آخر الأخبار
  تصريح رسمي حول انتشار الانفلونزا في الأردن   سوريا .. تصفية شجاع العلي المشتبه بتورطه في جرائم مسلحة   خطة أمنية شاملة خلال فترة امتحانات الثانوية العامة   مهم من وزارة العمل حول أخر يوم للإجراءات التنظيمية للعمالة الوافدة   مراكز الإصلاح تُمكّن أحد نزلائها من اجتياز متطلبات الماجستير   مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي الشوابكة   "جمعية البنوك الاردنية" تبشر الاردنيين بخصوص أسعار الفائدة للعام القادم   أمطار قادمة للمملكة في هذا الموعد!   الأردن يرفض اقتحام وزير أمن الاحتلال للمسجد الاقصى   النائب عطية يسأل الحكومة عن هرب 13 ألف عاملة منزل   الضريبة تدعو الأردنيين لتقديم طلبات التسوية.. وتعلن السبت دوام رسمي   التعليم العالي: لا مخالفات علينا في تقرير ديوان المحاسبة 2023   وزير الداخلية ينعى المساعدة   الاردن .. كم لاجئاً سوريا عاد إلى بلاده منذ سقوط الأسد ؟   وفاة موظف في وزارة التربية .. والوزير ينعاه   الأوقاف تدعو المواطنين لأداء صلاة الاستسقاء   بشرى سارة للمقترضين في الأردن   هذا ما ستشهده سماء المملكة في الفترة من 28 كانون أول/ ديسمبر إلى 12 يناير   محاضرة توعوية في عمان الأهلية حول العنف الأسري   وفد طلابي من عمان الأهلية يزور اللجنة البارالمبية الأردنية

ماذا يحدث لكي ينتقم مجتمعنا من نفسه؟

{clean_title}

لم نسمع حتى الآن عن فتح أي تحقيق في الاعتداء الذي جرى الأسبوع الماضي على “مختبر المفاعل النووي” في جامعة العلوم والتكنولوجيا، ما حدث كان جريمة بامتياز، إذ اقتحم مجموعة من الأشخاص غرف المفاعل وأجهزوا على معداته ووثائقه، وقد قدرت الخسارة بنحو ربع مليون دينار.

المسألة - بالطبع - لا تتعلق “بالتحقيق” فقد شهدنا على امتداد الشهور الماضية عشرات “لجان التحقيق” التي شكلت فجأة ثم “تبخرت” فجأة، لكن الخطير في الموضوع أن حدثاً مثل هذا لم يستأهل أن تشكل له مجرد “لجنة” للتحقيق، مما يعكس حالة من عدم الاهتمام أو إن شئت من “تعمد” طيّ صفحة الموضوع باعتباره لا يستحق أي نقاش.

الأهم من ذلك أن حادث “المفاعل” جاء في سياقات تصاعدت فيها حدة العنف الاجتماعي، وأوشكنا أن نتعامل مع هذه الظاهرة وكأنها “قدر” لا سبيل لدفعه، بل وسمعنا من بعض المسؤولين أن مثل هذه “الحوادث” مسألة طبيعية وتحت السيطرة، وان الاعلام - وحده - هو الذي ينفخ فيها.. مما يعكس حالة من “الانكار” المفجع الذي يهرب أصحابه حتى من الاعتراف بالمشكلة ناهيك عن التفكير بمعالجتها.

نعرف - بالطبع - ان عصا الدولة يمكن ان تتحرك، وان “الاطفائيات” الأمنية ليست عاجزة عن مواجهة هذه الصور من العنف، لكن اعتماد مثل هذه الخيارات - إن كانت مطروحة أصلاً - لا يدل فقط على “ضيق” الرؤية والاستبصار وانما على فشلنا في ايجاد مقاربات سياسية وشعبية تحمي مجتمعنا من الوصول الى مأزق الصدام والاقتراب، وكأننا للأسف ندفع ثمن الاصلاح السياسي الذي لم يبزغ هلاله بعد من حساب سلامة بلدنا وتماسكه واحساس الناس فيه بالأمن الحقيقي الذي يتجاوز حراسة “العمران” الى حراسة “الانسان” بما يحتاجه الانسان من اطمئنان على حياته وخياراته وكرامته.

ان مجرد الاحساس بغياب الدولة أو ضعفها هو اسوأ رسالة يمكن للمواطن ان يستقبلها، واذا كنا ضد التعامل مع المجتمع بمنطق “الاستعلاء” والاستهانة، فاننا وبالدرجة ذاتها ضد التعامل بمنطق “الاستجداء” أو “الاستضعاف”، لكن المسألة لا تتعلق بتصريحات أو خطابات تصدر من مسؤول أياً كان منطقها، وانما “بحالة” الدولة التي تعبر عن قوتها بأفعالها وخياراتها وقدرتها على اقناع المجتمع وفهمه والاستجابة لمطالبه، ومستلزمات ذلك معروفة ابتداء من اقامة موازين العدالة والمساواة، الى تصحيح خطوط التواصل بين الدولة والناس وصولاً لتغيير مناخات السياسة “القاتمة” التي ولدّت مثل هذه الاختلالات والاشتباكات بين الدولة والمجمع من جهة وبين المجتمع ومكوناته من جهة أخرى.

حين ينتقم المجتمع من نفسه بهذه الصورة، وحين يضع كل مواطن يده على قلبه خوفاً من القادم، وحين يتحول “سوء فهم” بين شخصين في بلجيكا الى مشاجرة في اربد، وحين يغرق الناس في جدالات “ساخنة” وصراخات ذات سقوف مرتفعة، ويرتفع “أنين” الصامتين، ونعدم صوت “العقل” ونستبدل الاسود بالقرود.. حين يحدث ذلك، واكثر، لا بدّ ان نسأل ماذا فعلنا بأنفسنا؟ وماذا ننتظر.. ولماذا نصرّ على السير في هذا الطريق؟ انني اسأل بمرارة وأكاد أعرف بأنه لا جواب!