آخر الأخبار
  وزير البيئة: مخالفة الإلقاء العشوائي للنفايات قد تصل إلى 500 دينار   سمر نصار: جلالة الملك عبدالله الثاني كرم جمال السلامي بمنحة الجنسية الأردنية تكريماً لجهوده مع المنتخب ومهنيته حيث أصبح جزءا من عائلة كرة القدم الأردنية   عرض إيطالي ثقيل لنجم في منتخب النشامى   93٪ من مواطني إقليم الوسط يرون مشروع مدينة عمرة فرصة لتوفير وظائف واستثمارات   جمعية الرعاية التنفسية : تخفيض الضريبة على السجائر الإلكترونية طعنة في خاصرة الجهود الوطنية لمكافحة التبغ   الأمانة توضح ملابسات إنهاء خدمات عدد من موظفيها   18.4 مليار دينار موجودات صندوق استثمار الضمان حتى الشهر الماضي   ولي العهد يترأس اجتماعا للاطلاع على البرنامج التنفيذي لاستراتيجية النظافة   قرار حكومي جديد بخصوص أجهزة تسخين التبغ والسجائر الالكترونية   إجراءات حازمة بحق كل من ينتحل شخصية عمال الوطن   إرادة ملكية بقانون الموازنة .. وصدوره في الجريدة الرسمية   بتوجيهات ملكية .. رعاية فورية لأسرة من "ذوي الإعاقة"   منتخبا إسبانيا وإنجلترا يقدمان عرضين لمواجهة النشامى "وديًا"   استطلاع: 80% من الأردنيين يرون مشروع مدينة عمرة مهما   الأردن الرابع عربيًا و21 عالميا في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية   التربية تنهي استعدادها لبدء تكميلية التوجيهي السبت المقبل   تحذير أمني لمالكي المركبات منتهية الترخيص في الاردن   الدفاع المدني ينقذ فتاة ابتلعت قطعة ثوم في الزرقاء   "المياه" تدعو المواطنين للتحوط بسبب وقف ضخ مياه الديسي لـ4 أيام   الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري الأمم الآسيوية

الاعلام في ورطة

{clean_title}
يتحتم على مسؤولي الدولة الأردنية العقلاء، أن يعوا جيداً، أن الإعلام الأردني يمرّ في أسوأ مراحله، من إعلام رسمي وشبه رسمي وخاص، مقروءاً ومسموعاً ومرئياً، ورقياً والكترونياً، وأن بقاءه في خانة التغييب، بالتكميم والترهيب، ينعكس بكل النتائج السيئة على الدولة وأركانها، ويضعفها استراتيجياً، ويضعها في مهب الريح.

إن تقزيم الإعلام الاردني، وتحجيم دوره، وتكميم أفواهه، والتغول عليه، عبر سياسات وقوانين قاصرة صارمة، للحيلولة دون خوضه في العديد من القضايا الوطنية والاقليمية المصيرية، أضعف موقف الدولة الاردنية، وأفقدها تأثيرها، وترك انقياد الرأي العام المحلي تلقائياً لمنصات الاعلام المجتمعي، التي باتت تسيطر بشكل مطلق، وتبحر خارج المياه الاقليمية للدولة وأدواتها ..

ان تغييب الرواية الاعلامية الوطنية المسؤولة ، عبر تكميم وسائل الإعلام، بقوانين ألجمتها، وأخرستها، وأرعبتها، ترك تشكل الراي العام لعوالم افتراضية فوضاوية غوغائية، لا أب لها ولا نسب .. تعج بخطابات الكراهية، والتجنيد الفكري، والاستقطابات المجهولة والمعلومة، والاصطفافات التي لا يعلم بها سوى مارك قدس سره ..

لقد أصبح الرأي العام منقاداً بالمطلق وراء فضاءات فوضىاوية مفتوحة على مصراعيها لما هبّ ودبّ، لا يحكمها أية ضوابط، وأخصيت وسائل الإعلام الوطنية، وقصت ألسنتها، وإسكتت أصواتها، في وصفة غبية مجانية، قدمت على طبق من ذهب، لعوالم التيه الالكتروني، التي أطبقت احكامها على الرأي العام، فغدا موقف الدولة الان، كمن سحب البساط من تحت قدميه بيديه تماماً !

