آخر الأخبار
  تصريح رسمي حول انتشار الانفلونزا في الأردن   سوريا .. تصفية شجاع العلي المشتبه بتورطه في جرائم مسلحة   خطة أمنية شاملة خلال فترة امتحانات الثانوية العامة   مهم من وزارة العمل حول أخر يوم للإجراءات التنظيمية للعمالة الوافدة   مراكز الإصلاح تُمكّن أحد نزلائها من اجتياز متطلبات الماجستير   مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي الشوابكة   "جمعية البنوك الاردنية" تبشر الاردنيين بخصوص أسعار الفائدة للعام القادم   أمطار قادمة للمملكة في هذا الموعد!   الأردن يرفض اقتحام وزير أمن الاحتلال للمسجد الاقصى   النائب عطية يسأل الحكومة عن هرب 13 ألف عاملة منزل   الضريبة تدعو الأردنيين لتقديم طلبات التسوية.. وتعلن السبت دوام رسمي   التعليم العالي: لا مخالفات علينا في تقرير ديوان المحاسبة 2023   وزير الداخلية ينعى المساعدة   الاردن .. كم لاجئاً سوريا عاد إلى بلاده منذ سقوط الأسد ؟   وفاة موظف في وزارة التربية .. والوزير ينعاه   الأوقاف تدعو المواطنين لأداء صلاة الاستسقاء   بشرى سارة للمقترضين في الأردن   هذا ما ستشهده سماء المملكة في الفترة من 28 كانون أول/ ديسمبر إلى 12 يناير   محاضرة توعوية في عمان الأهلية حول العنف الأسري   وفد طلابي من عمان الأهلية يزور اللجنة البارالمبية الأردنية

الإصلاح بين الأزمة والحلّ..!

{clean_title}
يطالب غالبية الشعب بحلّ مجلس النواب لعدم ثقتهم به في الوقت الذي يريدون فيه من رئيس الوزراء المُكلّف (الرزاز) الاستمرار في تشكيل الحكومة الجديدة ويضعون ثقتهم به كآخر الآمال للخروج النسبي من الأزمة التي تمثلت بالنهج الجبائي التسلطي وغياب الخطط والاستراتيجيات العلمية الاقتصادية لدى الحكومات المتعاقبة المُفلسة علميا وفكريا بل وأخلاقيا من وجهة نظر الشارع او الممنهجة سياسيا لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة من وجهة نظر الكثير من المحللين والمفكرين!!..
ان رئيس الوزراء المُكلّف لا يمكن له ان يستمر هو وحكومته حال تشكيلها من غير الحصول على الثقة من مجلس النواب حسب أحكام المادة 53 من الدستور! ومجلس النواب ليس مؤهلا من وجهة نظر الشعب لإعطاء الثقة وذلك لأن هذا المجلس فضلا عن انه تشكل بموجب قانون انتخاب يعتريه العَوَر وتفوح منه رائحة التدخل السياسي والأمني فإن هذا المجلس لم يزل قائما على المصلحية الذاتية او الخدماتية المخصوصة في أفضل احواله ولا علاقة له بنبض الشارع ومتطلبات الشعب فضلا عن بعده كل البعد عن ان يُمثل سلطة تشريعية نُخبوية حيادية وموضوعية بل وقام بالتواطؤ مع حكومة الملقي الكارثية والتي مثّلَت امتدادا طبيعيا لنهج الحكومات السابقة!
ان الملك عندما قام بِحلّ الحكومة ثقة برأي الشعب ومطالبه او تداركا لما هو أسوء! قام بتحصين مجلس النواب دستوريا حيث أنه لا يمكنه حلّ هذا المجلس بما له من صلاحيات حسب أحكام المادة 34/3 من الدستور الا بشرط استقالة الحكومة ! لأنه في هذه الحالة وبنص الدستور يجب على الحكومة التي كلف الملك رئيسها بتشكيل الحكومة ثقةً به ان تستقيل خلال اسبوع من تاريخ حل مجلس النواب حسب أحكام المادة 74 من الدستور ولا يحق لرئيس الحكومة التي استقالت حكومته ان يُشكل الحكومة التي تليها!!! " المادة 74/2 الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها".
