إجابةً على سؤال زميلنا المبدع فايز الفايز: «لماذا لم يعد أحد يدافع عن الأردن؟» أقول بعجالة: لأننا لم نعتد أصلاً أن نقدم ذاتنا وبلدنا وندافع عنهما ضمن تقاليد محترمة، أو بشكل منهجي ومنظم و«طبيعي»؛ فخارج سياق الأزمات العابرة أو الشتائم الطائشة التي نتعرض لها كوطن وشعب، فإننا لا نعرف أن نقول ربع ما قاله عنا الشاعر الكبير سعيد عقل. من خارج الأردن وهذا ما سأفصّل فيه دون -(زعل) من أحد: فلا يوجد لنا «ندّابات» ولا «سعيف» ؛ فالأردني أكثر عربي على الإطلاق قام بمنح باقي العرب كل ما يستطيع من عطاء معنوي ومادي، ولم نجد من يدافع عنّا سوى بعض الأصوات المحترمة، وعدا عن ذلك فنحن آخر شخصية عربية يتم ذكرها «بالخير» من باقي الأشقاء العرب.
فمنذ الملك النبطي الحارث الرابع وحتى اليوم تواطأ أشقاؤنا العرب جميعاً، على إخفاء حضارة الأنباط والسكوت عن عظمتها ودورها التاريخي، وخاصةً في تطوير وترسيخ الحرف العربي، ويا له من إنجاز ! هل سمعت عن مؤرّخ مصري، أوقرأت حرفاً لكاتب سوري أو لبناني قام بكتابة حرف واحد عن الأنباط وحضارتهم المائية الفريدة التي تحدّت كل هذا العطش الصحراوي؟
هل سبق لأي عربي مرّ من الأردن واستفاد من تسامحها مع من «يلعنها» ويسبها مع كل طلعة شمس- هل سبق لأحد أن قال ما أطيب قلب الأردني؟ لا يمكن أن تسمع -إلا ما ندر- من أخ خليجي، أو من أي جنسية عربية أخرى عن فضل الأردنيين في بناء وتأسيس مؤسسات وجامعات، بل ودول بكاملها وبكل ما فيها من عمران وهندسة وقضاء.. هل قلت القضاء ؟ هل يعرف أحد إسهامات القُضاة الأردنيين في البلاد العربية ؟ صحيح أن احترام الأردني يأتي على شكل الثقة المطلقة التي تُمنح له من قبل كل من يعمل معه، لكنك لا تقرأ حرفاً واحداً عن ذلك: لا في جريدة ولا موقع، ولا حتى في مجلة حائط !
أوجع ضربة تم توجيهها لنا كأردنيين هي عندما صدرت الفتوى المصرية بحق شهيد الأردن والعروبة البطل وصفي التل بأنه.. لن أكررها، فما أبشعها ! وهي تعكس سوء الحظ الذي يلازم الأردن؛ بل وأكثر من سوء الطالع.. إنه التآمر على سُمعة الأردن ومكانته.
هل تُدرّس في مناهج العرب معركة الكرامة وبطولات الجندي الأردني الذي لم تعرف ساحات الوغى مثل شجاعته ؟ وهل نسمع عن ندوة هامة بمؤتمر، أو جلسة فكرية ذكرت أدوار الأردن في الدفاع عن كل القضايا العربية-إلا ما ندر؟.. لقد دافع الأردنيون-العروبيون بالفطرة- عن شرف وحقوق الشعوب العربية قبل الربيع العربي بسبعين سنة وأكثر، وما زلنا.. فمن يذكر؟ هذا بالنسبة لتقصير أخوتنا العرب، أما بالنسبة لتقصير الأردنيين بحق بلدهم وأنفسهم.. فاللهم إني صائم !
وللحديث صلة.