الآن وقد أصبح قانون الإنتخاب حقيقة لا لبس فيها، أرى، كغيري، أن المطلوب من الشعب الأردني ممارسة هذا الإستحقاق الدستوري، الذي يعني دفع الخيرة من أبناء هذا الوطن إلى بيت التشريع الأردني، ليمارسوا حقهم في التشريع ووضع القوانين لحاضر ومستقبل الأجيال الأردنية.

ومنذ « الماغنيكارتا 1258» أصبحت المشاركة في الإنتخابات واجبا وطنيا ، خاصة في الغرب، بل ان مفهوم الشورى في تاريخنا العربي- الاسلامي، يمثل أرقى أنواع الديمقراطية. لذلك كثير من الديمقراطيات الغربية، كالدول الاسكندفانية وسويسرا وحتى كندا، تجرم من لا يمارس حقه الدستوري، ويساهم في صناديق الإقتراع. لأن هذا الأمر يمثل واجبا وطنيا وفرض عين على كل مواطن. في حين يمكن النظر إلى دعوات المقاطعة التي نسمعها بين الحين والاخر، وتحريض المواطنين على عدم المشاركة في واجبهم الوطني، وحسب الأعراف القانونية في كثير من الثقافات الديمقراطية ، على أنه نوع من الخروج على الثوابت الوطنية.

 وإذا كان لبعض الأطراف مواقف خاصة من قانون الإنتخاب الذي أقر أخيراً ، لأنه قد لا يلتقي مع مصالحها وطموحاتها التي قد ينظر إليها بأنها طموحات مشروعة، إلا أنني أرى بأن مقاطعة شريحة سياسية وشعبية وفكرية مهمة من المجتمع الاردني، كالحركة الاسلامية، لا يلتقي لا مع مصلحة الوطن ولا مع طموح المواطن في الإصلاح والتغيير. فلمن تريد الحركة الاسلامية أن تترك الساحة ؟ وهم المشهود لهم « أي الحركة الاسلامية « بالحكمة والتسامح والرؤية الواضحة وقبول الاخر والحوار العقلاني معه. و بالتالي فإنني أرى بأن مشاركة الحركة الاسلامية في بناء هذا الوطن، كما هو شأنهم دائماً، و من أجل تطور الحياة الديمقراطية وإصلاحها ، وتجذرها، يستوجب عليهم المشاركة في الإنتخابات النيابية القادمة.
 

إننا جميعا تواقون الى أن تعيد الحركة الاسلامية، حساباتها ، وهي المشهود لها بالوطنية وحب الوطن. وقد شاركت في انتخابات 1989و 1993، و بقوانين انتخاب مؤقتة ومختلفة، وكان حضورها فاعلا في الحراك السياسي الأردني. علماً أنه لا يوجد قانون إنتخابي يحظى بإجماع كافة شرائح المجتمع، وإنما هناك قوانين إنتخاب تحظى بالاغلبية. وبالتالي فإنني أرى بأن تمترس أي كان خلف توجهاته الفكرية السياسية، يمثل نكسة للديمقراطية في هذا الوطن. وبصفتي من المريدين لتوجهات الحركة الاسلامية وعقلانيتها ووسطيتها، شأن الكثير من أبناء هذا الوطن، فإنني أتمنى على الحركة الإسلامية أن تساهم في الإنتخابات القادمة وأن لا تدع فرصة للأخرين للتصيد في المياه العكرة.
 

وكلنا يعلم بأن الأردن يستحق منا جميعا التضحية في سبيل بناءه وتطويره، وللإنصاف فقد تعاملت الحركة الإسلامية، عبر تاريخها السياسي و الفكري، مع الدولة الأردنية بكل المصداقية والإنتماء، وكانت خير معين للدولة الأردنية ضد الحركات الشعوبية والإلحادية التي حاولت أن تمس جوهر العروبة والإسلام الذي ينتمي له هذا البلد وشعبه المرابط. فهل سينتصر العقل على العاطفة ونتقي الله في هذا البلد، و نسير بالإتجاه الصحيح، هذا ما يأمله الأردن من الجميع!!!