اما لماذا خطر على بالي كتابة هذه المقالة خالطة الحالة الاجتماعية بالمهنة ، لأن هنالك طوفان داهم يقرع اجراس الإنذار منبها إلى تدهور مضمون هذا المفهوم !
فالحالة الاجتماعية التي تعني: متزوجة ،عزباء ، مطلقة ، أرملة.. ثمة إجابة نتلّقاها من بعض النسوة عندما تُسأل الواحدة منهن ماذا تفعل في حياتها فتجيب: متزوجة !
وهذه الإجابة المعهودة تقطع على السائل اية تساؤلات اخرى , فلو اجابت بأنها موظفة.. عاملة..معلمة.. طبيبة لتَشَعّبَ الحديث وتفرّعَ أكثر..سواء كانت المحادثة اجتماعية.. عملية.. طلب وظيفة.. «طقْ حنَك».. الخ
ترى هل لو سألنا الرجل ماذا يفعل هل سيجيب بأنه: متزوج ! حتى لو كان عاطلا عن العمل !
ربما تقصد المرأة بقولها متزوجة..بأنها ربة بيت!
نحن نحترم الزواج وقدسيته ودور ربات البيوت في تنمية اسرهن ،وهل هنالك اعظم من هكذا رسالة وعمل ومسؤولية تقع كلها على عاتق المرأة المتزوجة ،ربة البيت ،الأم..بشرط القيام بهذا الدور على احسن وجه !
وفعلا فإن إدارة اي شركة أهون بكثير من إدارة بيت وأسرة ، فالمسلسل الذي يحيط بهذا الحيّز الممتد الى ما لا نهاية متوالد ومتكاثر ليس على صعيد الذريّة من حمل وولادة ، وسهر الليالي فحسب ،بل على صعد تربوية واجتماعية وإقتصادية في غاية الحساسية لدرجة ان سورة كاملة متكاملة وهي سورة: النساء في القرآن الكريم خُصِصت للمرأة.
ناهيك عن الحديث النبوي الشريف: «الجنة تحت أقدام الأمهات» ! صحيح انه مؤخرا زحفت بعض الدعوات والإدعاءات واصفة بان هذا الحديث ضعيف !
فكأن البعض يريد تجريد المرأة الأم من مثل هذا التكريم.. متناسين سلسلة الأحاديث النبوية الداعمة للمرأة مثل: أكرموا النساء ، فوالله ما أكرمهن الا كريم ، وما أهانهن الا لئيم !
على اي حال هذا ليس موضوعنا بالوقت الحاضر ، فتكريمها مشروط بموازنتها بين الحق والواجب، فكما ان لها حقوقا فإن عليها واجبات.. وكلنا بين حق وواجب !
وفعلا.. كل موضوع في الأسرة عبارة عن مخاض وولادة سهلة او متعسرة او قيصرية كل وظرفها.. وما يلتصق به من امور متكاثرة تمس صميم المرأة بقلبها ، لكون وظيفتها مستمرة بمتوالية هندسية وحسابية تشتد تعقيدا بمرور الوقت !
قد يعترض البعض على هذه المقولة–كان هذا أيام زمان.. فربات البيوت اليوم هذه الأيام يحملن لقبا دون مضمون.. فهنالك نسبة منهن تنضوي تحت لقب «أم بيولوجية» تحمل وتلد فقط ، ولا تربّي لكونها لامبالية ، وكأنه لا علاقة لها بالرعاية الحثيثة والتربية الفاضلة الصحيحة لفلذات أكبادها..
فهي تستورد وجبات الطعام «السريعة» و»البطيئة» من السوق ، كما ان عاملة المنزل الوافدة تمتد مسؤولياتها وتتشعّب بين التنظيف والغسيل وإدارة المنزل إلى تربية الأجيال او بالأحرى الى « لاتربيتها «، وفق منظار العاملات الوافدات البدائي ، بينما تتنقل «الأم البيولوجية» بصبر وشغف غيرطبيعيين بين الآيفون والآيباد والكوفي شوبات والشوبنج.. الخ والنتيجة السلبية نراها امام ناظرينا بمسلسل من « قلة التربية « المسمِمَة لمجتمعاتنا !
فالسنوات الخمس الأولى من شخصية الطفل والتي هي الأساس تتداعى ركائزها منذ البداية لكون الطفل يقضيها بدون توجيه صحيح.. وكيف لا وهنالك آيباد لكل طفل !
كنا بالسابق نشكو من التلفزيون ودوره بالتربية والعاملة الوافدة
والآن اصبح الآيفون ايضا والآيباد شركاء بالتربية ناهيك عن رفيق السوء.. ولا دور للأم على الإطلاق.. والنتيجة اولاد يفتقدون للتربية.. لا يتقنون مهارات التواصل الطبيعية لكونهم يعيشون معظم الوقت بعالم افتراضي.. يشكون من زيادة الوزن لأنهم يأكلون الوجبات السريعة الجاهزة بيد ويلعبون بالآيباد باليد الأخرى..ويشكون من قلّة التربية..جيل ذبحته «تنْبَلة» التكنولوجيا ، لدرجة أن « ستيف جوبز» أبو الآيباد.. قنّن على أولاده إستعمال الآيباد مطالبا إياهم بالخروج كي يلعبوا بالرمل والطين في الحدائق ليتزوّدوا بأكسجين الهواء النقي.. حتى لا يتعفّنوا بالهواء الفاسد المخيم على خمول الأجواء الأليكترونية!
نحن نشد بأيدينا على ايدي الأمهات الفاعلات الحقيقيات بداخل المنزل حتى لو خرجن للعمل ، فهؤلاء لهن الحق بأن تكون الجنة تحت أقدامهن ، بعكس تلك المجموعة التي تملك كل الصبر
لل « التشاتات الفاضية « ومتابعة اخبار « السوشال ميديا « مطورات اسلوب الغيبة والنميمة تكنولوجياً دون تطوير انفسهن معنويا وايجابيا ، علاوة على تنقلهن بشغف في متاهات اللامجدي واللامفيد ،جامعات مجد التخلف من اطرافه ، فكأنه لا يكفينا اوضاعنا العربية المتدهورة حتى ندهورها أسريا وتربويا !
وأخيرا..حذار من الاستمرار على هذا المنوال.. لأننا عندها سنقرأ على الأجيال السلام!
وختاما..فلننقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان!
اللهم إنّا بَلّغْنا !