يسعى كل شخص للحصول على وظيفة، ويحرص على القيام بها، على أكمل وجه، ويسعى للالتزام بالمعايير المهنية فيها، فمن خلال الوظيفة يحصل على راتب يساعده في تغطية احتياجاته اليومية، ولكن نجد شريحة من الموظفين وخصوصاً الشباب منهم، بعد أن يتجاوز على تعيينهم شهورٌ قليلة، حتى يبدأون بالتململ من روتين العمل، ويحاولون جاهداً تغييره، حتى لو بإيجاد فرصة عمل جديدة، وتكون أسبابهم لذلك واهية، كالتعب من طول فترة العمل، وكثرة الناس الذين يأتون إليهم، لذلك يقوم بعضهم للأسف بتفريغ شحناته السلبية في الناس، أو في الارتخاء بالعمل، فهل يظل الموظفُ موظفاً، عندما يستهين بعمله؟. توجد مجموعة من التصرفات السلبية التي تصدر من قبل موظفين، في شركات خدمية، ومن الواجب تسليط الضوء على هذه التصرفات، من أجل زيادة الرقابة على هؤلاء الموظفين، ومن الأمثلة على ذلك ما سأذكره تالياً: منذ أيام ذهبتُ إلى إحدى فروع شركات الاتصالات من أجل دفع فاتورة مترتبة علي، وأخذتُ دوراً، وجلستُ منتظراً بجانب رجل في الخمسين من العمر تقريباً، وفي هذا الفرع لا يتناسب عدد الموظفين الموجودين، مع عدد النوافذ المتاحة من قبل الشركة لخدمة الناس، ومن الملاحظ دائماً بأن عدد الموظفين يكون قليلاً جداً، وقد لاحظت بزياراتي المتكررة بأن المشرف عن الفرع لا يتردد في الخروج خارجه للتدخين واحتساء القهوة مع بعض من الموظفين، ليبقوا العمل على موظفين أو ثلاثة لتقديم الخدمات للناس، فقال لي الرجل الخمسيني: إن التأخر في خدمة الناس، والبطء في العمل عادة قديمة عند هؤلاء الموظفين، وافقته الرأي، وأكمل قائلاً: ( أنا تعبت، وبدي أروح أشوف الموظفة الواقفة، ليش متأخرة في خدمة الناس )، بعد ثلاثة دقائق تقريباً، عاد الرجل متجهماً وقال لي: ( حكت لي هذا مش شغلك، هذا شغلي وأنا بفهم في أكثر منك )، فيدور في ذهني سؤالين هنا: أهذا أسلوب تعامل راقٍ من قبل موظفة متعلمة؟، أليس حريٌ بها أن تكون لبقة في التعامل مع الناس وخصوصاً مع الكبار في السن؟. وأيضاً من المواقف الأخرى التي شاهدتها في أحد البنوك، عندما كنت انتظر دوري مع مجموعة من الناس، وكان الاكتظاظ شديداً بفرع ذلك البنك، وذلك بسبب تعيين موظفين اثنين للصندوق فقط، وكانت موظفة أحد الصناديق، تمشي الدور بطريقة أقرب إلى الضجر، وفي أثناء ذلك توجهت إليها سيدة، وما أن رأتها حتى انهت اجراءات العميل الواقف أمامها، وقامت بإطفاء شاشة الدور، وبدأت بتبادل الحديث معها، وقامت بأخذ مبلغ منها، متجاهلة الدور، والأشخاص الذين ينتظرون، مما دفع رجلين، بالتوجه إليها، وسؤالها عن السبب، لتجيب غاضبة، ( كل حدا اعلم بشغله )، ليتوجه أحد الرجلين إلى المشرف عنها، ومن ثم يذهب إليها المشرف، ويقول: ( دورهم بعد المدام )، وكأن شيءً لم يحدث، ألم يكن من واجبه معاقبتها على هذا التجاوز؟، وكثيرة هي التصرفات التي تصدر من قبل بعض الموظفين، والتي تدل على أنهم فاقدون للمهنية وللكفاءة في العمل. الأمثلة سابقة الذكر، هي لا تدل على تصرفات فردية عند مجموعة من الموظفين، بل هي عادات منتشرة عند الكثير منهم، وهنا يبدأ دور الإدارات العليا لهذه الشركات والبنوك، في زيادة الرقابة على الموظفين، وحتى على مدراء الفروع، فعندما يقوم مدير الفرع، بإرخاء الحبل للموظفين، حتى يكسب ودهم، وينسى أو يتناسى، جودة العمل، يسبب ذلك في انتشار الكثير من التصرفات السلبية من قبل الموظفين مع الناس، وأيضاً يجب أن يتم القيام بتفعيل مجموعة من الدورات التأهيلية للموظفين، والتي تساعدهم في الابتعاد عن الاستهزاء المبطن والابتسامات السخيفة من قبلهم مع الناس، وخصوصاً مع كبار السن منهم، وذلك يساهم في التقليل من التسبب في تعطل الناس عن مشاغلهم، فكما لهؤلاء الموظفين عملٌ يقومون به، لغيرهم أيضاً أعمال يقومون بها، فيجب أن يعملوا على القيام بعملهم بطريقة ممتازة جداً. إن مراعاة الكفاءة، والمعايير الوظيفية، وزيادة الرقابة الذاتية، من قبل الموظفين في وظائفهم، يساعدهم على القيام بعملهم على أكمل وجه، وأيضاً يجب أن يقوم المدراء والمشرفون، بتفقد عمل الموظفين بشكل دائم، والقيام بتوجيههم، كلما اقتضت الحاجة، ويجب أن يتسم الموظفون كافة، بسرعة البديهة، واللباقة والاحترام في التعامل مع الناس، والمحافظة على مصلحة العمل؛ لأنهم هم من اختاروا عملهم وقرروا تحمل طبيعته، لذلك من الواجب عليهم الالتزام بالقواعد والتعليمات المهنية، والسعي نحو ترسيخ صورة جيد عنهم وعن مؤسستهم التي يعملون بها عند الناس؛ لأن الإتقان في العمل واجبٌ على كل إنسان. [email protected]