لجوء الاشقاء السوريين الى الاردن يفرض تحديات كبيرة سياسيا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا وانسانيا في ظل نقص الموارد وعدم كفاية المساعدات العربية والدولية لاغاثة اللاجئين، وحسب وزير الداخلية فان عددهم يناهز الـ 200 الف، وهذا العدد مرشح للزيادة في ضوء تعقيدات الاوضاع في سورية، وهذا العدد يضاف الى نحو مليون وافد من دول عربية ليضع مؤشرات البلاد المالية والاقتصادية في حالة حرجة اولا، ويضعف قدرة الجهات المعنية في توفير الخدمات الاساسية من مياه وطاقة واغذية ثانيا، وهذا الوضع يحتاج الى اجراءات عاجلة حتى لانصل الى مستويات شديدة الصعوبة في مرحلة يكافح فيها الاقتصاد الاردني والمواطنون للخروج من عنق الزجاجة التي طال امد الافلات منها.
الشغب الذي حصل مساء اول من امس في مخيم الزعتري هو بمثابة لمبة حمراء امام الجميع، فالتعامل المرن لرجال قوات ورجال الامن الدرك يؤكد ان الاردن يحرص اشد الحرص على تفهم الظروف النفسية والانسانية التي يعيشها الاشقاء اللاجئون، الا ان هذا الامر اذا تكرر واتسع نطاقه فان الاردن سيجد نفسه امام امرين احلاهما مر، وكما قال المثل العربي ان العين بصيرة واليد قصيرة، وان الاردن لم يقصر يوما مع اي من الاشقاء العرب، حيث فتح الاردنيون ابوابهم وقلوبهم امام الاشقاء، وان وجود نحو 1.2 مليون وافد ولاجئ للاردن يؤكد ذلك بالرغم من صعوبة الظروف التي نعيشها.
اي قراءة لتفاصيل فاتورة المستوردات الاردنية تشير الى ان الطاقة والمياه والاغذية والمستلزمات الطبية والخدمات وسلعا اساسية اخرى تشكل مجتمعة الجزء الاكبرمن المستوردات، وان هناك دعما بشكل مباشر وغير مباشر لمعظم المستوردات، وان المنتفع من هذا الدعم يشمل كل من يعيش في المملكة بشكل مباشر وغير مباشر، ومع ذلك نجد من يوجه الينا النقد خيرا شرا، وكأن الاردن ملزم بذلك، علما إن معظم الدول العربية والاجنبية لاتسمح لأي كان بالدخول إلى أراضيها بدون تأشيرة وإجراءات معقدة.
ان المحافظة على الاردن من حيث السيادة والمقدرات الوطنية، وحماية المواطنين وتوفير متطلبات العيش الكريم هو على رأس الاولويات، وان السياسة الاردنية وثوابتها التي ارسى قواعدها القيادة الهاشمية هي محل احترام وتقدير المواطنين وعلى المستويات الاقليمية والدولية، وان الاولى ممن يفدون الى البلاد طالبين الامن والطمأنينة من الاشقاء من سورية او من الدول العربية ان يتنبهوا الى اننا نقاسم الضيف العيش بما يتوفر لدينا من سبل العيش وان كان قليلا، وفي نفس الوقت نوفر لهم الامن والامان كما نوفره لاهلنا.
تدفق المزيد من اللاجئين السوريين الذين نقدر ظروفهم وندعو ان يزيل هذه الغمة عنهم، تتطلب دعما عربيا وأمميا وهذا اضعف الايمان، فالعالم يشهد ويشاهد ما يقدمه الاردن وما يعانيه، وهذا لايحتاج الى براهين، كما يحتاج لاكثر من مبالغ زهيدة تقدم من هنا او هناك.