آخر الأخبار
  وزير البيئة: مخالفة الإلقاء العشوائي للنفايات قد تصل إلى 500 دينار   سمر نصار: جلالة الملك عبدالله الثاني كرم جمال السلامي بمنحة الجنسية الأردنية تكريماً لجهوده مع المنتخب ومهنيته حيث أصبح جزءا من عائلة كرة القدم الأردنية   عرض إيطالي ثقيل لنجم في منتخب النشامى   93٪ من مواطني إقليم الوسط يرون مشروع مدينة عمرة فرصة لتوفير وظائف واستثمارات   جمعية الرعاية التنفسية : تخفيض الضريبة على السجائر الإلكترونية طعنة في خاصرة الجهود الوطنية لمكافحة التبغ   الأمانة توضح ملابسات إنهاء خدمات عدد من موظفيها   18.4 مليار دينار موجودات صندوق استثمار الضمان حتى الشهر الماضي   ولي العهد يترأس اجتماعا للاطلاع على البرنامج التنفيذي لاستراتيجية النظافة   قرار حكومي جديد بخصوص أجهزة تسخين التبغ والسجائر الالكترونية   إجراءات حازمة بحق كل من ينتحل شخصية عمال الوطن   إرادة ملكية بقانون الموازنة .. وصدوره في الجريدة الرسمية   بتوجيهات ملكية .. رعاية فورية لأسرة من "ذوي الإعاقة"   منتخبا إسبانيا وإنجلترا يقدمان عرضين لمواجهة النشامى "وديًا"   استطلاع: 80% من الأردنيين يرون مشروع مدينة عمرة مهما   الأردن الرابع عربيًا و21 عالميا في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية   التربية تنهي استعدادها لبدء تكميلية التوجيهي السبت المقبل   تحذير أمني لمالكي المركبات منتهية الترخيص في الاردن   الدفاع المدني ينقذ فتاة ابتلعت قطعة ثوم في الزرقاء   "المياه" تدعو المواطنين للتحوط بسبب وقف ضخ مياه الديسي لـ4 أيام   الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يعتزم إطلاق دوري الأمم الآسيوية

متى نصبح بشراً ؟

{clean_title}

بالآية الكريمة "لتكون لمن خلفك آية" عنونت صحيفة الشروق المصرية تفاصيل جلسة الحكم على حسني مبارك، التي لم تقتصر متابعتها على ملايين المصريين، بل كانت حدثاً عالمياً وتاريخياً استثنائياً!
كان الملايين يتوقون لسماع حكم الإعدام بالرئيس الفاسد المستبد المخلوع، وزبانيته. لكن الحكم المؤبد نفسه لا يلغي أهمية المحاكمة ورمزيتها، وما تلقيه اليوم في وجدان ملايين العرب والمسلمين، الذين لم يتعوّدوا على رؤية الحكام والمسؤولين الكبار، الذين كانوا لا يُسألون عما يفعلون، وراء القضبان، تصدر بحقهم أحكام القضاء، ويتم القصاص منهم في الدماء والأموال والأعراض!
تعوّدنا في الخبرة السياسية العربية أن نرى الرئيس والحاكم مخلّداً مدى الحياة، يتمتع بالصلاحيات والسلطات، لا يجرؤ أحد على مساءلته أو محاكمته، فهو بمثابة "إله": كلمته قانون وقراره نافذ، فوق السلطات والمسؤوليات، يرفع أقواماً ويذل آخرين، ولا تطاوله يد العدالة والمسؤولية كباقي خلق الله، كنّا إلى لحظة الربيع العربي أسرى لثقافة وعقلية العصور الوسطى في النظرة إلى الحكام!
وإذا كان هنالك مشهدٌ آخر؛ فهو حاكم مسحول في الشارع أو مقتول أو هارب، ليحل مكانه حاكم مستبد آخر، بانقلاب عسكري أو بمؤامرة، فيستعبد العباد ويذلهم مثله، وكأنّه قدرنا أن نكون دوماً تحت خط البشر والإنسانية!
لم تتكرّس في أيّ وقت من الأوقات ثقافة وتقاليد لمساءلة الحكام وكبار المسؤولين، ليقفوا أمام القضاء ويحاسبوا أمام الشعب، وعلى الملأ، لتطبّق قيمة العدالة بحقهم وحق غيرهم، فهذه لحظة لن تكون عابرة أو خاطفة، ستفتح الباب إلى مرحلة جديدة بالكلية في السياسة العربية.
ولّى عهد فتاوى الطاعة، وفقه البيعة والقبول بحكم المتغلب، ولم يعد يجدي قرع طبول التخويف على الأمن والاستقرار؛ إذ هزمت الشعوب العربية بجدارة ثقافة الخوف وكسرت حاجز الصمت، وأعلنت التمرد على ذلك الميراث، الذي جعلنا ضحية سهلة مطيعة للجلاد، وجعل أموالنا نهبا لكل فاسد، وشوّه قيمنا ومفاهيمنا، وأذّلنا في الداخل والخارج!
ما يحدث في سورية شبيه بالحالة المصرية، بل فيه دلالة أشد بلاغة وأعمق أثرا، فما قام به النظام الدموي الهمجي من إبادة وتعذيب ومجازر وما سفكه من دماء وما انتهكه من أعراض، لم يفلح بإعادة الخوف وتسكينه في قلوب العباد، ويوما بيوم تتسع مساحة الثورة وترتفع وتيرتها، وتأخذ طريقها لتمضي في طريق الحرية والتحرر، وتكريس الإنسان الجديد.
الإنسان العربي تمرّد، لم يعد ذلك الخائف الرعديد، الذي يخشى على لقمة خبز مغموسة بالذل والإهانة، ولم يعد يقلق من "زوار الفجر"، ومن خدم الطاغوت وعبيده، لم يعد الإنسان العربي الجديد يردد الأمثال والحكم المستلة من ثقافة الخوف والنفاق والرياء، فهو لا يخشى الجدران ولا يعبأ بالمخبرين، ويرفع صوته عاليا مطالبا بحقوقه، لم يعد يؤمن بثقافة النميمة والهمس، فعلى جداره الافتراضي، وفي صفحته على الفيس بوك، تجد معالم الثقافة الجديدة وقيمها التي ستسود غدا.
ديباجة الحكم التاريخية على مبارك، بحد ذاتها، إدانة لحقبة النظام الرسمي العربي، ولثقافة "العبودية المختارة"، وتنبيه لمن لا يفهمون الربيع العربي بعد بأنّه ثورة في المفاهيم والقيم والثقافة، وليس لحظة تاريخية طارئة، أو "غمامة صيف عابرة".
ما نراه اليوم هو مجرد البداية لعقد اجتماعي جديد، يقوم على مبدأ المواطنة والقانون والحرية والكرامة، بدلا من فقه البيعة والولاء والطاعة والراعي والرعية. انتهى زمن الخطوط الحمراء، فالخط الأحمر هو الشعب وكرامته وحقوقه وحرياته؟ وثمة قرار جماعي: لن نبقى "تحت خط الإنسانية"، نريد أن نكون بشرا، وسنقاتل لانتزاع حقوقنا، وسندفع كلفة ذلك وفاتورته مهما وصلت!