جراءة نيوز - اخبار الاردن :
كشف رئيس الديوان الملكي الهاشمي الدكتور فايز الطراونة إن الأردن لم يقبل يوما ان يقايض موقفه السياسي بمساعدات اقتصادية ومالية رغم الازمات الاقتصادية الخانقة التي كان يعيشها في الكثير من الفترات.
وأكد أنه ومنذ نهاية سبعينيات القرن الماضي كان يطلب من الاردن تغيير مواقفه السياسية مقابل الدعم المالي والاقتصادي إلا أن الأردن كان يرفض ولم يسجل عليه يوما أنه اتخذ موقفا مغايرا لثوابته او متناقضا مع مصالحه الاستراتيجية العليا أو غير موقفه للحصول على الدعم الموعود.
وبين خلال محاضرة القاها في منتدى الدستور للفكر والدراسات مساء أمس بدعوة من الجمعية الأردنية للعلوم السياسية أن السياسة الاردنية تمحورت طيلة العقود الماضية حول القضية الفلسطينية وبقي الاردن يوظف كافة امكاناته لخدمة هذه القضية،مشيرا الى أن اتفاقية الوصاية التي وقعها الاردن مؤخرا مع السلطة الوطنية الفلسطينية فرضتها الوقائع السياسية الراهنة واهمها الاعتراف بدولة فلسطين كدولة عضو بصفة مراقب في الامم المتحدة.
وأكد ان الاتفاقية تعد تكريسا لواقع يمتد من بداية عشرينيات القرن الماضي حتى اليوم وفرضتها ظروف الفراغ الديني والقانوني لأوضاع مدينة القدس فتصدى الاردن لملء هذا الفراغ مع اعترافه الكامل بالسيادة الفلسطينية على الارض بانتظار قيام دولته المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية،مشيرا الى إن الجميع بانتظار المحاولة التي تقوم بها الادارة الأميركية حاليا لايجاد حل شامل للقضية الفلسطينية مع الاقرار بصعوبة هذا الامر في ضوء الظروف الاقليمية و وجود اليمين الاسرائيلي في السلطة اضافة الى استمرار الانقسام الفلسطيني.
وبين ان الادارة الاميركية وضعت بداية شهر حزيران المقبل موعدا لاعلان مبادرتها حيث يقوم وزير الخارجية الاميركي جون كيري حاليا بجولات اقليمية للوصول الى تصور يمكن بلاده من بلورة مشروع حل يرضي كافة الأطراف،وفي الشأن المحلي اعتبر الطراونة أن الظروف التي يعيشها الأردن حاليا تثبت صواب المواقف التي اتخذتها الدولة وإجراءاتها في التعامل مع الحراك الذي شهده الاردن في السنوات الاخيرة الماضية.
وأشار الى أن الكثير من الاوساط الاعلامية والسياسية كانت تضع الاردن منذ انطلاقة ما سمي بالربيع العربي على رأس قائمة الدول المرشح تدهور الاوضاع الداخلية فيها إلا أن وعي مكونات الشعب الاردني ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني جنبت الاردن الدخول في دوامة الأحداث التي شهدتها دول عربية كثيرة من حولنا.
وقال إن جلالة الملك الذي يحمل منذ توليه سلطاته الدستورية مشروعا اصلاحيا متكاملا قاد عملية التغيير والاصلاح ، وذهب فيما وجّه لادخاله من تعديلات على الدستور وعلى منظومة القوانين الناظمة للعمل السياسي إلى أكثر مما كانت تطالب القوى السياسية حيث حملت التعديلات الدستورية الأخيرة مفاهيمَ جديدة لم تكن موجودة في دستور 1952 الذي كانت العودة إليه مطلبا لكافة القوى الحزبية والسياسية.
وقال الطراونة إن الدولة الأردنية وعلى رأسها جلالة الملك بحاجة إلى شيوع الاستقرار والى تماسك الجبهة الداخلية لتقوية الموقف الاقليمي للدولة الاردنية وهو ما يتطلب علاقة جيدة بين كافة سلطات الدولة، لافتا الى أن حديث جلالة الملك مؤخرا في موضوع دخول النواب الى الحكومة يهدف الى تحقيق هذه الغاية.
واعتبر الطراونة أن الاردن يلعب اليوم دورا اقليميا هاما وفاعلا في ضوء غياب ما كان يعرف بالدول الفاعلة التي باتت منشغلة بهمومها الداخلية، مؤكدا أن الدور الذي يلعبه الاردن ينطلق من مصالحه العليا وثوابته من مختلف القضايا،كما واعتبر الطراونة ان قدرة الاردن على لعب دور اقليمي فاعل ستكون بوابته للتغلب على ظروفه الاقتصادية الضاغطة.
وقال ان الملف العراقي لا يقل سخونة ولا خطورة على امن الاقليم من الملف السوري الا ان الحالة على ارض الواقع تجعل الجميع يقدم الملف السوري على أي ملف آخر حاليا، مشيرا الى ان الفوضى الدستورية التي تعيشها مصر حاليا تؤثر بشكل كبير على اوضاع المنطقة العربية.
ولفت الى أن تعقيدات تلك الملفات في المحيط الاقليمي اضافة الى تعقيدات الحالة الداخلية بما فيها من تجاذبات اجتماعية وسياسية طبيعية وبما فيها من عوامل ضغط اقليمية اضافة الى الصعوبات الاقتصادية تضع الاردن امام تحديات كبيرة.
وجدد الطراونة الموقف الاردني الرافض لاي تدخل عسكري في سوريا او استخدام اراضيه كقاعدة لضربها او التدخل فيها،وقال إن فرض المناطق العازلة بقرار أردني يعني إعلان الحرب على سوريا وهو خيار غير مطروح بتاتاً وان الحل بصدور قرار عن مجلس الامن بفرض مناطق عازلة وهو ما يواجه بمعارضة روسية مستمرة.
وحول موضوع اللاجئين السوريين قال الطراونة ان هذا الموضوع اصبح يشكل كابوسا على الأردن من الصعب إتخاذ قرار حياله خصوصا وان اللاجئين السوريين بدأوا بمزاحمة الاردنيين على فرص العمل وعلى البنى التحتية،ولفت الطراونة الى أن أعداد اللاجئين السوريين في الاردن وصلت الى مرحلة الاشباع وأن الاردن لن يكون قادرا على استيعاب المزيد منهم وانه لا بد من البحث عن بدائل.
وقال ان هذا الملف مرشح للتفاقم مع استمرار حالة «الكر والفر» بين قوات النظام والمعارضة في سوريا ودخول قوى من خارج سوريا على خط المواجهة مما يجعل التنبوء بهامش زمني لحسم المعركة من الصعوبة بمكان كما أن المشهد اللاحق غامض ولا أحد يستطيع توقع المشهد في سوريا إذا سقط النظام او استطاع التغلب على خصومه او إذا قرر الانكفاء في مناطق محددة من سوريا،وفي نهاية اللقاء دار حوار بين الحضور ورئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة اجاب خلاله الدكتور الطراونة على تساؤلات عديدة طرحها الحضور."الدستور"