كل عام وأنتم بخير
***
في رمضان..
تبدو السماء أكثر قرباً،
والنجوم كائنات أليفة تمشي مع الأطفال كالأرانب،
والشمس أنثى يحمرّ وجهها بخفر ودلّ،
والماء سر الأسرار..
يغدو الإنسان أكثر قرباً من روحه ومن نفسه..
يستعير طبع الهواء ورقّة العشب ورائحة الحبق
يرقق الكلام بمداد شفيف وحروف خافتة
ترطبُ القلب.
***
في رمضان
تبدو الأيام مشتقة من جبال بعيدة،
والكلام بتلات ورد، والكتابة صور، وذكريات مرت على طفولتنا سريعاً،
حملتنا إليها على «بساط الريح» وعربات الحكايات ال كانت الجدات يَقُلْنَها لنا، فيذكّرنا «رمضان» ب «أناتنا» الغائبة.
وقت كان الكون شجيرة نتعربشها بأحلامنا لنقطف عن صدرها حلو الأمنيات..
وكان القلب محروساً بقصائد المتصوفة..
وكان الرضا..
بستانَ رمان، وحقلَ غيم فسيحاً
يطوف مسكن الفؤاد
بنور يضيء..
ويقين يعلمنا دروس الصبر..
***
رمضان يعيدنا إلى عتبة الطفولة...
نحسب أن القمر كائن يجيء من بعيد، على فرس مجنحة.
يطل من النافذة ب «مخلاة» يسرد القصص، ويعلمنا الكتابة والرسم.
يعبئ جيوب الأطفال..
بالبلح.
يدهن خبزة الصغير بالسمن والسكَّر.
***
وقت السحور..
تهبط النجوم على شرفة الخيال.
الهواء ناعم كالنعاس.
صمت يشقق سكون العتمة..
كل شيء أُعدّ لمكاشفة الذات.
كل شيء ينشد بصمت
ويسبّح بصمت
وينام في حضن الوجود بصمت.
***
وقت الغروب
شمس تلوّح للمغيب، تغطس خلف الجبال في سرير نومها، تترك للصغير «زوادة» وقبلة..
***
الشمس، مثلنا تشفق، وتحب، تسهر، وتعطش، وتتعب، وتنام.
***
الصوم..
كلمة تقع في سلة المعنى، ظلال موسيقى ترتل الوقت على سلّم الانتظار الجميل،
طريق لرحلة تعلم النشيد والقصيد
والسرد والروي
تكشف سر الذات، مجهول البعيد
درس صوفي
لاختبار الجسد
امتحان النفس والعقل
يطهر الروح بجمر الصبر والرضا.