قال نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في السودان (حكومية)، إسماعيل عمر، إن جريمة الاتجار بالبشر أصبح لها أنماط مستحدثة، منها أعمال السُخرة، والتسول المنظم، والاستغلال الجنسي، وتجارة الأعضاء.
وأضاف عمر أن "بعض القبائل المشتركة على الشريط الحدودي شرقي البلاد (بين السودان وإريتريا) تمارس الاتجار بالبشر”.
وأوضح أن "أكثر الجرائم انتشارًا هي: الحجز، والتهديد، وطلب الفدية”.
وتابع أن "انتشار التعدين الأهلي في مجال الذهب أدى إلى ظهور مجموعات تتاجر بالبشر، وتسخّر العمال والشباب في التعدين وحفر آبار بالقوة”.
وأردف: "أجريت تحقيقات في المناطق الحدودية بين السودان وليبيا، وتم رصد حالات سخرة وتهديد كثيرة”.
وتنشط عصابات اتجار بالبشر على الحدود السودانية- الإريترية وداخل مخيمات اللجوء شرقي السودان.
ويتم نقل الضحايا عبر طريق صحراوي إلى ليبيا، ومنها عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، أو إلى مصر، بدرجة أقل، للوصول عبر صحراء سيناء إلى إسرائيل.
التسوّل المنظم
المسؤول السوداني قال إنه "توجد ظاهرة جديدة تتمثل في التسول المُنظم”.
وأوضح أن "تجار البشر يحضرون أطفالًا من دول غربي أفريقيا، ويسخرونهم في التسوّل بالطرقات والمساجد، خاصة في شهر رمضان”.
وشدد على أن "التسوّل جريمة بحق الأطفال يعاقب عليها القانون”.
وأضاف: "نأمل في مواصلة الجهود لضبط تلك الجريمة، وتشييد منازل آمنة لاستيعاب الأطفال المُشردين الذين يستغلهم التجار في التسوّل المنظم”.
دول الجوار
ويكافح السودان ظاهرة الاتجار بالبشر، التي تضاعفت معدلاتها في السنوات الأخيرة، على حدوده الشرقية مع إثيوبيا وإريتريا، وكذلك حدوده الشمالية الغربية مع ليبيا.
وقال المسؤول السوداني إن "مكافحة الاتجار بالبشر تتطلب التنسيق بين الأجهزة الحكومية والدول المجارة، باعتبارها مصدرًا من مصادر الهجرة غير الشرعية”.
حجم الظاهرة
ومن الصعب معرفة حجم ظاهرة الاتجار بالبشر في السودان.
وهو ما أرجعه عمر إلى أن "الإحصاءات والأرقام غير ثابتة، في ظل وجود اختلاف حول القضايا في مرحلة التقاضي، وعدم تحديد ما إذا كانت قضايا تهريب مهاجرين أم قضايا اتجار بالبشر”.
ويعتبر السودان مصدرًا ومعبرًا لمهاجرين غير شرعيين، أغلبهم من دول القرن الأفريقي (شرقي القارة).
ولا توجد إحصاءات رسمية بأعداد المهاجرين غير الشرعيين والعصابات التي تنشط بتهريبهم.
وتبرر الحكومة هذا الوضع بضعف إمكاناتها مقارنة بالتكلفة الكبيرة لملاحقة العصابات عبر حدودها الواسعة.
دعم دولي
وبشأن الجهود الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر، قال عمر إن "الاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة تقدم مساعدات في مجالات التدريب والدعم الفني”.
وأوضح أن "الاتحاد الأوروبي دعم منذ البداية مؤتمر الخرطوم، في 2014، الذي خرج بنتائج أبرزها الاستمرار في العملية (مكافحة الاتجار بالبشر) وتكثيف التدريب”.
وأضاف: "نعمل الآن بالتنسيق مع المنظمات الدولية والأممية المعنية بالجريمة والمخدرات”.
وتابع: "نعمل حاليًا مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهذه الخطوة تفتح الباب أمام إعادة تأهيل مشروعات التنمية في السودان”.
ودعا عمر الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية إلى "دعم مشروعات التنمية، وإدارة الحدود، وملاحقة المجرمين”.
ومضى قائلًا إن "الحل الحقيقي لمكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية هو تقديم الدعم ومشروعات التنمية للبلدان الأفريقية الفقيرة، وتحسين ظروف التعليم ومحاربة البطالة”.
ورغم توتر العلاقة بين الغرب والخرطوم، إلا أن الأخيرة تحظى بدعم أوروبي لمكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، التي تتضرر منها دول أوروبية.
قانون جديد
ولمكافحة الاتجار بالبشر أبعاد متعددة، منها البعد القانوني.
وقال عمر إن "القانون سيكون منقوصًا حال عدم تشريع قانون جديد للهجرة، لوجود تقاطعات بين الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر”.
وتابع: "تشكلت لجنة بوزارة العدل لتشريع قانون لمكافحة تهريب المهاجرين، لمحاسبة مجرمي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، باعتبار أن مهربي المهاجرين يحاكمون بقانون الهجرة”.
وأوضح أن "قانون الهجرة إداري وليس جنائيًا، وحال المصادقة على القانون الجديد سيساعد في مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر”.
تقييم أمريكي
في الـ 30 من يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، ورفعت فيه تصنيف السودان من الفئة الثالثة المنتهكة لمعايير المكافحة إلى الفئة الثانية.
ووجهت الخارجية الأمريكية انتقادات للسودان، لكن في الوقت نفسه نوّهت بالجهود الكبيرة التي يبذلها لمكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وقال عمر إن "التقرير فيه انتقادات للسودان، لكنه يعتبر إيجابيًا، لا سيما وأن الحكومة اجتهدت كثيرًا خلال العامين الماضيين”.
وختم بالتشديد على أن "السودان لن يتوانى عن مكافحة هذه الجريمة”.