تمنياتنا بأحلام سعيدة عند النوم لمن نحب لم تأت من فراغ ، فبينما تأخذنا الأحلام الجميلة إلى لحظات سعيدة نتمنى لو أن مدتها طالت .. ولم تنته بسرعة.. ونتمنى لو أنها كانت حقيقة في واقعنا...وأن تتحقق.
بينما تسلمنا أحداث الأحلام المزعجة لكوابيس تكتم أنفاسنا وترهق أعصابنا فنصرخ ونحن تحت وطأة العذاب نريد الخلاص ونحن نتمنى في الوقت نفسه
لو أنها تكون حلما وعندما نصحو نحمد الله أنها لم تكن حقيقة.
كنت أحب مرافقة جدتي رحمها الله باستمرار، كانت نادرة الطباع في نظافتها الفائقة وذكائها ورائحتها الزكية وكلامها الجميل رغم قسوة الزمن عليها.
كانت تطلب مني كل ما تريد وتحدثني بما أريد.
عدنا من نزهتها المعتادة التي تحبها في منطقة قريبة تحت أشجار الزيتون .
قالت لي برجاء : لا أريد أن أنام في الداخل يضيق صدري ضعي لي سريرا هنا على البرندة بعد أن تغسليها جيدا لأشاهد السماء واجلسي معي قليلا . ولكي تتم فرحتها قلت لها سأنام عندك.
كانت في العقد التاسع وقد وهن العظم منها، حدثتني عن نوادر ذلك الزمن البعيد ثم استسلمت للنوم بهدوء وسكينة وبعد لحظات سمعتها تضحك بصوت عالٍ ،أيقظني قهقهتها فسألتها ما بك ؟
قالت:
«يا ستي حلمت أنني ما زلت في أيام صباي (شابة نشيطة) أتحرك بنشاط ، قمت أغسل الأرض والحيطان والستائر وعندما صحوت وجدتني على الفراش أريد من يناولني كوب الماء فضحكت من سعادتي في الحلم وضحكت على واقع حالتي» «الأحلام غرارة» ..!
قلت : ولكنها تصدق أحيانا، فضحكت أكثر مستنكرة قول أبي نواس مقارنة بوضعها،
قبلت يدها متمنية لها أحلام سعيدة أخرى.
كنا في جيلنا نحب الدردشة مع الكبار ونتسابق في تقديم العون وكل ما يدخل الفرحة إلى قلوبهم نفرح بأحاديثهم الشيقة الهادفة وبحكمتهم ، يروون لنا قصصا لا تزال راسخة في أذهاننا .
كانت ثقافتهم تفوق ثقافة بعض من يحملون الدكتوراه الآن وكانت عاطفتنا أقوى لأن تربيتنا مختلفة وأوقاتنا مختلفة ولأن حياتنا كانت بسيطة متوجة بالقناعة والفرح .
أحلامنا وطموحاتنا تكون كبيرة في بداية العمر وعندما يتقدم بنا العمر تصبح أحلامنا الصغيرة هي كل طموحاتنا وأمانينا .