إضاءه على المشهد في الاردن المناصب والمكاسب الغاز واحاجي
في ملاكات الدولة وفي كل مؤسساتها ، ترتطم أسماع الناس وأبصارهم ، يوميا ومنذ البدء ، دون تبرير مقبول ، بحالات تنصيب وتداول مكرر ، لمناصب ومكاسب ولا أهم ، وأخرى ذات حساسيات مفرطة . يفوح من جلها بعض سمات : ألمنح ، الأعطيات ، ألمكافآت وألتنفيع . وبعضها التطويب والتوريث والإفتعال . وبعض بعضها الإملاءات . ويبتعد كثيرها ، عن معايير تكافؤ الفرص ، وفقه إسكان المناسب في الموقع المناسب .
لم يعد هذا الخلل ، مقتصرا على مناصب معينة ، في الجهاز الحكومي للدولة. بل تمدد إلى هيئات ومؤسسات وشركات وبنوك كبرى في البلد . ناهيك عن ألجامعات , وألمستشفيات , والأحزاب .
بالطبع ، هناك شئ من الإستثناءات والهوامش . سمحت بصعود بعض المتميزين ، الأكفاء في مسارات حياتهم ألعملية ، إلى بعض مقدمات المشاهد العامة . إلا أن ظاهرة التوريث شائعة ، بما يكفي لتوليد مشاعر ألمرارة وخيبات الأمل وسوء الظن ، لدى كثير من الكفاءات التي إجتهدت بإخلاص ، في إنماء قدراتها وكفاءاتها ومهاراتها ، لتسهم بِنِدِّيَةٍ في حماية وبناء الوطن . قناعة منها بأن الوطن للجميع . وأنهم سواسية ، وأصحاب فرص متكافئة فيه .
عند كل تقاسمٍ ، للكثير من ألمناصب الحساسة ، أو النطنطة فيها أوالقفز عليها ، هناك بالقطع غرابيل للتزكية ، ومطابخ لأعداد مسودات القرارات . ولكل مطبخ منها ، حسابات متعددة المجسات . منها : المجاملة ، ومنها الشللية ، المناطقية ، المحسوبية ، الاستنساخ . تعمل وفق آلياتٍ مُتوافَقٍ عليها ، على إبراز بعض الذوات وتلميعها وتعويمها ، وشيطنة البعض الأخر . بدوافع وحيثياتٍ لا يختلف إثنان ، على أن الكثير منها ، لا يمت للمصلحة ألعامة بأي صلة ، وبعيدة عن حقيقة كفاءاتها وجداراتها.
إذا بقي ألوضع في ظل ألتحديات ألإقليمية ألخطرة ، على معاييره ألقديمة ، ستظل ثرثرات الحكومة عن الإصلاح ، كلام بلا طائل . ويخشى الناس أن يتم مع توريث ألمناصب ، توريث السياسات والأداء .
و لكن ، بعد النقله النوعيه في الحياة السياسيه ، وإرتفاع ألمستوى الثقافي والمعرفي لأبناء الوطن , فقد أصبحت ألمعادلات السابقه للتنصيب ، شديدة الضرر على ألمصلحه ألوطنيه . وباتت ألمراجعات ألشاملة للإصلاح هي ألمنقذ من الضلال .
دون إنتقاص من دور أيٍّ من رجالات الوطن ، والأسس التي تم تمكينهم وفقها ( الأمن – الولاء ) . لا بد من الإعتراف العملي لا اللفظي ، بأن عوالم اليوم مختلفة عن عوالم الامس . وتتغير في أرحامها ، كل مناحي الحياة بوتائر سريعة . تفرض على كل متنطح في ظلها لخدمة الناس ، مهارات متقدمة ومستدامة ، مُعَزِّزَة ٌ للملكات الحقيقية ، لا تكايا الحسب و النسب والولاء او المكافئه .
من أين نبدأ ؟ من البيضه أم من الدجاجه ؟ هنا مربط ألفرس !!!
يتمنى الحالِمُ ، البدأ من أكلة الجبن – أصحاب المناصب والمكاسب . ويعلم الواقعي أن الكثير مما نشكو منه ، معشعش في منظومات قيمنا العميقه . لذا ، فإن جل نظام حياتنا وممارساتنا في كل الميادين ، هو ما يجب أن نسقطه . فمع االتخلص منه ، يسقط الكثير من ألمُسَميّات والتوصيفات التي نطالب بإسقاطها ، ويسهل فرض ألمناسب في ألمكان ألمناسب .
فرز ألقيادات وألكوادر ألمتقدمة للوطن ، يحتاج لدولة قانون ومؤسسات حرة . و الأحزاب الحقيقية لا الشكلية أو ألدكاكين وبسطات الإرتزاق والواجهات العائلية ، من أهم هذه المؤسسات . وهي لأكثر من سبب ، غائبة تماما . وللأسف فإن قانون الأحزاب والصوت الواحد ليس سوى شعار لمسمار جحا تستغله كثرة من " الاحزاب " المتقاعسة لتعليق عجزها وفشلها عليه .
على وقع ذلك ، فإن المطلوب لتغيير آليات تفريخ ( النخب ) الإدارية للدولة ، إصلاحات شاملة حقيقية ، تمس عمق ألحياة ألسياسية . وفي مقدمتها ، قوانين عصرية للحريات العامة ، للأحزاب ، للإنتخابات ، وأسس إنتقاء الكوادر المتقدمة ، لإدارة شؤون الحياة في الوطن .