لماذا يباع علينا الأمن الناعم بهذا الشكل الذي لا يراعي تطبيق القانون؟ فأيهما أولى تطبيق القانون أم أشكال الأمن المستعملة أياً كانت! ولماذا كل هذه «السُلف» غير المستردة على حساب تطبيق القانون باسم الأمن الناعم الذي بقيت منه النعومة وانتزع منه الأمن!!
وهل يدرك الذين طالبوا بالأمن الناعم وما زالوا يطالبون أن الذي حدث هو مجرد غض النظر والسكوت على انتهاكات واسعة للقانون وتعطيل تطبيقه مما أوجد فجوات واعراض خطرة وضارة في السلوك العام الذي أخذ يتصف بزيادة العنف الاجتماعي ونشاط اصحاب السوابق والملفات والجرأة على الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وحتى على رجال الشرطة انفسهم..الا يقترب ذلك من مفهوم سحب الشرطة من الشوارع اثناء الثورة المصرية؟..
نعرف الدوافع لاختيار اسلوب الامن الناعم وهو الأسلوب الذي تمارسه دول ديموقراطية عديدة حول العالم لكن الفرق هو ان هذه الدول تحمي القانون وتنفذه بعدالة ولنا ان نتذكر كيف تتعامل الشرطة البريطانية مثلاً مع الاعتداء على المحلات العامة اثناء المظاهرات قبل سنة ولكن يبدو أن الاختيار هنا للأمن الناعم كان شكلاً من اشكال عدم استفزاز اي طرف والرغبة في قطع مسافة الربيع العربي بدون مضاعفات وهو امر مختلف تماماً، فهل نجح ذلك أم أخفق؟ وما هي النتائج واين الدراسات؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ ولصالح من هذا الشكل من الامن غير الفاعل؟..
ما يمارس الان ليس حتى أمناً ناعماً حين يحتل اصحاب بسطات الشوارع الرئيسة ويعيقون حركة المرور، أو حين يعتدي طلاب مدرسة على قاعات الامتحان أو حين يجري دهس الشرطة أو طعنهم أو تكسير قاعات الدراسة في الجامعات أو اغلاق الطرق الرئيسة حتى على رئيس الوزراء أو احراق مراكز الأمن أو التطاول على الملك..
هيبة الدولة لا تكون بالهراوة وانما بتطبيق القانون الذي هو افعل من الهراوة لان القانون يطال المخالفين ويردعهم اذا ما جرى تطبيقه بعدالة ووعي ودون تجاوزات من اي طرف لان في تجاوز القانون ولو في حالة واحدة ابطال له وهذا أساس البلاء حين يصبح التطبيق اختيارياً أو مزاجياً او استثنائياً..
لا ندعو للأمن الخشن حتى لا نفهم خطأ ونطالب بعدم وضعنا في ظروف يطالب فيها البعض به..لا نريد أن نصل الى يوم ننزل فيه الى التظاهر بالشارع نطالب بتطبيق القانون لان ذلك ما أقسم المسؤول على تطبيقه ولا نريد ان نوجه العرائض نطالب بالأمن الخشن حين نجد ان القول بالأمن الناعم هوالفوضى بعينها..فهل أثمر الأمن الناعم؟ ما هي ثمراته حتى الان ؟ هل جرى قياسها وجدواها أم أن دعاته يعتبرون ان ما يقومون به هو علاج لمواجهة تطورات الربيع أو محاولات لتفويت الفرصة على المتصيدين ومثيري الشغب والفتن..!
هناك مسافة ما بين الحراك الشعبي المطالب بالاصلاح والديمقراطية وما بين أشكال من الفوضى ومخالفة القانون والعبث بالممتلكات وأخذ القانون باليد..
هل تريد بعض الرسائل الواصلة ان تقول لنا ان اردتم الاصلاح فهذا ثمنه.. انها الفوضى أو التسيب الذي يجعلكم تكفرون بالاصلاح وتطالبون بوقفه.. لماذا يربط ما بين المطالبة بالاصلاح والفوضى وعدم تطبيق القانون؟.. لماذا هذه الثنائية الفاسدة اليس للاصلاح طرق أخرى!.. أليس هو في الاصل من أجل العدالة وتطبيق القانون؟؟