهمات وما اللجان الفلسطينية والانتخابات، التي توقفت أعمالها كما هو الحال في كل أوضاعنا ، إلا تتويجاً لهذه السياسة.
ولكن ومع الأسف أصدمت بالواقع الغريب والمستهجن ، عند التنفيذ على الأرض وخاصة حين أعطيت الأولوية للمصالح الفئوية والشخصية !!،وهنا دعونا نسأل : أيهما أهم لشعبنا ، استعادة الوحدة الوطنية والإسراع في لم الشمل وترك صناديق الانتخابات لتقول قولتها ولتحدد من الأصلح لقيادة شعبنا في المرحلة القادمة ، أم البحث عن أنشاء منطقة حرة مضمونها الجوهري إلحاق غزة بمصر وللأبد وحذف فلسطين من خارطة العالم، وبالتالي توفير المناخ اللازم الذي من شأنه تحقيق المشروع القديم القاضي بمنح إسرائيل براءة ذمة عن كونها محتلً غاصب ؟!،نظن ان الإجابة على هذا السؤال في قوله تعالى : ) إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) (الرعد : 11 (