آخر الأخبار
  توجيه صادر عن وزير الاشغال العامة والاسكان المهندس ماهر ابو السمن   تعليق رسمي أردني على مذكرة اعتقال نتنياهو   تركيب 170 طرفا صناعيا عبر مبادرة (استعادة الأمل) الأردنية في غزة   الصفدي: تطهير عرقي لتهجير سكان غزة   هل ستلتزم دول الاتحاد الأوروبي بقرار اعتقال نتنياهو وغالانت؟ جوزيف بوريل يجيب ..   الملك يؤكد وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء اللبنانيين   هام لطلبة الصف الـ11 وذويهم في الاردن .. تفاصيل   السفير البطاينة يقدم أوراقه لحلف الناتو   100 شاحنة جديدة تعبر من الأردن لغزة   القضاة يؤكد دعم الأردن لفلسطين اقتصادياً   العرموطي يوجه سؤالا نيابيا للحكومة بشأن السيارات الكهربائية   بدء تنفيذ سحب مياه سد كفرنجة وتحليتها بـ 14 مليون دينار   لجنة أممية تعتمد قرارات بشأن الاستيطان والأونروا والجولان   قائد قوات الدعم الجوي الياباني يشيد بدور الأردن في تحقيق الاستقرار   لأول مرة .. 51 الف طالب وافد في مؤسسات التعليم العالي الأردنية   الأمن العام ينفذ تمريناً تعبويًا لتعزيز الاستجابة للطوارئ   وزير الزراعة: خطط لتوفير 500 مليون دينار في 4 اعوام   الأردن.. ارتفاع تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية   الحكومة تقرُّ مشروع قانون موازنة عامَّة للعام 2025   إعلان قيمة زيادة الحد الأدنى للأجور في هذا الموعد

الثورات العربية وخطاب الكراهية

{clean_title}

الثورات فعل إنساني نبيل حين تكون ضد الظلم، ولذلك غالباً ما نرى أن الثورات تحمل مبادئ إنسانية جميلة، ولكن الرهان لا يكون أبداً على ما تدعيه الثورة من مبادئ ولا على ما ينادي به الثوار من شعارات، بل على المنحى الذي تأخذه الثورة بعد الانتصار وعلى السلوك والخطاب الذي يتبناه الثوار.
ولأن (الثورات) العربية ليست خارج هذه المعادلات، فإن الحكم عليها ليس عبر الشعارات التي بحت الحناجر التي تصدح بها، وليس الكلمات الثلاث التي كانت تتردد (كرامة وخبز وحرية)، بل عبر ما أنتجته من مواقف ومن خطاب تجاه الوطن والمواطن، وتجاه التاريخ السابق والآخر.
وحتى لا أكون ممن يتكلمون على حالات معممة أو غير واضحة، فإنني سأشير إلى الحالتين الليبية والمصرية في الخطاب والسلوك الذي تبنته الثورة والثوار.
فالثورة الليبية أعلنت انتصارها من خلال عملية اغتيال للرئيس معمر القذافي، وقد يعتبر هذا الاغتيال جريمة من جرائم الحرب، لأنه مورس بصورة تخالف ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية حول كيفية معاملة أسرى الحرب، بالإضافة إلى أنها سقطة أخلاقية لهذه الثورة التي بدت وكأنها تقوم بإعدامات ميدانية، وهو ما ظهر بعد ذلك من تراجع في مستوى أخلاقيات الثورة عبر الصراعات والاقتتال بين (الثوار) أنفسهم وكأنهم أعداء، وعبر استخدام خطاب الكراهية الموجه إلى العصر (القذافي) وإلى بعضهم البعض.
أما في الحالة المصرية فكان الأمر الصادم هو أن مصر لم تقم بـ(ثورة) مسلحة بل هي (ثورة) سلمية، وبالتالي كان لا بد لهذه (الثورة) أن تكون حاملة لمنظومة اخلاقية يجب ألا تتنازل عنها، لا بل ترسخها بقصد أن تصبح أخلاقيات (الثورة) هي الأخلاقيات الناظمة للحياة المصرية ما بعد مبارك، إلا أن ما حدث كان أخطر بكثير مما كان كثيرون يتوقعون أو يتصورون.
(الثورة) المصرية جاءت بتشكيلة واسعة من خطاب الكراهية، وهو خطاب تبناه الإعلام المصري بمختلف أطرافه وأطيافه، فالجميع تسابق لشتم النظام (المخلوع) وإظهار استبداده وقمعه، والجميع أراد الوقوف على يمين الثورة، فصار معيار الوطنية والثورية هو مقدار التهجم على النظام (المخلوع)، حيث يبدو لفظ المخلوع لفظاً فظاً، وللأسف غير دقيق سياسياً أيضاً.
وتطور خطاب الكراهية مع تقدم عمر الثورة، وبالطبع كان الإعلام دائماً هو في المقدمة، وكانت ذروة خطابات الكراهية في مرحلة انتخابات الرئاسة المصرية، حيث استطاع كل طرف في الرئاسة المصرية من تجييش مجموعة من المصريين ليس عبر إقناعهم بذاته بل عبر تكريههم بالآخرين وتخويفهم منهم، وفي ظل هذا المناخ من الخطاب صار من السهل الاستقطاب العاطفي للشعب وشحنه ضد الطرف الآخر، وهو ما خلق حالة من الانقسام الواضح داخل الشارع المصري، وصارت الحالة قابلة للانفجار ولكنها تنتظر اللحظة (المناسبة) والمبرر (المقبول).
الدول تحتاج وجود معارضة داخلها حتى تتطور، ولكن الغايات النبيلة للمعارضة والشعارات الجميلة للمعارضين لا يبرران خطاب الكراهية الذي يتم بثه ضد الدولة نفسها وضد الآخر الذي لا يرى ما تراه المعارضة، ولكنه بكل تأكيد وصفة حقيقية لفشل أي تحرك للأمام، فالكراهية لا تنتج أوطاناً ولا تطورها بل تنتج فشلاً يقتات على كره الآخرين ويسعى نحو الاستبداد.