أولى جلالة الملك عبدالله الثاني منذ تسلمه سلطاته الدستورية، قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كل الرعاية والاهتمام ونقله من قطاع ناشئ إلى منافس قوي إقليمياً وعالمياً.
وحرص جلالة الملك على جعل الأردن بوابة للمنطقة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتحويل المملكة إلى مجتمع معلوماتي مبتكر يتمتع بكل ما تطلبه تحديات الاقتصاد المعرفي العالمي من إمكانيات وقدرات.
ووفر جلالة الملك كل الدعم لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كونه قطاعاً حيوياً ودافعاً للنمو والتقدم الاقتصادي، ويعد جزءاً أساسياً وركيزة للأمن الوطني للمملكة، وهو ما تحقق خلال أزمة فيروس كورونا، حيث عمل على تسهيل أعمال معظم القطاعات.
ووجه جلالة الملك المختصين في تكنولوجيا المعلومات من القطاع الخاص لإعداد استراتيجية واقعية وخطة عمل لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات الناشئ في البلاد، حيث تم إطلاق المبادرة الملكية لتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات "ريتش" خلال عام 1999.
وتضمنت "ريتش" استراتيجية وخطة عمل تنفيذية لمدة خمس سنوات لتطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات بالأردن وتعزيز قدرتها على المنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، وإقامة شراكة قوية وفاعلة بين القطاعين العام والخاص.
وركزت المبادرة على خمسة مجالات رئيسية: تعزيز عمل الهيئات التنظيمية، وتطوير القوى البشرية والدعم الحكومي، ورأس المال والتمويل، وتطوير البنية التحتية.
ومن نتائج تلك المبادرة، تغيير مهام وزارة الاتصالات لتصبح وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وإنشاء جمعية شركات تقنية تكنولوجيا المعلومات "إنتاج".
وبموازاة ذلك أنشئت محطات المعرفة بموجب مبادرة ملكية في عام 2001، وقد كان الهدف من هذا البرنامج، تجسير الفجوة الرقمية وإتاحة استخدام الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات الإلكترونية في المناطق النائية والمناطق محدودة الفرص الاقتصادية والتنموية.
ومع تطور التكنولوجيا، أصبحت محطات المعرفة مراكز تدريبية توفر العديد من البرامج التدريبية الداعمة لتطوير مهارات الشباب وبما يدعم مهاراتهم، حيث بلغ عدد المحطات العاملة 93 محطة العام الماضي موزعة على عموم المحافظات.
وتبع ذلك مبادرتا "ريتش 2" و "ريتش 3" اللتان شملتا خطط متتابعة لضمان استمرار الزخم في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبين عامي 1999 و 2008 غدا القطاع أسرع القطاعات نمواً في الاقتصاد الوطني، بمعدل نمو بلغ 50 بالمئة، سنوياً في كل من العائدات والصادرات والوظائف.
وخلال تلك الفترة نمت عائداته، من 40 مليون دينار إلى 1.1 مليار دينار، وازداد عدد الوظائف فيه من 1000 وظيفة إلى 17 ألف وظيفة.
وفي عام 2016، أطلق الأردن ريتش 2025 الخطة الطموحة للانتقال للاقتصاد الرقمي بحلول عام 2025، حيث تسعى الخطة إلى التحول الرقمي في قطاعات الصحة والتعليم والطاقة والمالية والنقل والأمن، وكان من نتائجها إنشاء وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة عام 2019.
وفي مجال الاتصالات، منحت أول رخصة في مجال الهواتف المتنقلة عام 1999، وشهد عام 2010 إدخال خدمات الجيل الثالث، وفي عام 2014 تم إدخال خدمات الجيل الرابع، وفي العام الماضي 2023 بدأ الأردن بإدخال خدمات الجيل الخامس متقدماً على الكثير من دول المنطقة.
وفي عام 2001، وبمبادرة ملكية، أطلق برنامج الحكومة الإلكترونية بهدف توفير خدمات حكومية إلكترونياً، وتطوير الأداء العام وكفاءة القطاع العام، لكن البرنامج تعثر في العديد من المراحل.
وبدأ العمل مرة أخرى منذ عام 2017 على تطوير البوابة الحكومية الإلكترونية وإنهاء مشروع بطاقة الأحوال المدنية الذكية، ودشن نظام (تراسل) بين المؤسسات الحكومية عام 2018.
وأنجز مشروع إدارة الهوية الرقمية عام 2020، حيث تولت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة إدارة مركز الخدمات الحكومية عام 2022، وبدأ تشغيل أول مركز للخدمات الحكومية (فرع المقابلين) الذي يتيح لـ 25 مؤسسة حكومية تقديم 112 خدمة من خلاله.
