جراءة نيوز-اخبار الاردن-كتب النائب علي السنيد:
يعاني اليوم مجلس النواب في مجال الشعبية كثيرا، وهو يمر بأسوء حالاته، وقد دمرت صورته الشعبية، واصبح هشا ومقزما ومتهما على خلفية السياسات الحكومية.
والنواب - سواء من منح الثقة منهم او حجبها - صاروا متهمين على الجملة بانهم فشلوا في حماية الشعب، واخفقوا في المهمة التي انتخبوا من اجلها، وكانوا اقل من مستوى التحدي امام تغول الحكومة على الشعب الذي جاءوا لتمثيله، وقد مست بحقوق المواطنين علنا دون الالتفات الى النواب، وتغولت على الحقوق و الحريات العامة.
وانما عملوا – أي النواب- على تقديم الغطاء لسياسات حكومية رعناء دمرت مستوى معيشة ناخبيهم.
ومن جهة اخرى وبسبب تعنت حكومة النسور ظهر النواب غير فاعلين في مجال الخدمات الفردية، ولم ينجحوا في تلبية مطالب قواعدهم الانتخابية، والتي لن تجازف كما اعتقد مرة اخرى للذهاب الى صناديق الاقتراع، فالنائب في ظل هذه الحكومة لم يتمكن من ان يبرر سبب وجوده للشعب حتى على مستوى الخدمات الفردية : فلا تعييات، ولا نقل، ولا استجابة حقيقية لمطالب الاردنيين الذين يعتقدون ان النائب يجب ان يحقق لهم كل شيء.
وكانت الحكومة توصي بعضها البعض باستقبال النواب، واحترامهم، ولكن مع الاصرار على عدم الاستجابة لطلباتهم، والتي تخص المواطنين وذلك – الا ما رحم ربي من الوزراء الذين يدركون طبيعة مهمة النائب وضرورة انجاحها-. وقد صرح لي رئيس الوزراء علنا بأنه سيمضي في عمله دون الرضوخ لتدخلات النواب، وهي رسالة تعمم على الوزراء كما اعتقد، وكأنه يتنصل من كون عمل حكومته دستوريا مرتهن بالثقة التي حصلتها في مجلس النواب والتي تسببت بدورها بأن اصبح المجلس متهما شعبيا بكونه شريك هذه الحكومة في سياساتها التي دمرت معيشة الاردنيين.
فالحكومة التي فازت بالثقة بغض النظر عن الطريقة التي تحصلت بها تنكرت بعد ذلك لمجلس النواب الذي اعطاها الشرعية للعمل، وفقط ورطته بالمسؤولية على خلفية سياساتها، و كان ذلك من اكبر الاخطاء التي وقع فيها السادة النواب اذ فازت الحكومة بثقتهم ، وعملت على تخسيرهم قواعدهم الانتخابية، وذلك باشراكهم بالمسؤولية حيال الغضب الشعبي وما تنذر به حالة الشارع المتفاقمة، ودون ان تقدم لهم شيئا يعزز شعبيتهم.
ويشهد الله انني حذرت من خطورة هذا الشكل من الحكومات المعينة، واننا يجب ان نصر على مبدأ الحكومات البرلمانية، ودعوت الى مقاطعة المشاورات التي اسفرت عن هذه الحكومة، وكنا نحذر من منحها الثقة لما لذلك من اثر خطير على صورة مجلس النواب التي كانت ستتأثر بسلوكها، وسياساتها غير الشعبية. وكان مجلس النواب امام استحقاق تاريخي كبير باسقاط الحكومة، والابقاء على نفسه واجهة التمثيل الشعبي، وعنوان الديموقراطية والاصلاح بدل ان يظهر كما هو اليوم واجهة خلفية للحكومات، ويقدم لها الغطاء لسحق الاردنيين، وايصالهم الى حافة الجوع والافقار.
وفي المقابل احرجت هذه الحكومة النواب مع قواعدهم على ابسط مطالب المواطنيين، واضعفت النائب امام الناخبين الذين اصبحوا يتساءلون عن جدوى وجوده اصلا ما دام الوزراء تقتصر مهمتهم على استقبال النائب باحترام، وبعد ذلك الضرب عرض الحائط بمطالب الناس على قاعدة عدم الرضوخ لضغوط النواب ، وهذا ما اخبرني به وزير التربية والتعليم الحالي عندما هنأته بتبوئه المنصب الحكومي.
وهكذا احكمت مبررات السقوط النيابي فعلى المستوى السياسي اصبح النواب رهائن سياسات الحكومة الخرقاء، والتي اضرت بقواعدهم الانتخابية دون قدرة لهم على تبرئة انفسهم لكون الحكومة تعمل بثقتهم ، وعلى المستوى الخدمي كانت الحكومة سائرة في مخطط عدم الاستجابة لمطاب النواب حتى ان بعض قادة الاجهزة الامنية يعمل على العكس من مطالبهم التي يحملونها في مذكراتهم النيابية اليه، فيعرض من له مطلب الى عقوبة اضافية، استثني من ذلك رئيس هيئة الاركان الذي يبدي تفهما واضحا لمهمة النائب الشعبية، وكونه جهة الوصل بين السلطة التشريعية والشعب.
