آخر الأخبار
  مديرية الأمن العام تجدّد تحذيرها   رئيس وزراء قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة   الاشغال: 110 فرق و135 آلية و20 كاسحة ثلوج للتعامل مع الحالة الجوية   النشامى بعد قرعة المونديال .. مستعدون للتحدي ومتفائلون   الأردن يلتقي الكويت في كأس العرب السبت   زخات متفرقة من المطر السبت   الأردن يرحب بقرار الجمعية العامة الذي يمدّد ولاية (أونروا)   تحذير "عالي الخطورة" من الأرصاد للعقبة ومعان والأغوار والبحر الميت   سلامي: تواجد المنتخب في المجموعة العاشرة جيد   مديرية الأمن العام تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي المتوقعة   "النشامى" والأرجنتين والنمسا والجزائر في دوري المجموعات بكأس العالم 2026   وزارة الزراعة: لم تُسجل حالات غش داخل مهرجان الزيتون الوطني   الغذاء والدواء: لا تشتروا المنتجات إلا من منشآت مرخصة تخضع للرقابة   هذا ما ستشهده حالة الطقس في المملكة خلال الساعات القادمة   العثور على جثة شخص مقتول داخل منزل في لواء الأزرق   تسرب غاز يودي بحياة ثلاثة أشخاص وإصابة آخر   الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة على الواجهة الجنوبية   الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية تستضيفها عمّان الشهر المقبل   النقل البري: رقابة مشددة على التطبيقات غير المرخصة وتسعيرة تنافسية قريباً   إدارة الأزمات تحذر: اضطرابات جوية خلال 48 ساعة وسيول محتملة في عدة مناطق بالاردن

من المستثمر في تفجير العلاقة بين الفلسطينيين والمصريين؟!

{clean_title}

ما أسعد الكاتب حين تصدق حدوسه البيضاء، وما أشقاه حين تصدق حدوسه السوداء! وبأسف بالغ أود تذكير القرّاء بما كتبته في هذه الصفحة بعد فوز مرسي حيث قلت: لقد علمتنا التجارب أن التفاهمات الاستراتيجية في الشرق الأوسط يمكن أن تنهار فجأة جرّاء رصاصة أو صاروخ أو تفجير إرهابي! وها هو شهر العسل الفلسطيني المصري ينهار بعد مرور شهر واحد فقط على وقع الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة ستة عشر جندياً مصرياً وهم يتناولون وجبة إفطارهم الرمضاني اللاهب.

مهندس الهجوم طبعاً، لم يجهد نفسه لتوقع ما يمكن أن يتمخض عنه من خسائر (أو أرباح)، فالفلسطيني الغزّاوي سيكون المتهم النموذجي والتلقائي جرّاء هذا الهجوم، وآليات التلقي والتأويل المصري مستنفرة إلى أبعد الحدود وجاهزة لتفريغ ما يعتريها من شحنات غضب داخلي باتجاه الخارج الفلسطيني الأقرب، والمتفرج الاسرائيلي الذي راق له القيام بتنظيف مسرح الجريمة والاعتناء التام بعدم إبقاء أي شاهد على قيد الحياة، لم يتردد في التعبير عن سعادته العارمة جرّاء ما آل إليه الأمر قبل عشرة أيام من عيد الفطر الذي لم يكن سعيداً في غزة منذ سنوات، فسارع إلى التصريح قائلاً: إن ما يعتري الرأي العام المصري من مشاعر عدوانية تجاه فلسطينيي غزة يمثل مكاسب استراتيجية لاسرائيل!!.

