يتميز الذهب بخاصتين الندرة والاهمية الكبيرة التي اكتسبها كمعدن نفيس ونادر عبر التاريخ بحيث اصبح احد اهم اصول الثروة الهامة في العالم وبالتالي يعتبر هذا المعدن شبه الوحيد المقبول من جميع الناس وفي كافة انحاء العالم وتحت اي ظرف وفي اي وقت كما يعتبر ملاذ امن في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية والمالية وأوقات عدم اليقين اضافة الى اوقات اضطرابات اسواق الصرف والتراجع الكبير في اسعار صرف العملات وتذبذب اسعارها وبالتالي فان اسعار الذهب تميل الى الارتفاع عندما تبدو في الافق اي تطورات ترفع من مستويات المخاطر الاقتصادية او السياسية سواء على المستوى الاقليمي او الدولي لذلك لاحظنا الارتفاع الكبير في سعر الذهب عام 2008 نتيجة التاثيرات السلبية للازمة المالية العالمية وارتفاعه المتواصل مع بداية ازمة الديون الاوروبية وارتفاعه القياسي عند تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الامريكية صاحبة اكبر اقتصاد في العالم واهم عملة دوليةبحيث ارتفع الى 1815 دولارا وجاء عام ٢٠١٣ لينهي ١٢ عاما من المضاربات والارتفاعات المتتالية وحيث تراجع سعره خلال العام بنسبة ٢٨٪ وخلال عام 2014 انخفض سعره الى 1182 دولارا وبنسبة 2% في ظل تراجع الطلب على الحلي الذهبية والمسكوكات والسبائك بحيث انخفض استهلاك الذهب 9% العام الماضي وانخفضت قيمة الاستثمار الحاضر ومعظمه في العملات الذهبية والسبائك بنسبة 41% وجاء اكثر من نصف هذا التراجع من الصين والهند المستهلكين الرئيسين لهذا المعدن على مستوى العالم مع العلم بان الهند والتي تعد واحدة من اكبر سوقين للذهب ارتفع حجم الطلب على المجوهرات لديها الى 662 طن بنمو 8% بينما تراجع الطلب على الذهب في الصين بنسبه ٣٣٪,كما تراجع الطلب الاستثماري وهو احد العوامل المحركة لسوق الذهب خلال السنوات الماضيه ليصل الى (905اطنان) عام 2014 مقارنة مع (885طنا) عام 2013 بينما انخفض اجمالي الاستثمار في السبائك والعملات التجارية 40% بعد تراجع المستثمرون الذين قاموا بعمليات شراء كبرى عام 2013 بينما تراجعت التدفقات الناتجة عن صناديق الاستثمار المتداولة من (880 طنا) عام 2013 الى (159طنا) عام 2014 و استمرت المصارف المركزية في شراء المزيد من الذهب وزيادة احتياطاتها منه خلال عام 2014 بارتفاع نسبته 17% مما يجعل المصارف المركزية مشتريا صافيا للذهب للعام الخامس على التوالي مع ملاحظة التحول في الطلب المادي على الذهب من الغرب الى الشرق والذي صاحبه تطور ملحوظ في البنية التحتية الخاصة في الذهب في اسيا حيث تم ادخال منتجات ومنصات تداول جديدة صممت لجعل الذهب متاحا لاكبر عدد من المشترين.
