كان الوضع عند وفاة والد أ.ق صعب جداً حيث مازال خمسة من أشقائه الذكورعلى مقاعد الدراسة، فتحمل مسؤوليتهم وأكمل لهم دراستهم غير منتظراً لأي وعود وهمية، واليوم بعد حوالي 12 عاما من وفاة الوالد أكمل تعليم ثلاثة من أشقائه، وأنهى الرابع الثانوية العامة واختار عدم الإكمال، اما الخامس فدرس ثم توقف وعمل ثم قرر ان يعود لإكمال دراسته مؤخرا، بينما كانت شقيقته الكبرى متزوجة قبل وفاة الوالد، وتزوجت الصغرى "المدللة" بعد وفاته رحمه الله، وقد تردد أ.ق في الموافقة يومها خوفاً من أن تكون موافقة شقيقته الصغرى هروباً من الواقع الصعب الذي تعيشه العائلة، ولم يكن يعلم بأن الله سيرزقه بزوج لها سيصفه فيما بعد بأنه إنسان من النادر وجود أمثاله في هذا الزمان.
وقف الجميع مع الوالدة بعد وفاة والده، وكانت المسؤولية كبيرة فكل شئ كان بيد الوالد، أما الوالدة فكانت لا تفرض رأيها أبداً وتعطي جميع أبناءها ما يريدون، فتغيرت حياة أ.ق بشكل جذري بعد وفاة والده، وكان هناك م.ع الذي ذكره كواحد من أكثر الأشخاص الذين ساهموا في تطويره مهنياً، فساعده على الحصول على شهادات تقنية تخصصية خلال شهر واحد عندما كان يعود للمنزل الساعة 8 مساء، ثم يواصل الدراسة حتى 12 منتصف الليل، وحتى صلاة الفجر في أيام الامتحانات، كما كان يذهب للعمل بباصات "الريالين"، ولم يكن متزوجاً وقتها فلم يكن يذهب لأي مكان، حتى أنه كان يبقى بين الدوامين في الشركة تفادياً لصعوبة وضعه المادي وصعوبة المواصلات، وكان قبل وفاة والده قد حصل على قرض من الشركة ليشتري أول سيارة في حياته، بينما انشغل بعد وفاة والده بهموم العمل والعائلة، فحصل على الشهادات التقنية التخصصية في فترة يصفها بأنها كانت أصعب حتى من فترة الدراسة الجامعية بكثير.
تزوج أ.ق في عام 2003م عندما زار الأردن غير مفكراً بالزواج إطلاقاً لتفاجأه والدته بطلب الزواج فوافق بعد نقاش طويل، وليتم الزواج منتصف 2004م من زوجته التي تحمل دبلوم في السجلات الطبية، الأمر الذي جعله يتولى مسؤولية زوجته ووالدته وجميع إخوانه، ثم ترقى في العمل إلا أن الراتب لم يعد يكفيه، إضافة للتعامل السئ في الشركة التي كان يعمل فيها، فاتخذ قراره الأصعب بعد وفاة والده في عام 2007م بترك الشركة، لكن الشركة رفضت إعطاءه نقلا للكفالة لتأتيه بعدها فرصة للعمل في شركة أخرى قدمت له تأشيرة فوقع معها مباشرة وترك شركته برغم كل محاولات التمسك به.
انتظر بعد ذلك في الاردن على وعد بوصول عدم الممانعة من الشركة التي تركها خلال اسبوعين، الأمر الذي لم يحدث، فتم اصدار تأشيرة زيارة له من الشركة الجديدة وترك زوجته وابنته التي كان كان قد رزقه الله بها في 2005م وتوجه للرياض، لكنه تفاجأ بعد مجيئه بممانعة شركته الأولى عمله الجديد وتورط ولم يعرف ماذا يفعل، ليقدر الله أن يصدر الأمر الحكومي في السعودية بإلغاء ورقة عدم الممانعة بعد 5 شهور من عمله الجديد، فذهب للأردن وعاد بتأشيرة عمل رسمية واستقدم زوجته وابنته، وعمل مع الشركة الجديدة عامين فقط حيث ارتفع راتبه فيها بشكل جيد.
لكنه تفاجأ بعد عامين بالشركة الجديدة تخطره بأنها لا تحتاجه أكثر من ذلك، فوجد نفسه في ورطة جديدة في عام 2010م، وليستقر به الأمر بدون عمل لمدة ستة شهور كان فيها بأسوأ نفسية، وبرغم ذلك أراد شقيقه الأكبر أن يتزوج خلال تلك الفترة واحتاج للدعم منه الامر الذي تم بالفعل! وبرغم صعوبة تلك الفترة إلا أنه استمر في إرسال المصروف الشهري لأهله، حيث كان ينظر للأمام ويفكر في المستقبل ويحسب حساب كل شئ دائماً رافضاً تماما لمبداً: (اصرف مافي الجيب ياتيك مافي الغيب).
وقد كان رزقه الله في العام 2008م بأول أبنائه الذكور خلال فترة عمله في الشركة الجديدة، ليجد نفسه بعدها في هذه الورطة مع زوجة وطفلين وأهله جميعاً في رقبته، لكن زوجته كانت انسانة تقدر الظرف جيداً وتتفهم وضعه منذ أول يوم زواج، وهنا يذكر أنه أصيب بالقولون العصبي بعد ترك عمله في الشركة الأولى. ثم عن طريق م.ع قابل أحد المدراء الذين قدموا له عرضاً للعمل في ذلك اللقاء، وليبدأ عمله معهم في اليوم التالي ليشعر بأن نافذة للفرج قد فتحت من جديد، وقد كانت زوجته واثقة دائماً بأنه لا يأتي بعد الصبر إلا الفرج، وكانوا حريصين على عدم اشعار ابنائهم بأي اختلاف في الظروف ابداً.
عاد هنا للعمل مع الشركة الجديدة براتب اقل من اخر راتب كان يتقاضاه، لكنه لم يرفض تمسكاً بالعصفور الذي باليد، ويقول أ.ق بأن كثيرين كانوا يظنونه بخيلاً، لكنه في حقيقة الأمر كان دائم الحرص بدليل انه لم يتأثر في فترة انقطاعه عن العمل، لكن الشركة التي عمل بها كانت صغيرة ولا تلبي طموحاته فعمل معها حتى نهاية عام 2011م ليوقع عقد عمله الحالي مع شركة الالكترونيات المتقدمة في العام 2012م، وبراتب كان الافضل في حياته حتى الان
وكان لا يوجد لديه اية مشاكل صحية سوى القولون العصبي الذي يلازمه منذ نهاية 2007م، لكن الأسبوع الأول من شهر آذار مارس 2013م وتحديداً يوم الأربعاء من ذلك الأسبوع نقله إلى عالم مختلف، حيث شعر بمغص خفيف وعوارض غريبة ثم حكة غير طبيعية كانت أقرب للهستيرية، فقرر مراجعة الطبيب في اليوم التالي، والذي وصف حالته بأنها جرثومة في المعدة، أما طبيب الجلدية فوصف له دواء للحساسية لا أكثر ..!!
لم يشعر بعدها بأي تحسن مع الأدوية، بل شعر بان الامور تزداد سوءا، حتى وصل به الامر لان يريد ان يحك عيونه وأذنه ورأسه بأي شئ يوجد أمامه ..!! فترى ماهي حقيقة ما كان قد أصابه ؟ هذا ما سنعرفه في الجزء الثالث من هذه المقالة في الأيام القادمة بمشيئة الله تعالى.