وفي العام الماضي 2023، افتتح الفرع الثاني في مطار الملكة علياء الدولي لتقديم 38 خدمة من قبل 16 مؤسسة حكومية، فيما تم افتتاح، مركز الخدمات الحكومي الثالث في ساحة قصر العدل شرق إربد نهاية الشهر الماضي والذي يقدم 103 خدمات حكومية ويتبع لــ 24 مؤسسة حكومية.
وخلال العام الماضي 2023، أنهت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة أتمتة 45 بالمئة من الخدمات الحكومية وبمجموع 1084 خدمة رقمية تقريباً، حيث يوفر تطبيق (سند) 500 خدمة إجرائية ومعلوماتية، بينما كان عدد الخدمات المقدمة إلكترونياً 97 فقط حتى عام 2017 .
وقدم مجتمع الأعمال الأردني تجارب رقمية ناجحة في تكنولوجيا المعلومات تحت مسميات عدة بدءاً بشركة مكتوب، وتطبيق سوق دوت كوم، ومرورا بشركات موضوع، ومنصة وطماطم للألعاب وغيرها، وبعضها تم الاستحواذ عليها من قبل شركات تكنولوجيا عالمية، ومنها ما أصبح شركات إقليمية كبيرة.
وفي عام 2020 أسس المركز الوطني للأمن السيبراني، لحماية المملكة من تهديدات حوادث الأمن السيبراني، وبناء قدرات وطنية تضمن مواجهة التهديدات التي تعترض أنظمة المعلومات والبنى التحتية.
وواكبت الإنجازات التي حققها القطاع سلسلة من الخطط في أمن وحماية المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني والتجارة الإلكترونية، وغيرها وكان آخرها الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي والخطة التنفيذية (2025-2021)، والاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية (2027-2023).
وفي عام 2023، تم إطلاق الاستراتيجية الأردنية للألعاب والرياضات الإلكترونية للأعوام 2023-2027 والخطة التنفيذية لها، وكلفت الوزارات والمؤسسات المعنية بتنفيذها لجهة تنمية قطاع واعد يشهد نموا ملحوظا على المستويات كافة.
وجاء إطلاق هذه الاستراتيجية لتوفير الدعم لصناعة الألعاب الإلكترونية والنهوض بها وتحقيق مكانة متميزة للأردن في هذا المجال على المستويين الإقليمي والعالمي.
وقال ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن المهندس هيثم الرواجبة إن قطـاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالمملكة يعتبر أحد أكثر القطاعات التنافسية وأسرعها نمواً، ما جعل منه محط أنظار المستثمرين المحليين والأجانب والشركات الدولية، لوجود روافع تتصل بالتشريعات العصرية وقوى عاملة مؤهلة وحوافز وبنية تحتية تدعم إقامة الأعمال.
وأضاف، لقد نجح الأردن على مدى السنوات الماضية في تطوير قطاع اتصالات وتكنولوجيا معلومات بتنافسية عالية، مما مكنه من استقطاب كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، إلى جانب تقدم المملكة في مجال ريادة الأعمال، والشركات الناشئة.
وأكد المهندس الرواجبة، أن التقدم الذي حققه الأردن بالقطاع، جاء بفضل الدعم والاهتمام الملكي، وجهود مختلف الجهات من القطاعين العام والخاص، من خلال مبادرات وفرت أرضية صلبة للانطلاق نحو النمو ومواكبة التطور العالمي المتسارع بهذا الخصوص.
وقال، إن جلالته حرص في زياراته الخارجية ولقائه قادة القطاع على تسويق المملكة كمنطقة واعدة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لما يتميز به الأردن من بيئة جاذبة للاستثمار وموقع متميز وآمن وكفاءات بشرية مؤهلة، الأمر الذي كان له الأثر الأكبر في استقطاب العديد من الشركات العالمية للاستثمار في القطاع.
وبين، أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأردني بات رائداً في المنطقة، ويتمتع بتنافسية عالية، ويخدم حالياً أسواقاً إقليمية كثيرة، واستطاع تحقيق نمو كبير واستقطاب شركات عالمية للاستثمار والعمل من خلال مقرات لها بالمملكة، ما وفر آلاف فرص العمل للأردنيين.
وأشار الرواجبة، إلى أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يتمتع بالعديد من الركائز تجعله قطاعاً يمتلك فرصاً كبيرة في النمو والازدهار، وهي بنية تحتية رقمية متينة ومتطورة، وموارد بشرية مؤهلة قادرة على التنافس عالمياً، ومجموعة من القوانين والتشريعات التي تشتمل على الكثير من الحوافز الضريبية.
