تعليق وتقديم:
التعليق: العنوان مستوحى من مقال باللغة الإنجليزية منشور في موقع جريدة الجروزاليم بوست الإلكترونية لكاتبه( يورام دوري) Yoram Dori** بتاريخ 20/09/2012،يحاول الكاتب عقد مقارنة بين اليهود القادمين طوعا لفلسطين من دول متعددة وخصوصا العربية منها وبين اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا قسرا إلى الدول العربية قادمين من فلسطين.
ويحاول الكاتب إقناع القارئ بتماثل الحالتين حيث يشيرلليهود القادمين من بعض الدول العربية والذين اضطروا لترك أملاكهم والعيش بإسرائيل أنهم لا يعتبروا أنفسهم أجبروا على المغادرة بل عادوا لوطنهم الأم.
ويتغافل الكاتب عن أن الفلسطينيين قد أجبروا على اللجوء هربا من هول الحروب والتنكيل واحتلال أرضهم وهدم بيوتهم ومصادرة أملاكهم،وهذا الإغفال هدفه إثبات تشابه الحالتين الفلسطينية واليهودية بغية الوصول لعدم شرعية وقانونية مطالبة الفلسطينيين بحق العودة وحق التعويض،ويستند بذلك على مغادرتهم لأوطانهم طوعا وتفضيلا ولم يجبروا على المغادرة عن وطنهم كما يزعم بل غادروا أرضا لم تكن وطنا لهم.
الكاتب ينظر للحالتين ويقيمهما بعين اليهودي الصهيوني الجشع والمتشدد الذي لا يرى إلا يهوديته وإسرائيليته ولا يقبل بغيرهما،نظرة تقوم على التصلب والتعنت الذي يؤدي لترويج ادعاءاتهم ومزاعمهم وإقناع من لم يقرأون التاريخ بحقهم المزعوم بفلسطين،وذلك يستوجب الرد والتوضيح المتواصلين من أصحاب الرأي والكتاب والباحثين ودارسي التاريخ والباحثين عن الحق والحقيقة،فاليهود وخصوصا الصهاينة منهم لايألوا جهدا ولا يدعوا فرصة لإثبات أحقيتهم بفلسطين ونفي تلك الأحقية عن الفلسطينيين.
فهل يا ترى جهدنا وكتبنا وطرحنا ونهجنا ومالنا وبترولنا قد وُظفت جيدا لتخدم مطالبتنا بحقنا؟؟ ،هل ما يبذل من جهد يرقى لما يبذله اليهود من جهد وهم ليسوا أصحاب حق؟؟
التاريخ بأحداثه ومجرياته قد سجل أن الفلسطينيين قد هُجّروا قسرا ولجأوا إلى الدول العربية نتيجة الظروف التي دفعتهم للنجاة بحياتهم،أما اليهود فلم يمارس عليهم من قبل الدول العربية التي كانوا يقطنوها أي نوع من الإكراه أو التهجير إذ إسلامنا لا يشجعنا على ذلك بل جاؤا محتلين للأوطان وطاردين للسكان الأصليين.
المقارنة تفتقر للموضوعية والمصداقية والإنصاف في تناول الظروف المختلفة للحالتين حيث من السهل أن تنطلي على القراء في العالم الذين لا يتيسر لهم بالمقابل ما يدحض مثل هذه الأكاذيب وهذا التزوير الذي يمكن أن يضعف موقفنا ويجعل الوقت ليس بصالحنا.
وفي خضم افتراءاته وإنكاره حق التعويض على الطرفين زعما منه أنهما يتماثلان من حيث الظروف, يدعو الكاتب لاستثمار الطاقات والعقول لتحقيق السلام،ويحمّل المؤسسات الإسرائيلية خطأ مخزيا مفاده تسمية المهاجرين اليهود من الدول العربية باللاجئين مما يجعل العالم والقانون الدولي يعطيانهم حق العودة من حيث قدموا كما الفلسطينيين ويغادروا "وطنهم" وهو الأمر الذي يرفضه بشدة كما جاء في مقاله.
ويأكد أن تسمية اليهود باللاجئين مخالف للصهيونية ومن شأنه ان يعطي الذريعة لمتطرفي العالم العربي بالمطالبة بعودة كافة المهاجرين لأوطانهم،وينتهي الكاتب (يورام دوري) Yoram Dori** بالتأكيد على أن إسرائيل هي وطن كل يهودي بالعالم ولا يوجد لاجئون يهود بل يهود يمارسون حقهم بالعودة لوطنهم (إسرائيل).
