لهذا السبب ماتت الطفلة رغد في خريبة السوق !
فيما تؤكد سجلات وزارة التنمية الاجتماعية عدم وجود أي سجل أو تبليغات سابقة عن الطفلة 'رغد' التي تم العثور على جثتها في مقبرة خريبة السوق مؤخرا، فإن حادثة الطفلة ذات الأربعة أعوام تسلط الضوء على قضية الأطفال الذين تتخلى أسرهم عن رعايتهم نظرا لظروف معقدة.
وكانت الأجهزة الأمنية عثرت على جثة الطفلة بعد نحو أربعة أشهر من وفاتها 'الناجمة عن الضرب والتعذيب'، فيما كان 'القاتل الذي يتولى وزوجته رعايتها لجأ إلى دفن الجثة بهدف إخفاء الجريمة'، وفق مصادر أمنية.
وبحسب التحقيقات الأولية فإن 'الطفلة ولدت لأب غير معروف ولم تقم الأم بتثبيت ولادة الطفلة في الأحوال المدنية أو استخراج واقعة ولادة وشهادة ميلاد لها، كما عهدت لصديقة لها وزوجها لرعاية الطفلة، وخلال وجود الطفلة مع تلك العائلة تعرضت لسوء معاملة وعنف جسدي وتعذيب مستمر إلى أن أزهقت روحها على يد رب الأسرة التي ترعاها ليعمد الرجل وزوجته إلى إخفاء الجريمة بدفن الجثة'.
ويقدر رئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور قيس قسوس بأن 'وفاة الطفلة حدثت قبل نحو أربعة شهور'، مبينا أنه 'بعد معاينة الجثة تبين عدم وجود أي كسور، لكنه يصعب تحديد الإصابات الاخرى نتيجة لتحلل الأنسجة'.
وحول السبب وراء عدم التبليغ عن اختفاء الطفلة خلال أربعة شهور، بينت مصادر مقربة من التحقيق أن 'والدة الطفلة كانت تكرر السؤال عن ابنتها وسبب اختفائها، لكن الرجل وزوجته ادعيا أنه تم إيداعها في دار الرعاية، ولم تتمكن الأم وقتها من التحقق من ادعاءات الزوجين نتيجة الوضع غير القانوني وعدم وجود أي أوراق ثبوتية للطفلة'.
في مقابل ذلك، تؤكد سجلات إدارة حماية الأسرة والتنمية الاجتماعية 'عدم وجود أي بلاغات سابقة أو سجل للطفلة رغد'، حيث يقول مدير الإعلام والاتصال في الوزارة أشرف خريس إنه 'بالرجوع إلى سجلات مكاتب الخدمة الاجتماعية في إدارة حماية الأسرة لا توجد أي سجلات أو بلاغات عن الطفلة'.
من ناحيته، يقول الأمين العام المساعد لشؤون التنمية والرعاية في الوزارة محمد الخرابشة إن 'وزارة التنمية الاجتماعية تعاملت خلال الأعوام الماضية مع عدد محدود جدا لأطفال مجهولي الأبوين أو أحدهما ممن أمضوا عدة أعوام لدى عائلات أخرى دون تبليغ الجهات الرسمية'.
ويضيف الخرابشة أن 'عدد الحالات التي تعاملت معها الوزارة خلال الأعوام العشرين الماضية لا تتجاوز عدد أصابع اليد'، موضحا 'بحسب الحالات التي تعاملنا معها غالبا ما تلجأ سيدة إلى أسرة ترعى طفلها المولود خارج إطار الزواج، ويبقى الطفل لدى الأسرة بدون أي أوراق ثبوتية أو قانونية، لكن الإشكالية تظهر بشكل أكبر مع وصول الطفل إلى سن 6 أعوام، أي سن دخول المدرسة، إذ تلجأ تلك العائلات إلى الوزارة لاستخراج أوراق للطفل بهدف إدخاله إلى المدرسة'.
ويشير الخرابشة إلى أن أول حالة تعاملت معها الوزارة من هذا النوع كانت عندما 'عهدت سيدة إلى أسرة في منطقة الأغوار لرعاية وليدها، فلجأت العائلة إلى الوزارة لتصويب وضع الطفل بهدف إدخاله إلى المدرسة، وحينها تم إجراء دراسة تقييمة لحالة الأسرة وعوامل الحماية والخطورة على الطفل، وبعد دراسة مستفيضة تم تصويب الوضع القانوني وإصدار قرار قضائي باعتبار العائلة هي عائلة بديلة للطفل'.
ويتابع: 'هناك حالات أخرى كذلك يتم بها التبليغ عن وجود طفل لدى أسر بطريقة غير قانونية، وهنا يتم التأكد من الوضع القانوني للعائلة وعوامل الخطورة على الطفل'.
وقبل نحو عامين وصل بلاغ لإدارة حماية الأسرة عن 'سيدة ترعى طفلة مجهولة الأب بطريقة غير قانونية، وتم حينها سحب الطفلة من الأسرة التي كانت تقيم معها وتحويلها إلى إحدى دور الرعاية، وتبين لاحقا في التحقيق أن السيدة كانت تتقاضى مبلغا شهريا من أم الطفلة مقابل رعايتها، وأظهرت التحقيقات أن البيئة التي تعيش فيها الطفلة تشكل خطورة عليها، إضافة إلى أن السيدة التي كانت ترعى الطفلة وزوجها من أصحاب الأسبقيات'.
وينبه الخرابشة من خطورة رعاية طفل بطريقة غير قانونية، قائلا: 'تترتب على رعاية الطفل تبعات قانونية، فضلا عن إمكانية أن تشكل تلك البيئة خطرا على الطفل نفسه، كما جرى في حال الطفلة رغد'.
ويتابع: 'الطفولة حق عام، ومصلحة الطفل وحمايته هي أولوية تتقدم على رغبة وحقوق الأهل'.
ويزيد: 'لدى الوزارة عدة برامج لتوفير الرعاية البديلة للأطفال في حال استحال وجودهم مع عائلاتهم البيولوجية، سواء كان ذلك من خلال برامج الرعاية المؤسسية في دور الإيواء أو برنامج الرعاية الأسرية في برنامجي الاحتضان والأسر الراعية البديلة'.
ويضيف: 'تحدد الوزارة شروط لاختيار الأسر البديلة، كما تستمر بمتابعة أوضاع الأسرة بعد الاحتضان، والهدف من هذه الشروط توفير حماية أفضل للأطفال، وضمان أن يعيش الطفل في بيئة آمنة وصحية'.
وبحسب أرقام الوزارة، 'يبلغ إجمالي عدد الأطفال فاقدي السند الأسري الذين استفادوا من برنامجي الاحتضان والأسر الراعية البديلة، أكثر من 1200 طفل منذ الستينيات إلى الآن'، فيما يشترط بالأسر التي ترغب برعاية طفل أن تكون 'أسرة مكونة من زوجين، كما يشترط أن يكون كلا الزوجين لائقين صحيا وقادرين ماديا على رعاية الطفل، ويشترط كذلك عدم وجود أسبقيات'.