آخر الأخبار
  عمان الأهلية الثانية محلياً على الجامعات الاردنية بتصنيف التايمز لجودة البحوث العلمية متعددة التخصصات 2025   الحكومة: إطلاق النار في منطقة الرابية اعتداء إرهابي على قوات الأمن   الأمن : مقتل شخص أطلق النار على الأمن في الرابية   إغلاقات وتحويلات للسير لصيانة 5 جسور في العاصمة   هطول مطري بعد ظهر الأحد وتحذير من الانزلاق   مصدر عسكري مسؤول: القبض على شخص في المنطقة العسكرية الشرقية حاول التسلل إلى المملكة   استقرار أسعار الذهب في الأردن اليوم الأحد   هل هناك نية لتمديد قرار الضريبة الخاصة للمركبات الكهربائية؟ اللواء جلال القضاة يجيب ..   الحكومة تقر نظامي الإدارة العامَّة والصندوق الهندسي للتدريب   (وكلاء السيارات) تصف قرار الحكومة الجديد بخصوص ضريبة المركبات الكهربائية بـ "القرار الجيد"   إعلان هام من "الملثم" بخصوص الأسرى الاسرائيليين   الأردن.. ما المقصود بالمرتفع السيبيري؟   كتلة هوائية سيبدأ تأثيرها من يوم الاحد .. وهذه المناطق قد تتساقط عليها الامطار   "السعايدة" يصرح بخصوص إستبدال العدادات الكهربائيية التقليدية بعدادات ذكية   "ربما سأعود" .. ما حقيقة هذا المنشور لحسين عموتة؟   دونالد ترامب يرشح "طبيبة أردنية" لأعلى منصب طبي في الولايات المتحدة الامريكية   اغلاق طريق الأبيض في الكرك لإعادة تأهيله بـ5 ملايين دينار   الحكومة تعفي السيَّارات الكهربائيَّة بنسبة 50% من الضَّريبة الخاصَّة حتى نهاية العام   أورنج الأردن تختتم مشاركتها في النسخة العاشرة لمنتدى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات   الأرصاد تكشف عن مؤشرات مقلقة للغاية بشأن حالة المناخ لعام 2024

هل ما زال التفاؤل ممكنا

{clean_title}
شكل إعلان الحكومة الجديدة صدمة كبيرة تلقاها الحالمون بالتغيير، الذين إنتظروها على جمر الصبر والترقب عشرة أيام حسوما، لقد كان من المأمول وقد تصاعد الدخان الأبيض والذي رآه البعض رماديا والكثيرون أسودا شديد السواد، أن تشرع الحكومة الجديدة رئيسا وأعضاء في العمل الجاد، فالمرحلة لا تحتمل ترف الإنتظار ولا إضاعة الوقت، لا أن يجد رئيس الوزراء نفسه وحيدا محاصرا، يحاول جاهدا أن يدافع عن تشكيلة رأتها قطاعات واسعة من الشعب مواطنين ونخبا، هزيلة عاجزة وغير متجانسة كفريق لا هي وزارة سياسية تضم شخصيات وازنة ذات مرجعيات فكرية وإيدولوجية، ولا هي فنية "تكنوقراط" تضم خبراء ومتميزين جدا في مجالاتهم، وبذلك منح رئيس الوزراء خصومه الذين ساءهم بل صعقهم تكليفه برئاسة الحكومة، فرصة لم يتوقعوها او يحلموا بها لمهاجمته والإنقضاض عليه.
لقد بدد الإعلان عن أسماء الفريق الوزاري الرصيد الكبير الذي حصل عليه الرئيس بمجرد تكليفه بتشكيل الحكومة، في ظاهرة فريدة ونادرة لم تشهد لها المملكة مثيلا، وكان يمكن للتشكيلة الحكومية – وقبل أن تباشر العمل - أن تضاعف من هذا الرصيد، بما يمكن الرئيس من التغلب على الصعاب وتجاوز المفاجئات والمنعطفات التي تنتظره على الطريق، لم يكن متوقعا ولا منتظرا من الرئيس أن يحقق إختراقات فورية وجوهرية في المسألة الإقتصادية المستعصية والتي راكمتها ممارسات وسياسات غير رشيدة للحكومات السابقة على مدى عقدين من الزمان، في حين كان المجال متاحا – وما يزال وإن بدرجة أقل- أن يحقق إنجازات ونجاحات سريعة quick wins يهديها للملايين الذين فرحوا به رئيسا مكلفا ورأو فيه منقذا ومخلصا، وذلك من خلال فريق وزاري يؤكد ما توسمه الناس فيه، يجمع ما بين الكفاءة والنظافة والنزاهة والبعد عن الفساد والقرب من الناس وهمومهم، ويبدد الإعتقاد السائد من أن تولي المناصب الوزارية مقتصر على طبقة النبلاء الذين يتوارثون المناصب أبا عن جد، أو صهرا عن نسيب، إضافة إلى إتخاذ إجراءات فورية للتقشف وضبط الإنفاق من خلال إتخاذ قرار حازم وملزم وفوري بتخفيض النفقات الجارية من غير الرواتب والاجور بنسبة 20% على سبيل المثال، وإتخاذ إجراءات سريعة لتكريس مبادىء الحاكمية الرشيدة من شفافية ونزاهة وعدالة وتفعيل التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد.
