اعلان الاخوان المسلمين مقاطعتهم للانتخابات القادمة وتجاوزهم ذلك كحركة وحزب الى تحريض احزاب وقوى سياسية وشخصيات على المقاطعة وهو ما أزعج الدولة وحتى جلالة الملك الذي قال في مقابلته مع شبكة التلفزة الأمريكية بي بي اس (نرغب بمشاركة الاخوان المسلمين في الانتخابات لكننا لا نستطيع تفصيل قانون على مقاسهم) ولعل الاجابة الأطول في المقابلة التي كانت بمثابة جرد حساب او تشخيص واسع للحالة الأردنية وتشابكها الاقليمي والدولي جاءت عن الاخوان المسلمين وعن الحياة السياسية .
وقد قدم الملك عرض حال للجهود التي بذلت في الحوار مع الاخوان المسلمين وحزبهم ابتداء من مطالبتهم بتعديل دستور (1952) والاستجابة لذلك والزيادة على ذلك بتعديل مواد عديدة وصلت الى ثلث الدستور وكذلك قانون الاحزاب وقانون الانتخاب وفي هذا السياق من الاجابة جاء قول الملك مخاطبا الاخوان «اريده أن يكون عادلا للجميع وليس مصمما على مقاسكم» .. كان ذلك في وقت مبكر واحيل ذلك الى لجنة الحوار الوطني التي قاطعها الاخوان . والمقابلة تواصل سرد الجهود لتصل الى ما وصل اليه موقف الاخوان المسلمين باعلان المقاطعة..
ولا يخفي الملك صعوبة تمريرعملية الاصلاح حتى في قانون الانتخاب حين يقول «المشكلة ليست في نظام الصوت الواحد بل هي في التمثيل العادل .. ان هناك سوء تمثيل للشعب في المدن ونحن بحاجة الى ان نحقق المزيد من العدالة التمثيلية للمدن . وهذه الرغبة عكست في زيادة قائمة الاحزاب السياسية . ولكن هذه الرغبة مجددا اصطدمت فيما فسره المجلس العالي لتفسير الدستور بأن هذه القائمة غير الدستورية . وبالتالي تحولت الى قائمة وطنية .
الملك يصف قانون الانتخاب الحالي «بأنه ليس مثاليا» واعتبر أن تغييره يمكن ان يتم من داخل البرلمان القادم . ودعا الاخوان الى أن يعملوا على تغيير سواء قانون الانتخاب او قانون الأحزاب أو حتى التغيير في الدستور ليس من خلال الشارع والاستقطابات والتحريض والخطابة وانما من خلال المشاركة ومن مجلس النواب . باعتبار ان المشاركة في البرلمان هي التي توفر التشريع وتسمح بالتغيير واعتبر الملك مقاطعة الاخوان المسلمين ضياعا لفرصة ان يمضي الاردن للأمام .
للإخوان المسلمين أجندة جاهزة وتصورات محسومة في تصورهم لما يريدون أن يكون عليه التغيير وهذا حقهم لكنهم يريدون أن يقوم ذلك مرة واحدة ودون الأخذ بالاعتبار الظروف الذاتية والموضوعية والتجاذبات وهو ما يجعل المطالبة بالمرحلية والتدرج شكلا من اشكال الحل التي يدعو اليها الملك الذي يؤمن بالاصلاح عمليا وبضرورة الوصول الى نتائج وثمار ملموسة وليس افراغ المطالب في الخطابة ومواصلة تأزيم الحال الأردنية . يدرك الملك ان المدن مظلومة في التمثيل وان قطاعات عديدة لا بد ان تمثل بصورة افضل ولذا كان التوسع في عدد مقاعد مجلس النواب ومحاولة جعل كفات الميزان اكثر تقاربا إن لم يكن في مفهوم المساواة ففي مفهوم الانصاف . والسؤال هل توفرت الادوات والأذرع والارادات والعقول والحرص على المصلحة الوطنية العليا من أجل استقرار وآمن وتطور الأردن للنهوض بالتوجيه الملكي والتقاطه وانفاذه ؟ أم أن المراوحة والجدل والخوض في التفاسير واسلوب التجاذب وعقلية المحاصصة والكوتات هي التي تفرض نفسها على الاجواء وهي ما تحاول قوى عديدة استغلالها وليس الاخوان المسلمون وحدهم ..
الملك يرى بأن نهاية برنامج الاصلاح الأردني الذي يتوّجه قيام انتخابات وتشكيل برلمان والعمل من خلاله على انفتاح الحياة السياسية الحزبية بتشريعات جديدة تصل الى بناء حكومات حزبية يجري فيها تداول السلطة هو الحل ..
هذا يحتاج الى وقت والى بدء عمل والى ارادة تنفيذ والى اخلاص فهل نحن مستعدون لذلك ابتداء من الحكومات المنوط بها التنفيذ ام ما زال البطء والتأجيل والهروب للأمام والتذرع وضغط القوى المستفيدة وحرد المتضررة هي سيدة الموقف