غير معروف عدد «المراكز» التي تعمل عندنا بعناوين مختلفة بحجة تبني «الإصلاح» والترويج له والسفر الى الدول «المعنية»..!! لتقديم كشوف حسابات بما تم انجازه وبما لم ينجز لكن هناك من يقول أن العدد بات يتجاوز الألف وإن هذه «المراكز» أنجبت قادة نجباً و»رجُلات» أعمالٍ بارعات وكل هذا والحكومات المتلاحقة بسرعة البرق لم تحرِّك ساكناً وتنشغل بحساب ما أمضته في مواقع المسؤولية وما بقي لها من أيامٍ الى أن يقضي الله امراً كان مفعولا..
إنه غير جائز قطع الأرزاق فـ«قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق» لكن إذا كان لابد من الصمت حتى لا يصطدم الأردن كدولة بأصحاب الشأن «وراء البحور والمحيطات» على غرار ما حصل مع مصر عندما حاولت الإقتراب من «بقرات» الإصلاح المقدسات فإن هناك ضرورة على الأقل لضبط هذه الفوضى المراكزية وتنظيمها بحيث تُشكَّلُ لها جبهة واحدة عريضة أو ضيقة بالإمكان أن يكون لها نظام داخلي وتشملها القوانين النافذة المتعلقة بالجمعيات الخيرية مع أن خَيْرَ هذه المراكز يقتصر على المكلفين بها والمفترض أن أسماءهم معروفة رغم كثرتهم وتعدد مشاربهم... ومآكلهم!!.
لأكثر من مرة أُثيرت هذه المسألة الحساسة والتي تشكل خطراً أمنياً على أمن المجتمع الاردني والدولة الاردنية لكن ورغم ذلك بقيت الحكومات المتعاقبة «إذناً من طين وإذناً من عجين» وشعارها :»حايد عن ظهري بسيطة» مما جعل هذه الظاهرة تستشري وتتجاوز كل الحدود وجعل المكلفين المحليين بها يخرجون من المدن الرئيسية وينتقلون بأعمالهم الى الأرياف والقرى والى المناطق العشائرية.
إنه غير مطلوب مناطحة صخرة أصحاب هذه المراكز ومموليها وراء البحار والمحيطات لكن على الأقل لابد من حصر أعداد هذه المراكز ومعرفة أسماء الملتزمين بها ولابد أن تمر عمليات تمويلها بمجلس الوزراء وفقاً للقوانين النافذة في مثل هذه الحالات كما أنه لابد من إخضاع «مداخيلها» للقوانين الضرائبية إنطلاقاً من انها ليست جمعيات خيرية وإنما جمعيات «تَعيُّشية» يجب وبالضرورة أن يخضع أصحابها لسؤال :»من أين لك هذا»؟ ومع العلم أن هؤلاء الأكثر حديثاً عن الفساد والأكثر مطالبة بمحاربته وبفضح الفاسدين وملاحقتهم والإعلان عن أسمائهم على رؤوس الأشهاد!!.
لماذا هذا الصمت المريب..؟! وإذا كان سببه أولئك الذين يمدون أيديهم الى بلدنا من وراء البحار والمحيطات والذي يجرون اتصالات مع بعض الأردنيين من وراء ظهر الدولة الأردنية ويدفعون أموالاً غير مراقبة من الجهات المعنية فإنه بالإمكان مطالبتهم بالمعاملة بالمثل.. حيث لا يستطيع أي إنسان في بلدانهم أن يتقاضى حتى من جدته أو خالته في مناطق هذا الشرق البعيد المهيض الجناح «تَعْريفةً» واحدة دون أن يبلغ عنها وأن يخبر بها السلطات الضريبية هناك على الأقل.
لا يجوز أن يبقى المعنيون بالأمر يطأطئون رؤوسهم ويضعون أكفهم فوق عيونهم إزاء هذه الإختراقات السياسية والأمنية.. ويقيناً لو أن أحدا منهم في مواقع المسؤولية التي من المفترض أنها تراقب هذه المراكز «تنحنح» وأظهر عيناً حمراء وبالحدود الدنيا لوجدنا أن أعداد هذه «الحراكات» الجانبية «الصُّراخية» قد تراجعت كثيراً ولتدنَّت أعداد التقارير التي ترسل الى من هم وراء البحار والمحيطات والتي تَظْهرُ كـ»ريبورتاجات» صحافية في العديد من وسائل الإعلام الغربية التي مما يثير الإستغراب أنها تفتح عيونها أكثر من اللزوم على هذا البلد وتغلقها أمام كل هذه المآسي السرية والعلنية التي تمارس إن في بعض البلدان في هذه المنطقة وإن في خارجها.. والله من وراء القصد!!.