نص ترجمة المقال:
مسألة اللاجئين اليهود
في الأيام الأخيرة تعرضت كالكثير من الآخرين إلى حملة وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي والتي عنوانها: "إعادة (تعويض) ملكية اللاجئين اليهود من الدول العربية".
القصد, حسب محرري الحملة الدولية, هو المقارنة بعيون الرأي العام العالمي بين فقدان أملاك اللاجئين الفلسطينيين بفقدان(أملاك) اللاجئين اليهود الذين أجبروا على مغادرة الدول العربية وقدموا إلى إسرائيل. لنقارن الخسائر والتكاليف.
بعد أن قرأت عن الصراع المتعلق بـ " اللاجئين اليهود من الدول العربية" الذين يعيشون بإسرائيل, بان لي الأمر مستغربا. ولذلك قمت بالبحث بالإنترنت عن معنى كلمة " لاجئ ".
في الماضي, اعتدت على فتح قاموس Even-Shoshan Dictionary, لكن الآن الأمر أكثر بساطة. ما عليك إلا البحث عن طريق Google لتجد ما تبحث عنه.
بحثت في (موسوعة) Wikipedia وقاموس Babylon Dictionary ووجدت نفس التعريف بهما وببقية المصادر. اللاجئ هو شخص أجبر على الفرار من وطنه, من دولته ومن أرضه. أولئك الذين تم إجلاؤهم قسرا من أرضهم هم لاجؤون أيضا حسب التعريف. وهذا أيضا تعريف الأمم المتحدة للاجئ.
أنعشت ذاكرتي محاولا استدراك ما إذا كان أشخاص مثل موشي شاحال وزير الخزانة السابق, وعضو الكنيست السابق وزير الدفاع بنيامين (فؤاد) بن إليعيزر أو عائلة صديقي العزيز يوسي شيم- توف, قد أجبروا على مغادرة وطنهم العراق. هل هؤلاء وكثير غيرهم قد دُفعوا من أرضهم ودولتهم؟؟ هل حلوا بدولة أجنبية وكان عليهم العيش بها؟؟
قلت لنفسي, ممكن أن يكون ذلك صحيحا بالنسبة للذين كان عليهم مغادرة سوريا. منذ يومين استمعت لمحاضرة مثيرة للإهتمام لـ جاكلين آسيس- تيرجمان حول كيف هي وعائلتها فروا من حلب (سوريا) في الستينيات. مع أنهم كان عليهم ترك أملاكهم هناك, لكنهم لم يروا أنفسهم قد أجبروا على مغادرة وطنهم. وعلى العكس تماما, كانوا راغبين بترك كل شيء لكي يصلوا لوطنهم. وذلك ينطبق على اليهود من مصر ولبنان وتونس والمغرب والجزائر والأقطار الأخرى.
لم أعرف يهوديا واحدا ممن يعيشون في إسرائيل لم يعتبر سابقا أو حاليا أن إسرائيل هي وطنه الحقيقي. لا أحد يعتبر نفسه لاجئا هنا. الهجرة إلى إسرائيل هي تحقيق لحلم العودة إلى ارض الوطن. وهي ليست تخليا قسريا عن ارض الوطن.
هل هناك سبب للمطالبة بالتعويض عن الأملاك التي تركت قسرا – ربما؟؟ هل من المعقول تقديم تعويض مساوي يتماشى مع طلب التعويض للفلسطينيين - ممكن؟؟ لست متأكدا من أنهم يستحقون ذلك التعويض. أعتقد من الأفضل استثمار الطاقة والعقل في محاولة تحقيق السلام.
إن مؤسسات دولة إسرائيل التي تسمي المهاجرين إلى دولة إسرائيل من الأقطار العربية باللاجئين, قد ارتكبت خطأ مخزيا. وهذا مخالف للصهيونية ويمكن أيضا وعن طريق السهو أن يعطي تأكيدا مجددا للموقف الغبي للمتطرفين في العالم العربي الذين يجادلون بلزوم عودة كل المهاجرين لبلدانهم الأصلية لأن إسرائيل ليست دولتهم وليست وطنهم.
أصدقائي في الدوائر الحكومية تذكروا: كل يهودي في العالم له وطن واحد فقط – إسرائيل. منذ تأسيسها, لا يوجد ولن يوجد لاجئون يهود في العالم, (يوجد) فقط يهود يستخدمون حقهم في العودة لوطنهم.
** الكاتب عمل لسنوات عديدة ناطقا باسم المنظمة الدولية لتعويض (إعادة) اليهود.
[email protected]