وأكد، أن الأردن يراهن اليوم كثيراً على القطاع الذي ينمو سنوياً، في توفير المزيد من فرص العمل للشباب ودعم الاقتصاد الوطني بالتحول للاقتصاد الرقمي، وهو ما أكدت عليه رؤية التحديث الاقتصادي.
ولفت إلى أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن يعد الحاضنة الرئيسية لعمليات التطوير اللازمة لجميع القطاعات، فالبنية التحتية التقنية، تعد أبرز عوامل استقطاب الاستثمارات، حيث "تنخفض الكلف وتزيد الكفاءة كلما زاد الاعتماد على التكنولوجيا بمختلف القطاعات".
وأوضح، أن القطاع يتميز بجودته وموثوقيته في خدماته، كما يتميز الشباب الأردني بالتعليم والكفاءة وامتلاك المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مستوى المنطقة، حيث تم إنشاء العديد من الشركات الناشئة التي أصبحت قصص نجاح أردنية دخلت العالمية.
وأوضح، أن رؤية التحديث الاقتصادي اقترحت إطلاق خدمات تقنية الجيل الخامس، وإنشاء منطقة حرة افتراضية حاضنة للابتكار والريادة ومركز للشركات الناشئة، كجزء من المبادرات التي يمكن أن يتضمنها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأشار إلى أن القطاع يسعى وحسب أولويات رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز موقع الأردن، ليكون مركزاً استثمارياً جاذباً للابتكار الرقمي ومنصة انطلاق للحلول الرقمية القابلة للتوسع، وليصبح مركزا لتقديم الخدمات الممكنة رقميا عالية القيمة، والاستفادة من مجموعات المهارات والبنية التحتية والمنظومة والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة.
وقال الرواجبة إن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يشكل ركيزة أساسية للأمن الوطني للمملكة إلى جانب أهميته كرافد مهم وداعم للاقتصاد الوطني، مبيناً أن ذلك ظهر جلياً خلال جائحة فيروس كورونا سواءً لجهة دعم مكافحة الوباء أو تسهيل أعمال القطاعات الاقتصادية وحياة المواطنين.
وأضاف، أن الشركات الأردنية العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قطعت شوطاً كبيراً من التطور والنمو وباتت مساندة لكثير من دول المنطقة من خلال توفير حلول لمختلف قطاعاتها الاقتصادية والخدمية، إضافة لتصدير الكثير من خدماتها بمجال البرمجيات للدول العربية والأجنبية.
وأشار المهندس الرواجبة إلى أن الأردن وضع التحول الرقمي بقمة الأولويات الوطنية لدفع عجلة الابتكار الرقمي نحو الأمام، ومواكبة تقدم التحول الرقمي عالمياً، والاستثمار في التكنولوجيا لما لها من دور حاسم في إيجاد تحولات جوهرية تحقق أجزاء مهمة من أهداف التنمية المستدامة.
وبين، أن قطاع ريادة الأعمال بالمملكة حاز مكانة عالمية مرموقة، مستنداً إلى دعم ملكي كبير وفره للشباب والشابات الرياديين، ما جعل الأردن يتبوأ مقعدا متقدما على الخريطة العالمية للابتكار وريادة الأعمال.
وأشار إلى أن جلالة الملك عمل على دعم أفكار ومشاريع الشباب والشابات الرياديين، والتواصل المستمر معهم، والتوجيهات الملكية السامية بتوفير البيئة الحاضنة والداعمة لقطاع الريادة في المملكة وتحويل الأفكار الريادية إلى مشروعات منتجة.
وقال، إن جلالته وخلال لقاءاته مع الشباب والشابات الرياديين يشدد دائماً على أهمية تطوير ريادة الأعمال لدورها في توفير فرص عمل مستدامة تسهم في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة، وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
وقطاع ريادة الأعمال في الأردن، هو الرابع على مستوى الإقليم، وهناك 17 مؤسسة تمويلية للمشاريع الريادية، وأكثر من 40 حاضنة ومسرعة أعمال في المملكة.
ويحتضن الأردن 200 شركة ناشئة مسجلة، فيما يعمل بالمملكة 14 صندوقاً استثمارياً خصصت مجتمعة 110 ملايين دولار للاستثمار في البلاد، فيما بيئة ريادة الأعمال في الأردن انطلقت برؤية ملكية عام 2000، وتعززت بمبادرة من جلالة الملك ودعمه لتأسيس أول حاضنة أعمال بالمنطقة العربية عام 2010.