الاردنيون صالون وطني واحد
منذ أن عاش الأقليم فترة مايسمى بالربيع العربي وامتداد آثاره الكارثيه والانسانية والاجتماعية المدمرة والأردن والأردنيون يعانون من هذه الأثار وتبعاتها المؤلمة، فقد تمددت جماعات الارهاب والتطرف في شتى المواقع والاماكن، مافرض على الدولة الأردنية اجراءات صارمة من اليقظة والحذر والتمترس في حماية الأرض والشعب وكيان الدولة من حدودنا الطويلة في اتجاهاتها المختلفة الى عين البصيرة والبصر على الداخل الأردني الأهم الذي حمل مع أجهزة الدولة الأمنية والسياسية والعسكرية هماَ يعاني منه الجميع، فكان المواطنون هم اليد الأمنية والقلب النابض والحارس الرديف الذي مكن الأردن من الوقوف بصلابة وقوة أمام هذا التغير الحاصل في الاقليم.
ولقد توحد الأردنيون عبر التاريخ غير مرة في سبيل ديمومة ووجود وهيبة الوطن وبقاءه وطنا آمنا وحمى عربيا وملاذاَ لكل الباحثين عن العيش بسلام وأمن وكرامة، فما يحصل حول الوطن من جحيم حروب مستعرة تأكل الأخضر قبل اليابس، يجعل من أردن العرب مثار دهشة وتأمل وتفكير ومراجعة لكل المراقبين في الاقليم وخارجه، ولعل تساؤلاتهم ودهشتهم لها مايبررها، فهذا البلد الصغير حجما والضائق ماليا - من تبعات وفاءه والتزامه بعروبته واستقباله الهجرات المتوالية من العرب وغيرهم- صمد في وجه كل هذا الذي يجري حوله صمودا يكاد ينقطع نظيره على وجه البسيطة.
ويفسر هذا الأمر جانبان هما قيادة هاشمية ملهمة وفذة، ومواطنون يجمعهم صالون سياسي واجتماعي وفكري ووطني واحد، دستوره الصبر والاحتمال وكرامة الاردني في وحدة وتوحد مواطنيه حول هدف واحد، هو انك على ثغرة من ثغر الوطن فلا يؤتين قبلك، فأي ضمانة وتميز على وجه البسيطة افضل من هذا الوعي الوطني البسيط شكلا والأندر مضمونا، فكثير من الكيانات والأنظمة عاشت مفصومة عن شعبها وكان بقاؤها مرهون بما تملكه من حديد ونار وخسرت رهانها الضعيف.
نعم الأردنيون تحت عباءة صالون وطني واحد كانوا ومازالوا وسيبقوا هكذا لأنهم مؤمنون ايمانا مطلقا ان لا أحد سيحمي وطننا أو يدافع عنه أو يعينه الا مواطنيه، فبعد أن ترك الأشقاء قبل الأصدقاء الأردن في ضائقته الماليه وحيداَ وفي عنق الزجاجة والتي ماكانت الا لأن الوطن كان يعمل ويتحمل نيابة عن كل الاشقاء الذين نسجل عتب الاخوة عليهم، فاذا كان الصديق في وقت الضيق فما بالك بالشقيق، ورغم هذا فاننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى لتماسك وحدتنا الداخليه، والاعتماد على أنفسنا، ونترك جلد ذاتنا، فما يواجهنا أخطر وأكبر، وصدق الحق اذ يقول : " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)".
العميد المتقاعد/ د. محمد سند العكايله