العاملون في مهنة المتاعب، لم يعد يتعب منهم أحد الا من رحم ربي، وتحول عديدهم الى مدخلين للبيانات لا أكثر، يعلمون تماماً المساحة المخصصة لهم، والحركة المتاحة، حتى تقمص منهم من تقمص الأدوار المناطة بهم، طوعاً وتطوعاً، بجهل وسذاجة، أو خوف وحماقة، وتولدت في حبر دواتهم رقابة ذاتية نابعة من الرعب لا الحرص، حتى أصبح لا يحتاج واحدهم عناء الرقابة والتوجيه، ومنهم من ينافس "مَلكية" المطبوعات والنشر، والمرئي والمسموع، ونصوص القوانين المكممة للاعلام، في "مَلكيتها" باستماتة !.

إعلاميون آخرون ، قلّمت أظافرهم، ودجّنت مواقفهم، وكسّرت أجنحة أقلامهم وعزائمهم، وأُوصِلوا الى مرحلة اليأس والحائط المسدود .. فمنهم من غاب وغيّب، ومنهم من يوشك على الغياب .. وما غيّرو ولا عدّلوا أو بدّلوا تبديلا ..

وآخرون "كتبة"، من "ذوي الاعمدة" اليومية، شهية قريحتهم مفتوحة على مدار اللحظة، والمقالة التي لا تعجبك، خذ غيرها، لا يقرأ نتاجهم الكاسد سواهم .. لا يملّون أو يكلّون من شق بطون أقلامهم، بعمليات قيصرية يومية، لاجتراح النصوص الفارغة، وإنجاب ذات الأجنة المشوهة، والهراء اليومي، الذي يقبضون عليه دراهم تحفزهم على مباطحة طواحين الهواء.

الإعلام المحلي الذي لم يعد يقدر أو يجرؤ تعدي سقف أخبار الحوادث المرورية، والسرقات، والجرائم، وأخبار مكتب الإعلام بمديرية الأمن العام، وتغطية أخبار الحرائق والاسعافات القادمة من الدفاع المدني، والأنشطة البروتوكولية للسادة المسؤولين ووزاراتهم، المكتوبة سلفاً، والموزعة عبر الإيميلات، ومناكافات مجلس النواب الذي مل الناس حواديته، وأخبار حضورهم وغيابهم .. هو اعلام عاق وعاقر، لا يؤثر بشلن، ولا يستحق أن يسمى اعلاماً .

الإعلام الذي يحجب الرأي العام، المعترض على مواقف عربية، لا يرتضيها الوجدان والضمير ولا المبادىء الوطنية قبل الإعلامية، في قضايا مصيرية تمر بها الأمة ضمن مخاضاتها المتعسرة .. هو إعلام مرعوب وجبان، ومزيّف للوقائع والمواقف الوطنية والشعبية الحقيقية.

ليس من مهمة الاعلام الذي يحترم نفسه ودولته، إبراز جماليات الحكومات، ولا مكيجة قبحها ، ولا من دوره إخفاء العيوب في ثياب قراراتها وسياستها المرقعة، ليرضى دولة رئيس حكومة، أو وزرائه، ومسؤولي الدولة، بنقل الواقع المرير، بشكل مخالف مغاير، للمواطنين والقيادة، التي دون أدنى شك ترفض ذلك، ولا ترتضيه ابداً، وتحض الناس بالضغط على المسؤولين، لاصطفاء الأصلح والأنسب والاكفأ منهم.

كيف لإعلام الطمس والميك اب، أن يكشف مكامن خلل مسؤول أو مؤسسة، للقيادة والمسؤلين الأعلى مرتبة، ليتسنى تصويب الخلل، اذا غضت الأقلام طرفها، وسكتت الألسن والحناجر، كيف تصل الرسالة ؟

علينا أن ندرك، ان الدولة التي تخشى من حرية الرأي والتعبير، ستصطدم لاحقاً بجموع المضغوطين المكبوتين الذين ما استطاعوا إيصال أصواتهم ضمن قنوات تصريف قانونية طبيعية، بشكل وطريقة لا يتمناها ولا يريدها أحد .

الحقيقة العلمية المجربة، التي وعتها دول وحكومات غيرنا وقبلنا، أيقنت خلالها بأن الاحتقانات الشعبية يتم التعامل في ادارة ازمتها، بتفريغها .. لا تكميمها ، ضمن قوانين فيزيائية لا تقبل النقض، بان الضغط يولد الانفجار لا محالة، رغم فهلوة المقتنعين بقدسية آرائهم وسياساتهم المتخلفة المبجلة.

على مسؤولي الدولة الاردنية أن يدركوا، أن الانتماء والولاء للاردن وقيادته، وكل ذرة تراب فيه وعليه، لا يتأتى بتحويل الإعلام الى قط أليف مرعوب مدجن، سيكون اول الساقطين في ميدان معركة لو قدر للدولة خوضها، وأول المستسلمين والمسلّمين راياتهم !