لقد إختلفت كل قوى المقاومة الفلسطينية مع حركة حماس ، والخلاف مازال قائما حول المصالحة الفلسطينية لكن قرار المحكمة المصرية عار على كل عربي ، لا أستوعب شيئا مما تفعله محكمة القاهرة للأمور المستعجلة هذه الأيام ، بعض ما أصدرته من أحكام كان خارج حدود التصور والمنطق يتعلق بحركة حماس التي تحكم قطاع غزة بالقوة
وصفتها المحكمة بأنها حركة إرهابية ولا يجوز التعامل معها ، ولا فتح مكاتب لها وحظر جميع نشاطاتها وأموالها في مصر ، وقد تعلقت حيثيات الحكم بقصص وروايات تتداولها الصحف والمواقع الإلكترونية في مصر ، دون أن يثبت شيء منها بدليل أو برهان حقيقي أو حتى حكم محكمة ، وبطبيعة الحال أن توصف حركة مقاومة فلسطينية بأنها حركة إرهابية فهو موقف يشعرني بالعار، ولم يكن يجري على خاطري ولا في الأحلام والكوابيس أن يأتي اليوم الذي توصف فيه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية بأنها إرهابية ، هذا يوم أسود في تاريخ مصر ، ولن يشرف مصر بأي حال من الأحوال أن تكون مصر مع العدو الصهيوني التي تصف بهذا الوصف الخطير .
بإسم الشعب المصري شعب جمال عبد الناصر البطل الذي ضحى بدماء أبنائه ، جيلا وراء جيل من أجل فلسطين وكرامتها وإستقلالها وحريتها ، كيف دولة مثل مصر أقدمت على هذا القرار المخزي ؟؟ وسيكون إنعكاساتة وخيمة على القضية الفلسطينية ، والحقيقة أن الحكم سياسي فيه بإمتياز ، حركة حماس جزء من الشعب الفلسطيني المناضل لا يجوز وصفها بحركة إرهاب ، اليوم حماس واعد فتح ، و بعد غد الجهاد وووووو حتى جميع الفصائل حتى يكتمل المشروع الصهيوني !!!
هذا القرار ناتج عن حملات الآلاف من الإعلاميين والصحفيين والسياسيين والقيادات من التيارات المصرية المعادية الى الشعب الفلسطيني و حلافاء العدو الصهيوني ، وهناك تنسيق سياسي وأمني يتم بين الأجهزة المصرية وأجهزة العدو الصهيوني بعضه معلن وكثير منه غير معلن ، وإذا أخذنا الحكم المستعجل على محمل الجد فإن هذا يورط الأجهزة المصرية بتحالف مع العدو الصهيوني ، أضف إلى ذلك ما يتصل بالدور المصري في ملفات المصالحة الفلسطينية
إن الدبلوماسية المصرية ستفقد قدراتها على إدارة الملف الفلسطيني وأداء أدوار محددة والإحتفاظ بجسور إتصال مع الفلسطينيين وأهمهم حماس وفتح ، فكيف يمكن للدبلوماسية المصرية أن تمارس هذا الدور وهي تتهم أحد أركان الملف بأنها منظمة إرهابية ، وكيف ستكون مصر وسيطا مؤتمنا أو مقبولا أو محترما لدى كل الأطراف ، قضت محكمة القاهرة بحظر حركة حماس وإعتبارها حركة إرهابية الأمر الذي طرح عدة تساؤلات عن مستقبل الحركة والآلية التي ستمارس فيها دورها السياسي كونها ما زالت تحت الإحتلال
لا أحد ينكر دور الحركة في الدفاع عن القضية الفلسطينية , وهل ستحذو بعض الدول التي تمتلك علاقات وطيدة مع مصر على محاسبة الحركة ؟؟؟ وما هو المستقبل السياسي والإقتصادي ؟؟ وكيف سيتنقل قادتها ؟؟ وهل سيكونون جزء من أي عملية سياسية قادمة ؟؟؟ بالإضافة إلى مستقبل قطاع غزة التي تحكمه حماس بالقوة منذ العام 2007 ، هل سيعتبر الآخر كيان إرهابي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطنين الفلسطينيين ؟ عدة تساؤلات تدور في ذهن كل مواطن فلسطيني يبحث عن مستقبله المجهول في ظل كل المتغيرات التي تدور حوله ، نأمل من حماس أن تأخذ العبرة مما يجري في مصر الإستحواذ على السلطة وإقصاء القوى السياسية .
