ما أصعب أن تكتشف معاناة الأحبة في بلاد الغربة رغم ما نعرفه عنهم وعن الرفاهية والأجواء الجميلة المحيطة بهم والتي يحسدهم عليها الكثيرون نشتاق لتلك الأجواء مع حنين لهفة لزيارة لا نحتملها أكثر من شهر واحد.
كنت في زيارة لدولة الإمارات العربية. بلاد جميلة حقا فيها وسائل ترفيهية وحضارية وفيها مدينة العجائب: دبي الأردنيون هناك يتلهفون شوقا للعودة إلى الوطن، الأطفال الصغار ورغم كل وسائل الراحة يترنمون بموسيقى كلمة الأردن عندما ينطقون اسمه.
كنت اجلس مع مجموعة سيدات في بيت قريبتي عندما حضر ابنها الصغير في الصف الأول الابتدائي من المدرسة واتجه إلى داخل غرفته وهو ينا دي عليها بإلحاح وبنبرة عصبية فتبعتها استطلع الأمر..!
بادرها على الفور بسؤال كأنه يبحث فيه عن شيء فقده ويتوق إلى معرفة وجوده:
لما نروح على الأردن ايش بكون اسمي هناك؟فنظرت لي نظرة توضح لي أنها تستغرب السؤال ولم تفهم ما يعنيه قالت له: كيف يعني بدو يكون اسمك؟ اسمك احمد أجابها مقهورا: لا..لا..بعرف انو اسمي احمد هل سيكون اسمي في الأردن (الوافد؟) وهنا أدركت الأم سبب الضيق الذي يعتريه فأجابته في الحال: لا أنت في الأردن ( مواطن أردني) فاخذ يقفز قفز الفائزين والفرحة تشع من عينيه وتضيء وجهه البريء وهو يقول لصاحبه:
يااه..لن يكون اسمي ( الوافد )؟ أنا مواطن..أنا في الأردن مواطن أردني
عدت للمجموعة اسمع قصصا عديدة تشبه قصة الوافد الصغير عن معاناة الطلاب والأطفال والملل من الغربة.
تساءلت: هل هي غربة وطن أم غربة هوية أم كلاهما معا؟
أهلا بك يا احمد أيها المواطن الأردني الصغير أهلا بفرحتك بوطنك وأهلا بكل الأحبة المغتربين. سوف يحتضنكم الأردن وتقضون إجازة ممتعة في ربوعه بلا منغصات ولا متاعب ولا مفاجآت
حماك الله يا أردن بلدا آمنا رغم إمكانياتك المحدودة والتحديات التي تطوقك من كل الجهات الخارجية والداخلية تستقبل المغتربين والوافدين وتداوي جراح النازفين ألما.. والنازحين.. من كل صوب..ومن كل قطر..!