لا يمكن وضع ردود الفعل السلبية على تشكيلة الحكومة في سلة واحدة، فبعضها عتب وخيبة أمل من محب وناصح وكثير منها صراخ وضجيج ممن لا يريدون الخير لهذا البلد ووجدوا في هذه التشكيلة الفرصة التي ينتظرونها للإنقضاض على الحلم في مهده والقضاء عليه والعودة إلى الحلقة المفرغة إياها، ومن فئة أخرى أثارت حفيظتها وأزعجتها الشعبية غير المسبوقة التي حصل عليها الرئيس، وتوجست خيفة من تنامي هذه الشعبية إلى الحد الذي يغير قواعد اللعبة ويهدد مكتسباتها ومصالحها، وبعيدا عن ذلك كله نتساءل كيف تمت إناطة حقيبة وزارة الصناعة والتجارة والتموين وهي واحدة من الوزارات الإقتصادية المهمة بأستاذ جامعي في الحقوق، علما بأنه سيكون بحكم منصبه عضو أساسيا في الفريق الإقتصادي للحكومة، فكيف ينسجم تعيينه في هذا المنصب المهم والحساس مع مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، إلا إذا كانت هناك تبريرات منطقية لا نعلمها أو أن وراء الأكمة ما وراءها.
نقطة أخرى أضاعها الرئيس كان يمكن من خلالها أن يسجل أهدافا ملعوبة في ساحات كثيرة، ألا وهي ترشيق الحكومة من خلال تخفيض عدد الوزارات أو عدد الوزراء، فبإستثناء موقع نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية الذي كان يشغله د. جعفر حسان، بقيت كافة المواقع والحقائب كما هي في الوزارة السابقة، على الرغم من أن خطوة كهذه لن تكلف الحكومة ورئيسها شيئا ولكنها ذات أثر إيجابي بالغ في مجال إقناع الجمهور في جدية الرئيس في تبني وتطبيق نهج مختلف، إضافة إلى أثرها الإيجابي في مجال خفض النفقات، فما الداعي مثلا لوجود وزير دولة للشؤون القانونية في ظل وجود وزير للعدل وفي ظل وجود ديوان للرأي والتشريع، ألم يكن بالإمكان تكليف وزير واحد بحمل حقائب الثقافة والشباب والشؤون السياسية والبرلمانية خاصة في ظل محدودية الأعباء والمهام الملقاة عادة على كل من وزارة الثقافة ووزارة الشباب مقارنة بالوزارات الأخرى وفي ظل تواضع دور وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، ترى ما هي الإنجازات العظيمة التي حققتها هذه الوزارة على مدى السنوات الماضية، لماذا لا يتم دمج وزارة البيئة مع وزارة المياه والري وهناك الكثير من التقاطعات في الإختصاص ومجال العمل، كذلك الحال بالنسبة لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، حتى الحقيبة المتعلقة بوزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة تطوير القطاع العام تم فصلها إلى حقيبتين إثنتين لتوفير حقيبة وزارية لشخص تم طرحه (كقيمة مضافة) لهذه الحكومة.
على الرغم من أننا كنا نأمل أن يكون تشكيل الحكومة بحد ذاته بداية المشوار الطويل نحو الإصلاح المنشود، إلا أننا نضم صوتنا لأصوات الكثيرين، بأن يتم تجاوز هذه الجزئية – هل هي جزئية فعلا ..؟! - وأن يتم إعطاء الرئيس وحكومته العتيدة الفرصة التي تستحقها والوقت الكافي الذي تحتاجه لترجمة تعهدات الرئيس فيما يتعلق بالمرحلة القادمة، فالبرغم من التحفظات العديدة على الفريق الوزاري وعلى توزيع الحقائب ، فإن شخص الرئيس وتاريخه وقربه من الناس وإرثه العائلي المشرف نقاط إيجابية يجب البناء عليها ، إضافة إلى أن الحكومة ستعمل تحت أعين ورقابة الجميع خاصة الشباب الذين أطلقوا شرارة التغيير وهم جاهزون دوما ويقظون وفي جعبتهم الكثير من البطاقات الصفراء وبطاقات أخرى ذات لون أحمر.
حمى الله الوطن وجنبه كل مكروه.