البيان الذي أصدره الديوان الملكي بأمر من جلالة الملك عبدالله الثاني والذي تقرر بموجبه تعديل المكرمة الملكية الخاصة بالقبول في الجامعات الرسمية الأردنية جاء في الوقت المناسب حيث اعتبره المواطنون جزءا من عملية الإصلاح الشامل التي أمر جلالة الملك بإجرائها ابتداء بالتعديلات الدستورية وانتهاء بقانون الانتخاب.
تعديل المكرمة الملكية الخاصة بالجامعات جاء ليعيد التوازن والعدالة إلى المجتمع الأردني لأنه لا يجوز «محمد يرث ومحمد لا يرث» ولا يجوز أن يقبل طالب حاصل على معدل سبعين بالمئة في إحدى الجامعات الحكومية وزميله الذي كان يجلس إلى جانبه على مقعد الدراسة ومعدله ثمانون بالمئة في التوجيهي لا يقبل، بل إن بعض علماء النفس الاجتماعي يعتقدون أن من أسباب العنف الجامعي هو القبولات العشوائية لبعض الطلبة الذين لم يأتوا إلى الجامعة وهم متحمسون للعلم كما أن معدلاتهم لا تؤهلهم للقبول على أساس التنافس مع الطلاب الآخرين.
لقد حرمت القبولات «التخصيصية» مجتمعنا من العديد من المهن المساعدة والتي يحتاجها أي مجتمع في الدنيا، فمن المفروض أن الطلاب الذين لا يقبلون في الجامعات والذين معدلاتهم متدنية أن يتجهوا إلى التعليم المهني وأن يتخرجوا كأصحاب مهن يحتاجها المجتمع الأردني لكن هؤلاء الطلاب يقبلون في الجامعات بمعدلاتهم المنخفضة ثم يتخرجون بصعوبة وبمعدلات مقبولة ولا يجدون وظيفة ويصبحون عالة على المجتمع لأنهم ينضمون إلى صفوف المتعطلين عن العمل وبعد تخرجهم من الجامعات لا يقبلون العودة إلى الدراسة مرة أخرى من أجل تعلم إحدى المهن التي من الممكن أن تؤمن لهم عيشا كريما طوال حياتهم.
لقد استوفت المكرمة الملكية أغراضها وساعدت عددا كبيرا من الطلاب على إكمال دراستهم الجامعية وكانت قبل عدة سنوات ضرورية لمساعدة بعض الفئات غير القادرة على تأمين مقعد في إحدى الجامعات الحكومية لأبنائها ولا يمكن لهذه الفئات الدراسة في إحدى الجامعات الخاصة لأن الدراسة في هذه الجامعات تشكل عبئا ماليا كبيرا على عائلاتهم لكن النتيجة أن عددا من هؤلاء الخريجين ما زالوا متعطلين عن العمل لأن التخصصات التي درسونها لا يحتاجها مجتمعنا بسبب أعداد الخريجين الكبير الذي تخرج قبل هؤلاء الطلاب في نفس هذه التخصصات.
شكرا لجلالة الملك على هذه المبادرة التي جاءت في الوقت المناسب ونالت رضا معظم الأردنيين لأنها ستحقق العدالة بين الجميع وتجعل فرص التعليم متكافئة بين خريجي التوجيهي، وسترفد المجتمع الأردني بطريقة غير مباشرة بالعديد من المهن التي يحتاجها لأن عددا كبيرا من الطلاب الذين لم يحصلوا على معدلات عالية ولم يقبلوا في الجامعات سيتجهون إما إلى شركة التدريب الوطنية أو إلى مؤسسة التدريب المهني ليتعلموا إحدى المهن.