بمعنى ان الملك بقراره اقالة الحكومة التي لا يثق بها الشعب وتكليفه لرئيس وزراء يثق به هو والشعب قد حصّن بالضرورة مجلس النواب الذي لا يثق فيه الشعب بل وعلى الأرجح لا يثق به الملك أيضاً! وان مجلس النواب هذا الذي لا يثق فيه الشعب بيده اعطاء او حجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء المُكَلّف بل وقام برفع كرت التهديد الأحمر لحجب الثقة علانية من خلال بعض نوابه!! وبكل الأحوال فإن حصلت حكومة رئيس الوزراء المُكَلّف على الثقة من مجلس النواب فمن غير المعقول دبلوماسيا وقانونيا وسياسيا حل هذا المجلس من غير عواقب قد لا تُحمَد عقباها!!
اضافة الى المأزق السابق ذكره فلابد من الإشارة الى ان الحكومة وحسب أحكام المادة 94 من الدستور بعد التعديلات الأخيرة لا تستطيع في حال تم حلّ مجلس النواب ان تضع قوانين الا في حالات حددها الدستور حصرا على النحو التالي: "المادة 94/1-عندما يكون مجلس النواب منحلاً يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور الآتي بيانها: أ-الكوارث العامة. ب-حالة الحرب والطوارئ. ج-الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل، ويكون للقوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام الدستور قوة القانون على أن تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده.." مما يعني بالضرورة عجز هذه الحكومة عن اصدار قانون انتخاب مؤقت يسعف بانتخاب نخبة من ابناء الشعب الواعين والمفكرين بعيدا عن التأثير السلبي لأي معيار اجتماعي او طبقي او اقتصاديّ!
كما لابد من الاشارة الى ان الدستور الاردني لم يعالج مسألة الشغور الحكومي بشكل وافٍ ومفصل وهذه الحالة عندما يُحل مجلس النواب وتستقيل الحكومة خلال اسبوع من حلّه فلا شك ان هناك فترة ما بين حلّ المجلس واستقالة الحكومة وبين انتخاب مجلس نواب جديد خلال اربعة اشهر تحت طائلة ان يعود المجلس المنحلّ الى العمل بكامل سلطاته الدستورية لحين انتخاب مجلس جديد وهذا ما نصت عليه المادة 73 من الدستور وعلى النحو التالي: " المادة 73-اذا حل مجلس النواب فيجب اجراء انتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل باربعة اشهر على الاكثر وتعتبر هذه الدورة كالدورة العادية وفق احكام المادة (78) من هذا الدستور وتشملها شروط التمديد والتاجيل .
2-اذا لم يتم الانتخاب عند انتهاء الشهور الاربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن ويستمر في اعماله الى ان يُنتخب المجلس الجديد".
وقد جرى العرف الدستوري على ان تستمر الحكومة المستقيلة كحكومة تصريف أعمال مؤقتة لحين تشكيل الحكومة الجديدة تشكيلا دستوريا ولا يُعرف ما الذي منع المشرع ويمنعه او يُثنيه عن وضع آلية لمثل هذه الحالة مع العلم بأنه قد صدرت أكثر من 20 ارادة ملكية سامية بتكليف حكومات مستقيلة الاستمرار كحكومة تصريف اعمال، ابتداء من عام 1954الى عام 2018 مع العلم أيضا ان حكومة تصريف الاعمال بحسب العرف القانوني الدستوري لا تملك الا صلاحيات محدودة تتعلق بالقرارات الاعتيادية وادارة شؤون الدولة التي لا تتعلق بالسياسات العليا ولا باقتراح تعديلات الدستورية او مشاريع القوانين.
قد يقترح البعض تفعيل قانون الدفاع سندا لأحكام المادة 124 التي نصت على أنه : "اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية الى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء".
الا ان هذا غير ممكن قانونيا حيث ان المادة 124 من الدستور تتحدث حالات ارهاب او فتن تحدثها مجموعات مسلحة او عن مسألة من شأنها ان تهدد الامن الوطني او السلامة العامة من أوبئة أو آفات ولا تتحدث عن مسائل متعلقة بقرارات سياسية او اجراءات لا تؤثر في الأمن القومي او تهدده او تهدد السلامة العامة وهذا ما يفهم من خلال المادة الثانية من قانون الدفاع لعام 1992 التي وضحت مقصود المادة 124 من الدستور حيث نصت على: " أ- إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ تهدد الأمن الوطني أو السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة أو في منطقة منها بسبب وقوع حرب ، أو قيام حالة تهدد بوقوعها ، أو حدوث اضطرابات أو فتنة داخلية مسلحة أو كوارث عامة أو انتشار آفة أو وباء يعلن العمل بهذا القانون بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء. ب- تتضمن الإرادة الملكية بيان الحالة التي تقرر بسببها إعلان العمل بهذا القانون والمنطقة التي يطبق فيها وتاريخ العمل به. ج- يعلن عن وقف العمل بهذا القانون بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء".