وكانت الحلقة الاخيرة في مخطط اسقاط مجلس النواب اظهار النائب وكأنه سارق مال الشعب، ويبحث عن الامتيازات الشخصية، وهي الصورة التي كرستها بعض الجهات التي ساندت الحملة الحكومية، وكانت الضربة القاضية التي جعلت مجلس النواب يسقط في الاعتبارات الشعبية. وانا شخصيا صوت ضد معظم مواد قانون التقاعد المدني.
وهذا لا ينفي ان النائب فعليا يبلغ راتبه 3200 دينارا مخصوما منها مخصصات سائق و بنزين السيارة لتغطية تحركاته ، ويلحق بذلك مصروفات مكتب خاص به في منطقته الانتخابية تشمل اجرته الشهرية وراتب موظف للاستقبال، وفواتير اتصالات وكهرباء ،هذا فضلا عن ان نواب الطبقات الفقيرة اشترى جلهم سيارة بالدين يخصم من راتبه .
ويتعرض النائب في اطار عمله النيابي الى ضرورة تقديم المساعدات للاسر الفقيرة، وطلاب الجامعات، او من اثقلتهم الديون،وهكذا يجد النائب الذي يعيش على راتب النيابة نفسه مديونا ، وبالكاد يستطيع ان يغطي تكاليف عمله النيابي، والى ذلك ظهر هذا النائب بسبب الحملة الحكومية الشرسة على المجلس انه آكل مال الشعب الاردني.
ولم تمس ذات التهمة الحكومة ووزرائها الذين لا تترتب عليهم اية تكاليف تتعلق بسيارة، وسائق ومكتب، وانما يعطى رئيس الوزراء كل شهرين مبلغ ثلاثمائة الف دينار فوق راتبه البالغ 4000 دينار، فضلا عن تسليمه مبلغا ماليا حال استلامه للمنصب، وقد يصل لعدة ملايين كما يشاع في حالة حكومة النسور.
وهنالك مخصصات لمكاتب بعض الوزراء، ومكاتب قادة الاجهزة الامنية تقدر شهريا بعشرات الالاف من الدنانير، والوزير يصله كل شهرين مبلغا ماليا مقداره اربعة عشر الف دينار اردني غير راتبه الذي يصل لثلاثة الاف دينار،وهؤلاء لا يترتب عليهم اية تكاليف شعبية، وحتى بنزين سياراتهم فعلى حساب الشعب، والحملة الشعبية التي فضح مجلس النواب بسببها كانت تستهدف كما اشيع حكوميا الى مساواة النائب بالوزير!!! .
ووصلنا اليوم الى نجاح كافة فصول المؤامرة الحكومية التي استهدفت مجلس النواب، وتدمير صورته الشعبية، واعتقد اننا سنسمع بعد اشهر معدودة صدى هتافات الشارع التي تنادي باسقاط مجلس النواب، وحله، والنواب لا يمكن تبرئتهم من المسؤولية بأي حال .
ولا ادري هل يدرك من فعل ذلك أي اذى سببه للاردن، ونظامه، وما هي الهدية المجانية التي قدمها للمشككين بالمسيرة، ومن راهنوا منذ البدايات على ان هذا المجلس لن يكون ممثلا للشعب، ولن يقوى على تحقيق مطالب الاردنيين، وان الشارع هو فقط مفتاح الحل.
هل يدرك من دمر عنوان التمثيل الشرعي للاردنيين، واظهره غير قادر على تحقيق مطالب الشعب، وهو الذي يملك توكيله الشرعي انه انما يؤسس للفوضى .
وان الخذلان الذي اصاب الاردنيين من نوابهم، وهم من شاركوا في الانتخابات السابقة على مضض سيعقبه عزوفا شعبيا عن المشاركة في المراحل القادمة، وان الاردنيين سيفقدون مرة واحدة ثقتهم بالمؤسسات الدستورية ، وسيعاد الزخم للشارع، وللفوضى مجددا.
فمن كان يخدم الدكتور عبدالله النسور، وهو يعمد الى اضعاف مجلس النواب، وتدمير صورته الشعبية التي ترافقت مع احتراق صورة حكومته في الشارع، وهل هذه الحكومة كانت تخدم الوطن استراتيجيا، وان كانت قدمت بعض الخدمات الانية المتمثلة في رفع الاسعار، والتي ربما لم تكن لتقدم عليها حكومة حصيفة مخافة المواجهة مع الشارع.