آخر الأخبار
  الأمن يحذر: ابتعدوا عن السيول ولا تتركوا المدافئ مشتعلة   محادثات أردنية صينية موسعة في عمّان   الأمانة تعلن الطوارئ المتوسطة استعدادا للمنخفض   عمان الأهلية تُوقّع اتفاقية تعاون مع شركة (Codemint) لتطوير مخرجات التعلم   الأميرة سمية بنت الحسن تكرّم عمّان الأهلية لتميّزها في دعم الريادة والابتكار   الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة 20 دينارا للأسرة   مجلس الوزراء يكلف الاشغال بطرح عطاءات مدينة عمرة   إعفاء لوازم مشروع الناقل الوطني من الضريبة والرسوم   نظام معدل للأبنية والمدن: تخفيض قيود المشاريع ورسوم بدل المواقف   الحكومة ترفع الرسوم المدرسية على الطلبة غير الأردنيين إلى 300 دينار   ارتفاع أسعار الذهب محليا   منخفض جوي مساء اليوم وطقس بارد وماطر   فيضانات مفاجئة في آسفي المغربية تخلف 7 قتلى و20 مصابا   المواصفات والمقاييس: المدافئ المرتبطة بحوادث الاختناق مخصصة للاستعمال الخارجي فقط   الاتحاد الأردني يعلن إجراءات شراء تذاكر جماهير النشامى لكأس العالم 2026   20 دينارا للأسرة .. الحكومة تصرف معونة الشتاء لمرة واحدة   الموافقة على تعديل الأسس المتعلقة بتحديد الرسوم المدرسية للطلبة غير الأردنيين   السفيران سمارة والمومني يؤديان اليمين القانونية أمام الملك   مندوبا عن الملك وولي العهد .. العيسوي يعزي الخلايلة والعواملة   الملك يلتقي فريق الجناح الأردني في إكسبو 2025 أوساكا

الثورات العربية وخطاب الكراهية

{clean_title}

الثورات فعل إنساني نبيل حين تكون ضد الظلم، ولذلك غالباً ما نرى أن الثورات تحمل مبادئ إنسانية جميلة، ولكن الرهان لا يكون أبداً على ما تدعيه الثورة من مبادئ ولا على ما ينادي به الثوار من شعارات، بل على المنحى الذي تأخذه الثورة بعد الانتصار وعلى السلوك والخطاب الذي يتبناه الثوار.
ولأن (الثورات) العربية ليست خارج هذه المعادلات، فإن الحكم عليها ليس عبر الشعارات التي بحت الحناجر التي تصدح بها، وليس الكلمات الثلاث التي كانت تتردد (كرامة وخبز وحرية)، بل عبر ما أنتجته من مواقف ومن خطاب تجاه الوطن والمواطن، وتجاه التاريخ السابق والآخر.
وحتى لا أكون ممن يتكلمون على حالات معممة أو غير واضحة، فإنني سأشير إلى الحالتين الليبية والمصرية في الخطاب والسلوك الذي تبنته الثورة والثوار.
فالثورة الليبية أعلنت انتصارها من خلال عملية اغتيال للرئيس معمر القذافي، وقد يعتبر هذا الاغتيال جريمة من جرائم الحرب، لأنه مورس بصورة تخالف ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية حول كيفية معاملة أسرى الحرب، بالإضافة إلى أنها سقطة أخلاقية لهذه الثورة التي بدت وكأنها تقوم بإعدامات ميدانية، وهو ما ظهر بعد ذلك من تراجع في مستوى أخلاقيات الثورة عبر الصراعات والاقتتال بين (الثوار) أنفسهم وكأنهم أعداء، وعبر استخدام خطاب الكراهية الموجه إلى العصر (القذافي) وإلى بعضهم البعض.
أما في الحالة المصرية فكان الأمر الصادم هو أن مصر لم تقم بـ(ثورة) مسلحة بل هي (ثورة) سلمية، وبالتالي كان لا بد لهذه (الثورة) أن تكون حاملة لمنظومة اخلاقية يجب ألا تتنازل عنها، لا بل ترسخها بقصد أن تصبح أخلاقيات (الثورة) هي الأخلاقيات الناظمة للحياة المصرية ما بعد مبارك، إلا أن ما حدث كان أخطر بكثير مما كان كثيرون يتوقعون أو يتصورون.
(الثورة) المصرية جاءت بتشكيلة واسعة من خطاب الكراهية، وهو خطاب تبناه الإعلام المصري بمختلف أطرافه وأطيافه، فالجميع تسابق لشتم النظام (المخلوع) وإظهار استبداده وقمعه، والجميع أراد الوقوف على يمين الثورة، فصار معيار الوطنية والثورية هو مقدار التهجم على النظام (المخلوع)، حيث يبدو لفظ المخلوع لفظاً فظاً، وللأسف غير دقيق سياسياً أيضاً.
وتطور خطاب الكراهية مع تقدم عمر الثورة، وبالطبع كان الإعلام دائماً هو في المقدمة، وكانت ذروة خطابات الكراهية في مرحلة انتخابات الرئاسة المصرية، حيث استطاع كل طرف في الرئاسة المصرية من تجييش مجموعة من المصريين ليس عبر إقناعهم بذاته بل عبر تكريههم بالآخرين وتخويفهم منهم، وفي ظل هذا المناخ من الخطاب صار من السهل الاستقطاب العاطفي للشعب وشحنه ضد الطرف الآخر، وهو ما خلق حالة من الانقسام الواضح داخل الشارع المصري، وصارت الحالة قابلة للانفجار ولكنها تنتظر اللحظة (المناسبة) والمبرر (المقبول).
الدول تحتاج وجود معارضة داخلها حتى تتطور، ولكن الغايات النبيلة للمعارضة والشعارات الجميلة للمعارضين لا يبرران خطاب الكراهية الذي يتم بثه ضد الدولة نفسها وضد الآخر الذي لا يرى ما تراه المعارضة، ولكنه بكل تأكيد وصفة حقيقية لفشل أي تحرك للأمام، فالكراهية لا تنتج أوطاناً ولا تطورها بل تنتج فشلاً يقتات على كره الآخرين ويسعى نحو الاستبداد.