هكذا، وللمرة المليون، نجدنا في أزمة سياسية مستعصية على الحل، فالقانون الانتخابي لا يرضي أحدًا: المحافظون يرون فيه هدايا مجانية للاسلاميين، والاسلاميون يعتبرونه موجهًا لتحجيم وجودهم تحت القبة، والتقدميون يعتقدون انه سيأتي بمجلس نسخة كربونية عن ستة مجالس سابقة.
وفي التحليل السياسي الهادئ، هناك حقيقة أردنية أساسية لا تخفى على احد، حيث وجود قوتين تتنازعان على الساحة: الجهاز الرسمي بما ضم ويضم من موظفين ومتقاعدين ومؤيدين، والاتجاه الاسلامي الذي يمثله الإخوان المسلمون ومعهم أحزاب وشخصيات وطنية ونقابات وتيارات شعبية، وما بين الجهتين جمهور عريض مهموم بأزمته الاقتصادية، وبعيد عن الحالة السياسية.
وفي التحليل السياسي نفسه، فهناك متغير جديد طرأ على اللعبة السياسية، هو مخرجات الربيع العربي، حيث تأكيد وجود طاغ للإخوان المسلمين في كل مكان، وضغط ضمني على الاردن الرسمي للإصلاح تداركا لأي طارئ، وفي قناعتنا لو أنه ليس هناك من ربيع عربي لما تنازل الرسميون باستحداث القائمة الوطنية، ولما ركب الإسلاميون وحلفاؤهم رؤوسهم الى هذه الدرجة.
نحن امام واقع جديد صعب، ولا نقول مستحيل، فمن غير المتوقع ان يعيد الملك القانون نفسه مرتين في اقل من شهر، ومن غير المتوقع رجوع المقاطعين عن قرارهم، وهكذا فالأزمة مستمرة إلى اشعار آخر قد يكون في تطورات درامية اكثر عند الجار الشمالي تدفعنا الى اعلان حالة طوارئ.