رغيف خبز على الحائط
في قصة جميلة يرويها أحد زبائن مقهى في مدينة البندقية بإيطاليا، حيث يقول: أثناء تواجدي في المقهى دخل رجل وطلب كوباً من القهوة وكوباً آخر على الحائط ..تفاجئت من طلب الزبون ولم أعرف ما يقصده من الكوب الذي على الحائط ، بعدها جاء موظف المقهى وأحضر كوب قهوة واحد ووضعه أمام الزبون وأخرج ورقة صغيرة مكتوب عليها كوب قهوة وألصقها على الحائط...بعد دقائق دخل زبون آخر وطلب كوب قهوة وكوبين على الحائط ، وعلى نفس الطريقة قام الموظف بإحضار كوب قهوة للزبون وإلصاق ورقتين على نفس الحائط مكتوب على كل واحدة كوب قهوة ...راوي القصة اندهش كثيراً وقتله الفضول لمعرفة قصة الكوب الذي على الحائط ...وبعد قليل دخل رجل فقير ،رث الثياب ، جلس بالجوار ، وعندما أقترب منه موظف المقهى ، قال له الزبون بهدوء: كوب قهوة من على الحائط لو سمحت، فذهب الموظف وعاد بكوب من القهوة للزبون ثم انتزع إحدى الأوراق الملصقة على الحائط....
اعتقد أن جوهر القصة قد وصل إلى أذهانكم وعقولكم ،وأن للتصدق طرق عديدة ومتنوعة تحافظ على كرامة الفقير وتخرجه من الحرج والتجريح ولا تخدش كبريائه...طرق مهذبه مليئة بالذوق والاحترام بعيدة عن التصوير والإعلام ونشر الفقير على مواقع التواصل كافة وهو يستلم حقائب المساعدات وعيونه تذرف الدمع من الحياء والحرج ..طرق جميلة لا تهدف إلى رفع سمعة الجمعية الفلانية أو رفع هيبة المنظمة الفلانية أو تجيير الناس للشخص الفلاني (الذي ينوي الترشح )...طرق جميلة تعامل الفقير بكل هيبة واحترام.
فكم من حائط في بلداتنا وقرانا بحاجة إلى التفعيل وكم من حائط خلى من أوراق المحسنين... ولنبدأ بحائط مخبز القرية ونقول للبائع: رغيف خبز للبيت ،ورغيف خبز على الحائط ...فكم من فقير لا يجد على مائدة إفطاره إلا التمر والماء ، وكم من فقير ملأ دفتر ديون المخبز ولا يستطيع السداد... فعلينا أن نترك الكاميرات في بيوتنا ولنترك التصوير حتى لا نرى بؤس نظرات الفقير والمحتاج ، وليكن شعارنا رغيف خبز على الحائط.