وقد يرد ايضا اعلان الاحكام العرفية سندا لأحكام المادة 125 من الدستور وحيث ان المادة 125 من الدستور نصت على أنه " في حالة حدوث طوارئ خطيرة يعتبر معها ان التدابير والاجراءات بمقتضى المادة السابقة من هذا الدستور غير كافية للدفاع عن المملكة فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء ان يعلن بارادة ملكية الاحكام العرفية في جميع انحاء المملكة او في اي جزء منها". ونلاحظ ان هذه المادة اشترطت ان تكون الحلة الطارئة أشد تهديدا وخطرا على الأمن الوطني او السلامة العامة مما يعني بالضرورة انه يرد عليها قيود أكثر من سابقتها لتفعيلها وبغير هذا القول سنضع غالبية ان لم يكن كافة المبادئ الدستورية في مهب الريح وعلى رأسها مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ الانفراد التشريعي وأبو المبادئ كلها وهو مبدأ المشروعية!!
باستقراء كل ما سبق واذا اردنا المحافظة على حكومة الرزاز التوافقية فإن المخرج يكمُن في الابقاء على مجلس النواب الحالي للخروج من الأزمة لكن ان يتلازم ذلك مع قيام الحكومة الجديدة بالالتزام بالإصلاح النسبي والصادق والفاعل وذلك من خلال اقتراح تعديلات دستورية تعالج جميع الثغرات المتعلقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية واقتراح قانوني انتخاب وأحزاب حقيقيين يلبيان متطلبات النهوض بهذه الدولة لتشكيل حكومة برلمانية في المستقبل القريب وبذات الوقت قيام الحكومة الجديدة بإعادة هيكلةٍ لمؤسسات الدولة تدريجيا واستعادة المؤسسات العامة والشركات العملاقة واستنقاذها من أيدي الفاسدين بعيدا عن الحسابات الأمنية غير الحيادية والمبالغ بها وبعيدا عن تدخل العصابات المجرمة الفاسدة التي تمثل الدولة العميقة التي لم تزل تجر بالدولة الى الهاوية وتقود الشعب الى الفوضى والى صِدام مباشر مع النظام صداما لا تُحمد عقباه! وهذا كله غير ممكن من غير قيام الملك ومن خلال قرارات سياسية استثنائية وفاعلة ونافذة وحازمة بالضغط على الحكومة ومجلس الأمة (النواب خاصة) والاجهزة الامنية والأحزاب والنقابات وممثلي شرائح الشعب للسير نحو هذه الإصلاحات تأكيدا منه على التزامه الثابت بشرعية مطالب الشعب ووقفته الحازمة في صفها وتخندقه في خندق شعبه.
وعلى هذا الشعب من جانبه بكل أطيافه افرادا وجماعات ..أحزاب ونقابات.. جيش ..مخابرات وأمن ودرك أن يتحمل الكل مسؤولياته ويثبت انتماءه لهذا الوطن حقا والتفافه حول قرارات الملك وتوجيهاته للإصلاح على أساس ما قد سبق ذكره ومن غير الالتفات الى اي معوقاتٍ او فتنٍ أو مصالحٍ على اساس مناطقي او اجتماعي او ايدلوجي كان وعلى هذا الشعب ان يبادر من جانبه الى الضغط الفاعل على ممثليه في مجلس النواب لتقبل الامر الواقع في عملية الاصلاح تحت طائلة مساءلتهم وكل من يشدّ على أيديهم وعلى أيدي من يقف عقبة في طريق الاصلاح بمحسبتهم على اساس تهديد الأمن والسلم المجتمعي بل وتهديد الأمن الوطني ..!!
بهذا نتجاوز الأزمة ونرتقي بالوطن..