أحياناً لا بدّ من الاستقالة من أشياء كثيرة..مثلاً (محسوبكم) تعب من دور الأب؛ خبز وزعتر ومصروف وايجار بيت و الولد مرض والبنت بدها تعمل عيد ميلاد ؛ وتفاصيل عائلية كثيرة ..آه لو أن هناك باباً يفتحونه لي يسمحون لي من خلاله بالاستقالة من هذا الدور لفعلتها دون أن أرمش ..فأنا أبٌ فاشل كما قلت لكم أكثر من مرّة ولا أصلح لإدارة رأسي غنم وليس لإدارة عائلة..!
نفسي أستقيل من دوري كجار لكل الجيران..فهذا الدور مزعج جداً..صباح الخير يا جار؛ مساء الخير يا جار..كيفك يا جار..ناقصك إشي يا جار..نفسي أجمع جيراني كلهم وأستقيل ..فأنا أكثر شخص يعجز حين ردّ السلام..!
لو تتاح لي الفرصة سأستقيل أيضاً من دوري كزبون في كل الدكاكين والمولات و المؤسسات والشركات القابضة مني و القابضة عليّ..فدور (الدفّيع) ممل جداً ويحتاج إلى رجل عقليته تجارية وليس إلى بقايا رجل لا يستطيع الصمود عند أوّل علبة فول على رفٍّ متهالك في دكانة لم يعرفها إلاّ أصحاب دفاتر الدين..!
ليتني أستقيل من دوري كممثل محترف في الجاهات والعطوات وبوس اللحى..ليتني أستقيل في أسرع قت من الآه والأخ والتذمر و الشكوى في كل الشوارع التي أمرّ بها..! حبذا لو يوافقون على استقالتي من الأعراس و النقوط ..نفسي أستقيل من فسادي الدائم في النميمة ودقّ الأسافين..كم أتمنى أن أستقيل من دوري كمواطن غير صالح إلا لتسديد مديونيات كبرى وضخمة لا أعرف لماذا هي موجودة ومن أين جاءت ؟!
ثقافة الاستقالة يجب أن تسود ..حتى لو استقلتُ من كل شيء ..إلا من شيء واحد لن اسمح لكم بأن تقتربوا منه أو تضغطوا عليّ لأستقيل منه ..لن أستقيل من وطني ولو هجرته وهجرني..ولو صلبني على قارعة الطريق ألف عام وأمر الأجيال تلو الأجيال كي ترجمني أو أستقيل ؛ سأختار الرجم والصلب ولن أستقيل..!