آخر الأخبار
  مصدر حكومي: خدمات ستارلينك في الأردن العام المقبل   عدد مشتركي الجيل الخامس في الأردن يتجاوز 51 ألفاً   الصحة: تعيين 600 من الكوادر الصحية خلال ايام   الاردن .. الارصاد تحذر من الصقيع   ارتفاع أسعار الذهب 20 قرشًا في الأردن   الخارجية: استلام جثماني المواطنين الأردنيين عامر قواس و حسام أبو غزالة   اجواء باردة نسبياً فوق المرتفعات العالية ولطيفة في باقي المناطق حتى السبت   كم صوتاً تحتاج الحكومة للحصول على الثقة؟   توضيح حكومي بخصوص التوجه بمنع التدخين بشكل كامل داخل الحرم الجامعي   توقيف موظف سابق في أمانة عمان احتال على مواطن مستثمرًا وظيفته   هكذا رد النائب محمد الجراح على قرار فصله من حزب العمال   العمال يفصل النائب الجراح من الحزب   أورنج الأردن تحتفي باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة وتغير اسم شبكتها   ما هو شرط النائب رانيا ابو رمان لمنحها الثقة لحكومة الدكتور جعفر حسان؟   النائب هدى العتوم: يتم تدريس الطلاب تاريخ فلاسفة منهم الملحد والزنديق والذين يشتمون الذات الالهية   "الامن العام" ينشر أرشادات هامة للأردنيين حول الإستخدام الآمن للمدافئ   الأمن العام.. ترفيع ألوية وإحالتهم للتقاعد - أسماء   حلف الناتو: الاردن يُعد واحدًا من أهم الشركاء في منطقة الشرق الأوسط   نمو صادرات الأردن من الألبسة ومحضرات الصيدلة   البنك الدولي: الأردن يولي الربط الكهربائي مع الجوار أهمية استراتيجية

متى نصبح بشراً ؟

{clean_title}

بالآية الكريمة "لتكون لمن خلفك آية" عنونت صحيفة الشروق المصرية تفاصيل جلسة الحكم على حسني مبارك، التي لم تقتصر متابعتها على ملايين المصريين، بل كانت حدثاً عالمياً وتاريخياً استثنائياً!
كان الملايين يتوقون لسماع حكم الإعدام بالرئيس الفاسد المستبد المخلوع، وزبانيته. لكن الحكم المؤبد نفسه لا يلغي أهمية المحاكمة ورمزيتها، وما تلقيه اليوم في وجدان ملايين العرب والمسلمين، الذين لم يتعوّدوا على رؤية الحكام والمسؤولين الكبار، الذين كانوا لا يُسألون عما يفعلون، وراء القضبان، تصدر بحقهم أحكام القضاء، ويتم القصاص منهم في الدماء والأموال والأعراض!
تعوّدنا في الخبرة السياسية العربية أن نرى الرئيس والحاكم مخلّداً مدى الحياة، يتمتع بالصلاحيات والسلطات، لا يجرؤ أحد على مساءلته أو محاكمته، فهو بمثابة "إله": كلمته قانون وقراره نافذ، فوق السلطات والمسؤوليات، يرفع أقواماً ويذل آخرين، ولا تطاوله يد العدالة والمسؤولية كباقي خلق الله، كنّا إلى لحظة الربيع العربي أسرى لثقافة وعقلية العصور الوسطى في النظرة إلى الحكام!
وإذا كان هنالك مشهدٌ آخر؛ فهو حاكم مسحول في الشارع أو مقتول أو هارب، ليحل مكانه حاكم مستبد آخر، بانقلاب عسكري أو بمؤامرة، فيستعبد العباد ويذلهم مثله، وكأنّه قدرنا أن نكون دوماً تحت خط البشر والإنسانية!
لم تتكرّس في أيّ وقت من الأوقات ثقافة وتقاليد لمساءلة الحكام وكبار المسؤولين، ليقفوا أمام القضاء ويحاسبوا أمام الشعب، وعلى الملأ، لتطبّق قيمة العدالة بحقهم وحق غيرهم، فهذه لحظة لن تكون عابرة أو خاطفة، ستفتح الباب إلى مرحلة جديدة بالكلية في السياسة العربية.
ولّى عهد فتاوى الطاعة، وفقه البيعة والقبول بحكم المتغلب، ولم يعد يجدي قرع طبول التخويف على الأمن والاستقرار؛ إذ هزمت الشعوب العربية بجدارة ثقافة الخوف وكسرت حاجز الصمت، وأعلنت التمرد على ذلك الميراث، الذي جعلنا ضحية سهلة مطيعة للجلاد، وجعل أموالنا نهبا لكل فاسد، وشوّه قيمنا ومفاهيمنا، وأذّلنا في الداخل والخارج!
ما يحدث في سورية شبيه بالحالة المصرية، بل فيه دلالة أشد بلاغة وأعمق أثرا، فما قام به النظام الدموي الهمجي من إبادة وتعذيب ومجازر وما سفكه من دماء وما انتهكه من أعراض، لم يفلح بإعادة الخوف وتسكينه في قلوب العباد، ويوما بيوم تتسع مساحة الثورة وترتفع وتيرتها، وتأخذ طريقها لتمضي في طريق الحرية والتحرر، وتكريس الإنسان الجديد.
الإنسان العربي تمرّد، لم يعد ذلك الخائف الرعديد، الذي يخشى على لقمة خبز مغموسة بالذل والإهانة، ولم يعد يقلق من "زوار الفجر"، ومن خدم الطاغوت وعبيده، لم يعد الإنسان العربي الجديد يردد الأمثال والحكم المستلة من ثقافة الخوف والنفاق والرياء، فهو لا يخشى الجدران ولا يعبأ بالمخبرين، ويرفع صوته عاليا مطالبا بحقوقه، لم يعد يؤمن بثقافة النميمة والهمس، فعلى جداره الافتراضي، وفي صفحته على الفيس بوك، تجد معالم الثقافة الجديدة وقيمها التي ستسود غدا.
ديباجة الحكم التاريخية على مبارك، بحد ذاتها، إدانة لحقبة النظام الرسمي العربي، ولثقافة "العبودية المختارة"، وتنبيه لمن لا يفهمون الربيع العربي بعد بأنّه ثورة في المفاهيم والقيم والثقافة، وليس لحظة تاريخية طارئة، أو "غمامة صيف عابرة".
ما نراه اليوم هو مجرد البداية لعقد اجتماعي جديد، يقوم على مبدأ المواطنة والقانون والحرية والكرامة، بدلا من فقه البيعة والولاء والطاعة والراعي والرعية. انتهى زمن الخطوط الحمراء، فالخط الأحمر هو الشعب وكرامته وحقوقه وحرياته؟ وثمة قرار جماعي: لن نبقى "تحت خط الإنسانية"، نريد أن نكون بشرا، وسنقاتل لانتزاع حقوقنا، وسندفع كلفة ذلك وفاتورته مهما وصلت!