ومما يؤسف له أن ردود الأفعال الصادرة عن المؤسسة العسكرية المصرية تحديداً، قد أسهمت إلى حد بعيد في تأجيج مشاعر المصريين ضد اشقائهم الفلسطينيين في غزة، وإطلاق حملة كراهية طالما تفنن النظام المصري السابق في إشعال فتيلها واستثمارها لحرف انتباه الرأي العام المصري عن قضاياه الداخلية وتفريغ كل ما يشعر به من غضب وإحباط تجاه النظام، علماً بأن كل المراقبين المعدودين يجمعون على أن الهجوم لم يخدم من قريب أو بعيد مصالح حماس أو أي من حلفائها في قطاع غزة كما لم يخدم الجهود الحثيثة التي يبذلها المجلس العسكري المصري والحكومة المصرية لاستعادة ثقة الشارع المصري بالنظام.

ومع ضرورة تأكيد حقيقة أن الهجوم مثّل رضة مؤلمة للوجدان المصري رسمياً وشعبياً إلى الحد الذي يمكن أن نتفهم معه أية ردود أفعال مصرية غاضبة، إلا أن المؤسسة الرسمية المصرية كان عليها أن تعقلن ردود أفعالها وأفعال الشارع المصري لأنها أكثر من يدرك حقيقة أن الهجوم يهدف –مما يهدف- إلى زعزعة الثقة الشعبية النسبية الهشة بها كما تدرك أن الهجوم يهدف –مما يهدف- إلى قطع الطريق أمام حماس كي لا تستكمل القيام باستدارتها السياسية والإيديولوجية في ضوء معطيات المحيط الإقليمي والعربي المتوتر والحساس، وهي الاستدارة المطلوبة عربياً وغير المرغوب بإنجازها إيرانياً واسرائيلياً، لأسباب لا تخفى على المراقب الحصيف، فالجبهة الشمالية الملتهبة في سوريا ولبنان بحاجة ماسة إلى ما يخفف الضغط عنها عبر تفجير جبهة ملتهبة في الجنوب، وإسرائيل لن تدخر وسعاً لإحراق أوراق حماس وإخراجها من السياق السياسي العام قبل أن يبدأ موسم الحصاد الحقيقي الذي سيتوج باسقاط النظام السوري.

حماس أيضاً تتحمل مسؤولية كبيرة عما حدث، ليس لأنها شريك في الهجوم -فكل المراقبين المعدودين يستبعدون ذلك- بل لأنها فشلت فشلاً ذريعاً في الامتحان الأمني مع حليفها الجديد في مصر، وأحرجته وأضعفته ووفرت فرصة ذهبية لخصومه كي يوجهوا له انتقادات وجيهة ولاذعة، على الرغم من أنها نجحت في بناء منظومة أمنية حديدية في قطاع غزة قادرة على اعتراض كل ما يمكن أن يحلق في الجو من عصافير وكل ما يمكن أن يدب على الأرض من زواحف. ومما يزيد من هذه المسؤولية الأمنية مبادرة اسرائيل إلى سحب كل رعاياها من سيناء قبل الهجوم بثلاثة أيام، إلى درجة أن كثيراً من وسائل الإعلام الثانوية تابعت هذه المبادرة الاسرائيلية وعلّقت عليها أو تندّرت بها، فيما فشل الجهاز الأمني الحمساوي في التحرك بالسرعة المطلوبة لإيقاف المأساة، فضلاً عن الأخبار التي تضمنت معلومات مفادها أن الهجوم الإرهابي ترافق مع قصف مدفعي ثقيل من الجانب الفلسطيني!!.

مع بالغ الأسف لما حدث فعلاً، فالخاسر الأكبر هو المواطن الفلسطيني المخنوق في غزة ولم يعد قادراً على التنفس، ومصداقية القيادة السياسية والعسكرية لحماس، ومصداقية القيادة السياسية والعسكرية لمصر، والمواطن المصري الذي طالما اصطلى بنار التعبئة السلبية تجاه الفلسطينيين، وأما المستفيد الأكبر فهي اسرائيل طبعاً وتتلوها إيران، التي لن تدّخر وسعاً لإعادة قيادة حماس إلى بيت طاعتها، بالمال أو عبر التفجيرات!.