ما جرى في مصر منذ 30 يونيو وأدى لنهاية حكم الإخوان المسلمين ، ترك تداعيات على القضية الفلسطينية وخصوصا مع تكرار قول حركة حماس بأنها إمتداد إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مما سيطرح سؤالا حول مستقبل حركة حماس وسلطتها في قطاع غزة بعد سقوط حكم الإخوان في مصر؟.
لقد سبق وأن كتبنا وتحدثنا كثيرا عن الثورات العربية ، وحول سياسة حركة حماس وعلاقاتها الخارجية ، وإذ نعود للموضوع مجددا فإنما بسبب الأحداث التي تجري في مصر وانعكاساتها على الشعب الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة ، ونحن هنا لسنا في وارد جلد الذات كفلسطينيين أو تحميل حركة حماس المسؤولية فبالرغم من خلافنا الجذري مع حركة حماس ، وبالرغم من الأضرار التي لحقت بالقضية الفلسطينية نتيجة الإنقسام الذي تتحمل حركة حماس المسؤولية عن جزء كبير منه ، إلا أننا مازلنا نراهن أن تعود حماس للوحدة الوطنية الفلسطينية وأن تراجع حساباتها ومواقفها في ظل ما يجري في مصر وفي سوريا.
إن ممارسة حركة حماس للمقاومة بعيدا عن إستراتيجية وطنية للمقاومة ، واستمرارها بالقول بأنها إمتداد لجماعة الإخوان المسلمين وأنها جزء من مشروع الإخوان ، بأن هذه المواقف والممارسات ستدفع حركة حماس نحو مزيد من التباعد عن الحالة الوطنية والمراهنة على تحولات عربية وإسلامية تجري هنا وهناك وخصوصا مراهناتها على الإخوان , وهي المراهنة التي دفعها لوقف المقاومة والتوقيع على هدنة مذلة مع العدو ، ما نخشاه وما نحذر حركة حماس منه أن تأول أمورها لتقاتل في مصر دفاعا عن مشروع الإخوان ترى نفسها جزءا منه ، مديرة الظهر للمشروع الوطني وللعدو الرئيس للشعب الفلسطيني وهو العدو الصهيوني ، ونرفض الزج بالفلسطينيين في الشأن الداخلي لمصر أو غيرها كما يجري في سوريا ، فشعوب وأحزاب وأنظمة هذه الدول مسؤولة عما يجري فيها والعنف متجذر في هذه البلدان قبل أن تظهر حركة حماس للوجود
. نتمنى على حركة حماس أن تتدارك الأمر بسرعة وتتصرف بحكمة مع ما يجري في مصر ، وأن تعود للحضن الوطني الفلسطيني ، ونتمنى من حركة حماس أن تحسب حساب كل خطوة وكل تصريح يصدر عنها في هذه المرحلة الدقيقة حتى لا يتحمل الشعب الفلسطيني نتائج تداعيات خطيرة للأحداث في مصر ، إن نظرة قطاع كبير من الشعب المصري لحركة حماس تغيرت كثيرا للأسوأ ، بل أمتد الأمر لنظرة المصريين للفلسطينيين وهذا ما سينعكس في العلاقة المستقبلية بين الشعبين ، وفي طريقة تعامل المصريين مع أهالي قطاع غزة ، سواء على المعابر حيث يتعرض المسافرون للإهانة والإستفزاز والإبتزاز
إن إستمرار الإنقسام بالجسم الفلسطيني الجغرافي والسياسي ، يخلق ظروفا تكون قاسية على الشعب الفلسطيني ومستقبله الوطني والسياسي ، ويبدد الحقوق الفلسطينية ، ويهددها بالضياع والذوبان ، فيكفي ما يزيد على سبعة سنوات من الإنقسام والمصالح الفئوية والذاتية ، وكفى مراهنات على مفاوضات لا تجدي ولا تنفع ، يجب الإسراع لإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الإنقسام الفلسطيني ، أما غير ذلك وأعني به إستمرار الإنقسام ، وعدم إنجاز الوحدة سيقود الشعب الفلسطيني وقيادته إلى مزيد من الإنتكاسات والهزائم . إن شرط من شروط الإنتصار هو إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية .