آخر الأخبار
  بعفو رئاسي خاص .. الإفراج عن الصحفي الأردني عمير الغرايبة بعد توقيفه منذ عام 2019 في سوريا   "جمعية البنوك" تتلقف توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني .. وتطلق مبادرة للأردنيين بـ 200 مليون دينار   لقاء في وزارة الصحة ينهي الخلاف حول الأجور الطبية والصندوق التعاوني   مذكرة نيابية تطالب رئيس الحكومة جعفر حسّان بحل قضية "لائحة الاجور الطبية"!   الصفدي : لا ولاء ولا انتماء إلا للملك ولا أجندة سوى الأردن   الصفدي رئيسا لمجلس النواب بـ 98 صوتا   تفاصيل المنخفض الجوي القادم للمملكة وتحذيرات هامة للأردنيين!   تصريح صادر عن "أمانة عمان" للجماهير الأردنية بخصوص مباراة الاردن والكويت   هذا ما قاله الدكتور جعفر حسّان لإعضاء مجلس الاعيان   توضيح أمني بخصوص حادثة تعرض معلمة للطعن (جرح سطحي)   النائب القطامين: المهندس إذا سمحت   شاهد كيف إفتتح مجلس النواب العشرين دورتهم العادية   الحكومة تكشف حقيقة "طعن معلمة" في إربد على يد طالبة!   الأردني الكويتي يشارك في رعاية " رالي وادي القمر للملاحة "   "الأرصاد" تحذر السائقين: "خففوا من سرعتكم"   أميرة أردنية تتحدث عن رحيل (ملك جمال الأردن)   البكار: ندرس مطالب القطاع الزراعي بكل تفاصيلها   مدرب النشامى: عانينا بعد التعادل مع الكويت   الملك بخطاب العرش: نحن دولة راسخة الهوية لا تغامر في مستقبلها   بنك الإسكان يرعى اللقاء الحواري لرئيس الوزراء

أُمهات عظيمات يمتهن أَعمالاً صعبة لأجل أبنائهن

{clean_title}

جراءة نيوز - اخبار الاردن :

اختصرن الحياة والفرح والحب وتفاصيل مختلفة من حولهن لاجل «أبنائهن»، أمهات عندما تستمع لواقع حياتهن تتغير علاقتك بالاشياء وحتى علاقتك باللغة، فهي حالات انتزعت فيها الامهات حياة وردية لابنائهن من ظروف صعبة، مسجلات نجاحات حقا اوقعتني في مأزق لغوي باحثة عن مفردات وكلمات تصف الحال الذي سمعته، لكن يكفي ان نقول انها «الأم» التي تعطي ولا تنتظر اي مقابل سوى فرحة ابنائها ونجاحهم.

وتنقل هنا جراءة نيوز عن زميلتها«الدستور»التي قرأت هذا العام في عيد الأم حياة نساء تجاوزن المستحيل لايجاد الافضل لابنائهن وامتهن «الصعب» من خلال عملهن بوظائف شاقة بصبر لم تهزمه الايام وتحدّ لم تقهره الظروف لغاية واحدة ان ترى ابنها الاكثر سعادة وتميزا.

أم علي وكفاح وهالة، وغيرهن كثيرات وجدن للحياة طريقا واحدا لا وجود فيه الا للبطولات الكبيرة والخسائر القليلة، فسعين لامتهان مهن صعبة شاقة وفي بعض الاحيان مرفوضة من الاهل لعدم ملاءمتها اجتماعيا، سعيا فقط لمحبة الخلود وللتضحية بالامر العظيم للحصول على امر اعظم في رؤية الابن وهو متفوق ورائد في مجالات مختلفة.

«كفاح» لها من اسمها نصيب

«كفاح» اخذت من اسمها الجزء الاكبر في حياتها، حيث عملت وكافحت وسعت جاهدة لتوصل ابنها الكبير في «بريطانيا» حيث يدرس هناك في سنته الجامعية الثانية تخصص حاسوب.

كفاح التي تعمل «مراسلة» في احدى المؤسسات ام لابناء اربعة وزوجها اضطر للتقاعد المبكر، الامر الذي دفعها للعمل مراسلة باحدى المؤسسات سعيا منها لتوفير الحياة الافضل لابنائها، كما انها لم تكتف بالوظيفة بل سعت لإعداد وجبات طعام والبيع لسيدات المنازل اضافة الى انها لجأت في كثير من الاحيان لتنظيم (جمعية) بين زميلاتها بالعمل في حال اضطرت لتزويد ابنها بقسطه الجامعي.

الحديث معها يتطلب مداخل متعددة، فشخصيتها قوية ناضجة لا ترى في هذه الدنيا سوى نجاح ابنائها ومنحهم الثقة بالتعليم، بدأت حديثها معي بابتسامة مليئة بالثقة وقوة الارادة وتأكيد النجاح، وقالت انا اعمل مراسلة لتوفير الافضل لابنائي وبدعم وتأييد من زوجي الذي اضطر للتقاعد المبكر ولكني حتما سأتمكن من تعليمهم جميعا وبافضل الجامعات العالمية.

وتتحدث كفاح عن حياتها التي لا ترى فيها سوى حلم تعليم ابنائها وجعلهم الافضل، عندما تخرج ابني من الثانوية العامة بتفوّق وحرصا منه على مساعدتي في مصروف المنزل رفض اكمال دراسته الجامعية وقرر العمل معي في ذات المؤسسة التي اعمل بها، وكنت ارى فيه نجاحا كبيرا يحتّم علي ان احترم واقدر تميز ابني، وعليه قررت بشكل مفاجئ بل كان صدمة لكل من حولي ان ارسله للدراسة في بريطانيا (مانشيستر).

كل من حولي تضيف كفاح وتحديدا من العاملات معي في ذات المهنة رفضن قراري، وكأن حلم التميز بات مقتصرا على الاغنياء فقط، ومع هذا ورغم خطورة قراري ومحدودية قدراتي المالية سافر اكبر ابنائي وعنوان حلمي للدراسة في بريطانيا وهو الان متفوق وفي السنة الثانية وازوده بالقسط كلما طلب مني ذلك على الفور. وتؤكد كفاح ان عملها مراسلة باحدى المؤسسات ليس عيبا ما دام يحقق لها جزءا من حلمها، ولم اكتف بهذا العمل بل انا اقوم باعداد الطعام في المنزل مثل (الكبّة، والمعجنات، وغيرها) واقوم ببيعها للسيدات، وعندما اشعر بحاجة ضرورية لمال اقوم بتنظيم جميعة مع زميلاتي حتى اوفر لابني المبلغ الذي يريد، واحيانا اضطر للاقتراض من البنوك ايضا لاوفر له متطلباته.

والمشكلة الان كما تقول كفاح ان ابني الثاني انهى الثانوية العامة لكن بصراحة لن اتمكن من تعليمه الجامعي الا بعد انهاء شقيقه الاكبر فلا قدرة مالية عندي لتعليمهم جميعا في آن واحد، وابني متفهم لهذا الامر وهو يعمل الان موظف باحد المخابز ويتقاضى راتبا متوضعا، لكنه يعمل على ادخاره ليكون معينا لنا جميعا لاتمام دراسته الجامعية.

وانا لا انتظر سوى سعادة ابنائي وتحقيق حلمي بنجاحهم، فانا لا ادخل لجيبي اي قرش من راتبي فكل ما اتقاضاه امنحه لابنائي لا يدخل جيبي شيء بالمطلق، وسأبقى اعمل واواصل جهدي بكل ما املك من قوة حتى ارى ابنائي هم الافضل، وجزائي الوحيد هو نجاحهم ورؤية حلمي يتحقق فيهم.

(أ. ع).. تفوق على الذات والظروف

وعند (أ. ع) قصة اخرى تحكي تفاصيل جادة وحقيقية للتفوق على الذات والظروف، فقد اختارت ان تبيع الخضار بعد تقطيعها وتغليفها امام احد المخابز في عمان، واصبح لها زبائنها، وهناك من يطلب منها لائحة بحاجته من الخضار التي تحضرها من افضل الانواع.

(أ. ع) لم ترغب بالتقاط الصور لها خوفا من الحرج الذي يمكن ان يطال ابناءها، فهي ام لشباب اثنين، وشابتين، سعت جاهدة لتعليمهم جميعا فابنها الكبير انهى دراسة المختبرات، والثاني انهى ادارة اعمال، فيما تزوجت ابنتاها بعد انهائهما الثانوية العامة.

لم تشعرنا (أ. ع) للحظة ونحن نتحدث معها باي ضعف، فهي تملك قوة تدفع للاعجاب بشخصيتها بشكل كبير، وتدفعك نحو التفاؤل بأنه لا يأس مع اي ظرف من ظروف الحياة، تتحدث عن نفسها وهي تأكل من الخضار التي معها دون طهي لتقول للدنيا ان الانسان قادر على التعامل مع اي شيء وكل شيء بالطريقة التي تناسبه، حتى لو كان ما يقوم به ليس مألوفا.

ورغم قناعتها بأن العمل ليس عيبا، لكنها تحرص على عدم احراج ابنائها والحديث عن طبيعة عملها الذي تقوم به لعدم الاثقال عليهم بمصروفها، وتقول لا اريد ان اكلف ابنائي اي مصاريف اضافية لذلك انا اعمل كي اصرف على نفسي وادفع اجرة المنزل الذي اعيش به، فانا املك الصحة والحمد لله ولا يوجد ما يمنعني او يعيقني عن العمل.

وتقول انا اعمل ببيع الخضار منذ توفي زوجي، والجميع في الشارع اصبح يعرفني، حتى ان بعضها يسأل عني في حال لم احضر الى هنا، واحضر الخضار من اماكن بيعها واقوم مساء بتقطيعها واعدادها بشكل منظم ومرتب واغلفها كما تشاهدين بأكياس نظيفة ومعقمة وابيعها باسعار مناسبة، علما بانه اصبح لي زبائن اعتمد عليهم فيما احضره من خضار.

(أ. ع) تؤكد انها ربت ابناءها وعلمتهم افضل تعليم وخرجتهم يحملون شهادات جامعية، ومع هذا تحرص على ان لا تكون عبئا عليهم حتى بعد كل ما قدمته لهم، وعليه تواصل عملها ولن تتوقف مطلقا عن العمل وتوفير دخل شهري مناسب لها، حتى انها تؤكد بانها قادرة على مساعدة ابنائها في حال احتاج احدهم مبلغا من المال تعينه بتقديم ما يحتاجه من اي مبلغ، ولن اترك عملي ما دمت املك الصحة.

هالة.. تعمل لعلاج طفلتها من مرض القلب

أما هالة، فقصتها تختلف عن كفاح وام علي، فهي تعمل عاملة نظافة باحدى المؤسسات، بعدما توفي زوجها قبل اقل من عام وتعمل على اعالة طفلتها (هبة) ابنة الاربع سنوات التي تعاني من مرض في القلب، فهي ترى في ابنتها الامل والسند والفرح ولا تريد من هذه الدنيا الا ان ترى «هبة الله لها» سعيدة وقد شفيت من مرضها مع حرصها على تعليمها الطب وتراها في ثوب زفافها الابيض.

هالة تحدثنا وفي عينيها دموع مؤجلة تجمعت داخلها تبحث عن الوقت المناسب لتهطل دون توقف، فقد تحملت مسؤولية ابنتها المريضة، مقاومة كل الظروف لتجعل من حياة ابنتها الافضل.

وتقول هاله توفي زوجي قبل قرابة العام عندها وجدت نفسي امام مسؤولية تربية ابنتي التي تعاني من ثقب بالقلب وانسداد بشريان، توجهت عندها للسكن مع امي وابي، ولكن بطبيعة الحال ظروف الحياة صعبة ولا يمكن لاحد اعالة اي شخص اضافي على اسرته، وعليه عملت «عاملة نظافة» في مؤسسة حتى اتمكن من توفير حياة كريمة لوحيدتي.

وكون ابنتي تعاني من مرض يحتاج الى علاج حتما فقد سعيت للعمل وتوفير دخل مناسب، وسعيت جاهدة حتى احصل على اعفاء لعلاج ابنتي وهذا ما حدث بحمد الله حققت هذه الخطوة، لابدأ بالتخطيط لادخالها للمدرسة وتوفير القسط لها وكل مستلزماتها حتى تكون كباقي الاطفال ولا تشعر باي نقص او حاجة.

وتعبّر هالة عن احلامها باختصار بقولها «حياتي وحاضري ومستقبلي فقط بابنتي، ولا افكر مطلقا بالزواج رغم صغر سني، لخوفي من التأثير على ابنتي وسعادتها او التقصير معها باي شيء مطلقا، وكل ما اسعى اليه هو علاجها وايصالها للافضل بتعليمها في افضل المدارس ومن ثم احلم بان تدرس الطب حتما، هذا كل ما اريده وسابقى اعمل ولن يكون لي اي قرش من راتبي لمصروف شخصي لي فراتبي بالكامل لابنتي الان ومستقبلا».

وتضيف هالة: اعتبر مسؤوليتي تجاه ابنتي مضاعفة، بعدما حرمت من حنان وعطاء الاب اضافة الى مرضها وكذلك لحاجتها الى امها بشكل يشعرها بحنان الاسرة، وعليه فانا اعيش لها ومن اجلها وبها، وادعو الله ان يمنحني القوة والصحة حتى ابقى اعمل مهما كانت ظروف عملي لتحقيق الافضل لها، ذلك ان متطلباتها تزداد كلما كبرت.

هي صور حنطنا بها الزمن عند سيدات قدمن ويقدمن ويمنحن صحتهن ووقتهن وساعات زمنهن فقط لرسالة واحدة «رسالة الامومة» الصادقة العظيمة التي تهدف لجعل ثقافة الفرح هي الثقافة الوحيدة في حياة ابنائهن، هي نماذج بسيطة من اخرى مختلفة ومتنوعة ومتعددة من حولنا تقودنا الى قناعة ان «الجنة بالفعل تحت أقدام الامهات».