
إن صحّت المعلومات التي تحدثت عن أن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي يفكر ،بعدما سقطت ورقة خالد مشعل وحتى لم يُعرف مصير وساطته، في تكليف مرشح معركة الرئاسة المصرية المنسحب محمد البرادعي بمهمة «التوسط» بين بشار الأسد وشعبه المنتفض ضده.. ولعلَّ وعسى أن يأتي بما لم تستطعه الأوائل وأن يقنع الرئيس السوري بتوضيب حقائبه وحملها والرحيل ومغادرة دمشق وترك السوريين يصوغون حاضر ومستقبل بلدهم وفقاً لمعايير هذا العصر وقيمه ومعطياته.
ربما أن بإمكان الدكتور محمد البرادعي التوسط لإيجاد حلٍّ لأزمة القدرات النووية الإيرانية فالرجل صاحب تجربة وليس صاحب اختصاص وهو كان قد تعامل مع هذا الملف الشائك لأعوام عدة ،وبالطبع بدون أي إنجاز، عندما كان على رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولهذا فإن المؤكد أن بإمكانه أن يواصل القفز من فوق هذا الحبل المشدود إلى أن يأتي الله بما لا تعلمون والى إما أن يصبح القرار للبوارج المتأهبة في مضيق هرمز وبالقرب منه وإما أن يطأطئ الإيرانيون رؤوسهم ويقبلوا بما سيمليه الأميركيون والإسرائيليون عليهم!!.
أما أن يتفتق ذهن الأمين العام للجامعة العربية عن الاستنجاد بـ»البرادعي» على اعتبار أنه كان أحد فرسان ميدان التحرير فإنها محاولة لحرق هذا الرجل بتكليفه بمهمة شائكة لحل أزمة طاحنة ومعقدة باتت مع عامل الوقت وإصرار هذا النظام «الانتحاري» على مواصلة الإفراط في استخدام العنف ضد شعبه أزمة إقليمية ودولية لا يستطيع ألف برادعي لا حلها ولا التأثير فيها وحتى ولا حل ولا عقدة واحدة من عقدها الكثيرة.
ثم وكيف من الممكن أن يُكلَّف هذا الرجل بمهمة التوسط بين شعب ثائر قدّم كل هذه القوافل من الشهداء من أجل حريته والتخلص من ظلام استبدادي استمر لنحو نصف قرن بأكمله وبين نظام يعلن يومياً أنه يشتبك مع متمردين وعصابات مسلحة وكل هذا والبرادعي كان قد طرح نفسه كأحد «المخلِّصين» وأحد قادة ميدان التحرير والثورة على نظام حسني مبارك الذين إذا أجريت مقارنة فإنه بالتأكيد أفضل من نظام بشار الأسد بألف مرة ومرة.
إنه على أمين عام جامعتنا العربية أن يتوقف عن هذه الألاعيب التي هي على حساب الدماء الزكية الراعفة يومياً من أعز أبناء الشعب السوري وأن يتعاطى مع هذه القضية الصعبة والمعقدة بكل جدية وإلاّ فعليه أن يرفع يديه ويعلن إفلاسه ويستدعي هذا «الدابي» ليعود من سوريا هو وكل من يقودهم من المراقبين العرب على جناح السرعة لينتظروا معاً النهاية التي سينتهي إليها هذا النظام السوري وهي نهاية غدت معروفة ومؤكدة وليست بحاجة لضرب أخماسٍ بأسداس.
لن يستطيع البرادعي ،هذا إذا صح أن الأمين العام للجامعة العربية كلفه بحل الأزمة السورية التي استعصت على كل «الحلاّلين»، فعل أي شيء والمؤكد انه إذا قَبِل بهذه المهمة وذهب إلى دمشق فإنه سيجد بانتظاره في الفندق الذي سينزل فيه عشرات «الكاميرات» التجسسية لتحصي عليه أنفاسه ولتكون صورها جاهزة لابتزازه إن هو حاول أن يُحكِّم ضميره ويقول كلمة حقٍ مثل تلك الكلمات التي كان يقولها عندما كان يُرابط في ميدان التحرير!!.