أمضى موظف حكومي في إسبانيا تغيب عن العمل لعقد من الزمن دون أن يكشفه أحد وقت فراغه وهو يدير بيت دعارة للذكور، ويرسم رسومًا كاريكاتيرية مثيرة جنسيًا.
وكان كارليس ريسيو، الذي يتقاضى راتبًا قدره 50 ألف يورو، ما يعادل 80 ألف دولار، لعمله مديرًا للأرشيف في حكومة مقاطعة فالنسيا يأتي للمكتب كل صباح في تمام الساعة السابعة والنصف لتسجيل حضوره باستخدام ماسح بصمات الأصابع، ثم يتوجه لمنزله ويعود إلى المكتب في تمام الساعة 3:30 مساءً لتسجيل مغادرته العمل في نهاية وقت الدوام.
وحافظ ريسيو على روتينه هذا لمدة عشر سنوات إلى أن بدأ زملاؤه في إثارة الشكوك حوله.
وبعد نشر صحيفة "إل موندو” قصته قبل 18 شهرًا، طُرد ريسيو أخيرًا من العمل رغم إصراره على أنه لم يرتكب أي خطأ.
فأخبر الصحيفة في كانون الثاني/ يناير، قائلًا:” فعلت فقط ما طلبوا مني القيام به”.
وأكد ريسيو أنه كان يعمل من المنزل، مطلعًا القناة التلفزيونية الإسبانية لا سيكستا أنه "لا أحد باستطاعته أن يريني صورة أظهر فيها في كافتيريا، أنا رجل أفعال، وأقوم بأعمال التوثيق خارج المكتب، إنه عمل عبد، والعمل كعبد يعني أنني أعمل حتى يحصد الآخرون ثمار عملي”.
وتخلت السلطات عن محاولة لمحاكمته بعد أن قررت أن أفعاله لا تشكل جريمة، إلا أن محكمة إدارية في فالنسيا حكمت هذا الأسبوع بمنعه من العمل في مناصب عامة لمدة تسع سنوات بسبب "إهماله الصارخ للواجبات الأساسية الملازمة لموقع العمل”.
ووجدت المحكمة أنه لا يوجد أي دليل على أداء ريسيو أيًا من المهام التي زعمها، وأنه لم يقم بتسجيل الدخول في شبكة المؤسسة منذ العام 2012 رغم امتلاكه لجهاز حاسوب خاص به.
كما أن المحكمة لم تعثر على أي دليل على مزاعمه بأنه أخبر رؤساءه أنه لا يملك مكتبًا عقب عملية نقل لموقع مكتبه، أو أنه تم تكليفه بمشروع خارجي لإنشاء "مركز فني شامل”.
وصرّحت المحكمة أنه "لا يوجد أدنى دليل على تكليفه بمشروع إنشاء مركز أعمال فنية شامل، أو ما شابهه، والأنشطة التي يقوم بها أشبه بتخصيص خاص، وليس أصيلًا”.
وانتقدت المحكمة الحكومة المحلية بشدة لفشلها في الإشراف على موظفيها بشكل صحيح، قائلة إن ريسيو "أصبح مرتاحًا في الوضع الذي استفاد منه”، ولم تكن أفعاله لتكون ممكنة "دون خضوع، أو عدم اهتمام الإدارة التي كان يعمل بها”.
ومع ذلك كان ريسيو منشغلًا بأمور أخرى، ففي وقت فراغه، كان ريسيو يصنع لنفسه اسمًا كفنان للكتب المصورة المثيرة، وصانع شخصية فالاريلا Fallarela الشهيرة، وهي بطلة خارقة ذات أثداء كبيرة تقذف برتقال فالنسيا مشتعلًا باتجاه أعدائها.
كما ظهر أن ريسيو يدير بيت دعارة للذكور من منزله منذ العام 2005. وفي إحدى المراحل، هدّد بفضح أسماء عملائه محذرًا من احتمالية وجود كاميرات في الداخل وأن "المعلومات الواضحة” يمكنها أن تضر العديد من السياسيين.
وكجزء من حملته رفيعة المستوى لتطهير سمعته، حاول ريسيو حتى استخدام مرفق للمجلس لإقامة معرض فني بعنوان "الحب لفالنسيا: أعمال رجل لم يسبق له العمل”، مع ملء أربعة طوابق من الأعمال بما في ذلك اللوحات، والتماثيل، وحتى تمثال نصفي له مصنوع من معدن البرونز.
وألغت مدينة فالنسيا العرض، والتي وصفت ريسيو أنه "الكاتب الأكثر افتراء في فالنسيا الحديثة”، قبل موعد افتتاحه بعد أن اكتشف مجلسها أنه حجز المكان باستخدام اسم مزيف.
وهيمنت الأحداث الغريبة على عناوين الأخبار في إسبانيا.
وبعد صدور قرار المحكمة، انتقد الكثيرون إيقاف ريسيو عن العمل فقط، وتجنبه العقوبة القصوى المتمثلة في فقدان وضعه كموظف حكومي.
وفي مقالها الافتتاحي، قالت صحيفة "إل موندو” إنها تلقت الكثير من الملاحظات التي تفيد أن قضية ريسيو "لم تكن، الفضيحة الوحيدة للتغيب الفاضح في الإدارات العامة”.