الرزاز الذي نسجنا حول قدرته الاساطير!
إن من أهم الأسباب وأعظمها في سقوط الدول وإنهيار الأمم وخراب الديّار هو " الظلم " لما فيه من القهر والفساد والتعدي بالخروج عن المبادئ الإنسانية من الأعراف المتبعة عند كل مجموعة من البشر يعيشون مع بعضهم البعض في مجتمعات وبيئات مختلفة متوافقون عليها وراضون بها وتسري عليهم جميعاً مبادئها وأحكامها بالإضافة إلى مبادئ وأحكام الشرائع السماوية والتي تساوي بين البشر في مختلف نواحي حياتهم بالحق والعدل والمساواة .
استبشر الاردنيون خيرا قبل اشهر من الان، عندما قال الشعب كلمته واسقط حكومة اقل ما توصف "بالمنشقة" عن كل المبادئ والقيم، ليصل الى سدة الحكومة رئيس وزراء يحظى بقبول شعبي بعض الشيء، والذي يعلم جيدا حجم التحديات التي تواجه الاردن، د.عمر الرزاز الذي ضرب مثلا جيدا في سلوكياته واخلاقه بالتعامل مع كل طارئ، فكان يبهر الشعب بقربه منهم، يحاول ان يقترب من الناس بكل ما اوتي من قوة، الى ان وصل الى مرحلة جيدة من القبول، وبعد بدء الاختبارات الجدية على ارض الواقع بدأت الامال تتبخر والاحلام تتحول الى كوابيس مزعجة، عندها ايقن الشعب ان الرزاز لن يتحول الى وصفي جديد كما ظنوا.
الرزاز الذي تعهد بالمئة يوم من اجل احداث التغيير، مضت المدة ولم يشعر الشعب بتحسن، عاد الينا الرئيس الجديد بقانون ضريبة يقال عنه جديد ومخالف للقانون القديم الذي تسبب بإسقاط الحكومة السابقة، لكن بعد ان اتضحت الصورة جيدا امام المواطن تبين ان الرزاز لا يختلف كثيرا عن الملقي، وان طوق النجاة بات بعيدا ولم يقترب كما ظننا.
وان كان الرئيس لا يعلم، عليه اجراء جولة تفقدية مترجلا في شوارع المناطق النائية بعيدا عن تلك المزدهرة في العاصمة عمان ، وليستمع الى اراء المواطنين وجها لوجه بعيدا عن "مونتاج" الحاشية التي تلتف حوله .... دولة الرئيس "ان كنت تقرأ" الاجابة ستكون بالاجماع ان لا فرق يذكر وبلهجتنا "هاي اذني وهااااي اذني".
دولة الرئيس الا تعلم حجم الخيبة التي رسمتها على جباه المواطنين بعد ان اوصلتهم انت وفريقك المبجل الى البحر وعدتم بهم عطاشى.
يجب ان نعلم ان التجربة التي نمر بها الان تثبت قطعا، ان بلدنا عبارة عن مسرح كبير ونحن المشاهدين وكل من يتسيد دفة الحكومة وظيفته تكمن في التمثيل على المشاهد واقناعه بجميع فصول الرواية "التي طالت مشاهدها" الى ان اصبح المشاهد يتوقع المشهد قبل حدوثه، لكن الرواية في هذه المرة تعتمد على العنصر التشوقي اكثر من سابقاتها.
تطل علينا الحكومة بين الحين والاخر مبشرة بقرارات لصالح المواطن، وبعد ايام نرى ان التشويق كان اكبر بكثير من الحدث، والامثلة كثيرة، ولا يوجد تفسير منطقي لمثل هذه التصرفات الا ان الحكومة تستخف بعقولنا.
الرزاز والذي كنت احد المستبشرين به خيرا، اراه يحيد عن الطريق الذي رسمه له الشعب بعد احتجاجات لم تسبق ان حدثت في البلاد، اراه وحكومته كمن سبقه من حكومات متعاقبة وضعتنا جميعا بين شقي الرحى، إذ ترسم الخطة لوقف التدهور الاقتصادي والخروج من بين فكي بنك النقد الدولي ويكلف من هو غير جديرا بتنفيذها،
الرزاز الذي نسجنا حول قدرته الاساطير يقع الان فريسه بلا حول ولا قوة، بين يدي بنك النقد واصحاب المصالح الخاصة باستمرار الوضع الكارثي الذي تعيشه البلاد.