والمراهنات بين المؤسسات والبنوك الاستثمارية الكبرى حول توقعات سعره خلال العام الماضي وهذا العام تراوحت مابين متفائل ومتشائم بحيث لاحظنا التفاوت الكبير بين هذه التوقعات وبين الاداء الفعلي لسعر الذهب عام ٢٠١٤ وحيث انخفض سعره العام الماضي على سبيل المثال الى ١١٨٢ دولارا وبنسبة ٢٪ بينما توقعت مؤسسة مورجان ستانلي ان يرتفع سعر الذهب العام الماضي الى ١٢٦٣ دولارا وبالمقابل اشار تقرير اقتصادي متخصص صدر عن غرفة تجارة وصناعة دبي الى ان سعر الذهب سوف يتعرض لخسائر نسبتها ١٥٪ خلال العام الماضي و اشار نصف من شملهم استطلاع وكالة رويتر وعددهم ٢٧ ان اسعار الذهب سوف تتراجع عن مستوى الدعم الرئيسي عند مستوى ١١٠٠ دولار وآخر التقارير التي اطلعت عليها اشارت الى ان الذهب قد يسجل المزيد من الهبوط هذا العام ليصل الى مستويات مابين ١٠٠٠الى ١١٠٠دولار مع توقعات اتجاه الاسعار نحو الأعلى في نهايه العام وبدايه العام القادم بحيث يرتفع السعر الى ١٢٥٠ دولارا وقد احاط علما بنك ابوظبي الوطني في تقريره الاخير حول آفاق الاستثمار عام ٢٠١٥ الذي شجع المستثمرين على أخذ الذهب بعين الاعتبار في محافظهم الاستثمارية و التراجع الكبير في سعر النفط لا يعزز القدرة الشرائية لسكان دول الخليج من هذا المعدن وهذه التوقعات السلبية لسعر الذهب سواء العام الماضي او هذا العام استندت الى توقعات استمرارية بصعود الدولار وحيث يتزايد الطلب على العملة الخضراء وبالمقابل تتراجع عملات معظم دول العالم اضافة الى تعافي الاقتصاد العالمي وتوقعات ارتفاع سعر الفائدة الامريكية خلال شهر حزيران القادم وحيث أبقاها مجلس الاحتياطي الاتحادي قرب الصفر منذ عام ٢٠٠٨ لتحفيز الاقتصاد اضافة الى استمرارية انخفاض مستوى التضخم وتحسن اداء الاسواق المالية العالمية وحيث قفزت الاسهم الاوروبية على سبيل المثال يوم الجمعة الماضي الى اعلى مستوياتها في خمسة سنوات بينما نلاحظ خلال هذا العام استمرارية تفاوت توقعات الجهات الاستثمارية العالمية لحركة سعر الذهب مع العلم بان سوق الذهب وعلى غرار معظم الاسواق يستغرق وقتا طويلا للتعافي من فترات الاضطراب التي مر بها. والعلاقة العكسية بين الدولار والذهب مردها الى ان الذهب هو من أدوات التحوط الهامة ضد مخاطر تغير معدل صرف العملات والارتفاع القوي لسعر صرف الدولار خلال العام الماضي وهذا العام والذي ساهم بتسجيل مؤشر العملة الامريكية اكبر مكسب سنوي منذ عام ٢٠٠٥ من اسباب التحول عن الذهب في ظل تدفق رؤوس الاموال من الدول التي ترتفع فيها مستويات المخاطر الى الاصول المقومة بالدولار ومن العوامل التي تلعب دورا سلبيا في اداء مؤشر سعر الذهب على الاجل القصير هو معدل التضخم في أمريكا وحيث اثبتت الدراسات ان هنالك علاقة موجبة بين التغير في سعر الذهب ومعدل التضخم الامريكي نتيجة اثر التضخم على القوة الشرائية للدولار وبالتالي فان ارتفاع معدل التضخم يعني تراجع القوة الشرائية للدولار مما يساهم في ارتفاع سعر الذهب بسبب تزايد الطلب بدافع التحوط ضد مخاطر التضخم بينما تشير بعض الدراسات الى ان الذهب ليس الأصل الاستثماري المناسب للتضخم وخاصة للمستثمرين على الاجل الطويل باعتبار ان التغيرات في سعر الذهب لاتتماشى والتغيرات في معدل التضخم كما ان توقعات ارتفاع سعر الفائدة الحقيقية في الولايات المتحدة الامريكية خلال هذا العام كما ذكرنا تلعب دورا سلبيا في تحركات سعر الذهب حيث تصبح الادوات التي تدر فائدة مثل السندات الامريكية اكثر جاذبية من الذهب باعتبار ان الذهب معدن عقيم لايولد ارباحا ذاتية كمعدن لانه لا ينمو من الناحية المادية بمرور الوقت بعكس الاصول المالية البديلة ولابد من الاشارة ايضا الى ان انتعاش الاسهم الامريكية يحد من الطلب على الذهب في ظل تحسن اداء الاقتصاد الامريكي وتعافي مستمر في النمو وتحقيق اكبر مكاسب في التوظيف وبالتالي لا يتوقع ان يشهد هذا العام قفزة او طفرة في سعر الذهب كما حدث في سنوات سابقة وللحديث بقية.