كثيراً ما تحكم الثارات الشخصية، والمناكفات اللحظية، والخصومات الشللية، بسياساتنا وقراراتنا على مستويات عديدة، فقد يقف وزير ما ضدّ توجّه ما يعتقد بصحّته لمجرد أنّ وزيراً آخر سبقه لهذا التوجّه، وقد يتمترس نائب ضدّ مادة في قانون لمجرد أنّه سيناكف بهذا الحكومة التي لم تعيّن له قريباً، وقد يُفشل مدير ما قراراً لوزيره لمجرد أنّ القرار سيفيد مجموعة لا ينتمي إليها.
وهي حالة عامّة لا تتميّز بها جهة عن أخرى، أو شخص عن آخر، ونعرف أنّ هناك صحافيين وصحفاً تتصيّد للمسؤولين زلات ألسنتهم، وهناك وزراء تعاملوا مع قضايا عامة باعتبارها أمراً شخصياً، ونتذكّر أنّ آخر قرار اتخذه رئيس وزراء في الثمانينيات هو تغريم عدم استعمال حزام الأمان، وأنّ أوّل قرار لرئيس الوزراء الذي خلفه كان إلغاء ذلك القرار!.
ونحن نتحدّث هنا عن ثقافة ليست غريبة عن مجتمعنا، أو أنّها ظهرت ما بين ليلة وضحاها، فلطالما امتلأ تاريخنا بمثل تلك المواقف، ولكنّ في زمن القانون والمؤسسات والديمقراطية والشفافية، وفي وقت صار فيه شعارنا هو التطوير والتحديث، لا يمكن القبول بالنزق السياسي أو الاجتماعي أن يتحكم بمسيرة البلاد والعباد.
فمن المحزن أن نتحدث عن الولاء والانتماء، وأن نزايد على بعضنا بعضاً بالشعارات الرنانة، وفي لحظة نكتشف أنّ أصحابها يتحوّلون إلى حفر الخنادق والتمترس وراءها لأسباب شخصية بحتة، مع أنّ القضية المختلف عليها عامّة، ويُعنى بها القطاع الأوسع من المجتمع، وتطلّعوا حولكم فسوف تشاهدون العشرات من المواقف التي نعني