كتبت الإعلامية رانيا النمر
عقد حزب العمال في مقره ندوة تشاورية ضمن سلسلة ندوات متخصصة حول مشروع قانون تعديلات الضمان الاجتماعي، وتأثيره على " العمال وسوق العمل في ظل توصيات بإلغاء وزارة العمل"
حضر الندوة مجموعة من الأحزاب الأردنية كحزب الإئتلاف الوطني، وحزب حشد وحزب الوحدة الشعبية إضافة لقوى نقابية وسياسية، وخبراء ومختصين في مجال الحماية الإجتماعية والتأمينات و نشطاء ومهتمين.
استهلت الأمين العام للحزب الدكتورة رلى الحروب كلمتها بتوضيح دور حزب العمال في متابعة هذا الملف الحساس من بدايته، حيث أطلعت الحضور على فحوى رسالة الحزب إلى رئيس الوزراء، والتي طالب فيها برد التعديلات و إجراء حوار وطني حولها اسوة بتعديلات قانون الضمان السابقة كما وطالبت دولته نشر مسودة تعديلات قانون الضمان الاجتماعي المقترحة ليتسنى للكافة الاطلاع عليها محذرة من وجود شبهات وشكوك تحوم حول اسباب عدم نشرها حتى اللحظة ومعبرة عن خشيتها من ان تكون تعديلات المادة 19/ب هي السبب، والتي تعتزم المؤسسة بموجبها منح صلاحيات لمجلس الادارة والمدير العام بانفاق اموال الضمان بموجب تعليمات ادارية وتأمينية وهو خطر كبير يهدد اموال الشعب الاردني.
ولفتت الى ان تعديلات القانون المقترحة تبدو في ظاهرها متفقة مع توصيات الدراسة التي قدمها البنك الدولي للضمان في عام 2020 مع ان تفاصيلها في الواقع مناقضة وتهدم الغايات التي توختها الدراسة في اقتراح التعديلات، منوهة في الوقت ذاته الى وجود سياسة منهجية للتحلل من التزامات الدولة تجاه العمال وسوق العمل بدلالة التوصية بحل وزارة العمل وتوزيع مهامها على وزارات الداخلية والصناعة والتجارة والتربية والتعليم، وهو ما يعد خطرا كبيرا سيتصدى له حزب العمال، داعية الحضور الى الانضمام للجنة الوطنية التي شكلها الحزب والتي ستطلق قريبا مؤتمرا عاما حول التعديلات المزمعة، يطرح أوراقا علمية ويقدم حلولا ورؤى بديلة للسياسات التي تنتهجها الدولة، لا سيما في السنوات الست الاخيرة تجاه منظومة الحماية الاجتماعية.
كما انتقد الأستاذ أحمد عوض رئيس مركز الفينيق للدراسات توجه الحكومات الأردنية الى إضعاف حقوق العمل والعمال وتخفيض الحمايات الاجتماعية علي اعتبار ان هذا يعزز الاستثمار، في حين انه في الواقع يضعف دوران العجلة الإقتصادية !!!! كما أشار بوضوح الى أن معظم دول العالم المتقدم تفرد موازنات لدعم مؤسسات الحمايات الإجتماعية والضمان الإجتماعي لا بل وتتوسع في حماية وتأمين من لا تشملهم قوانين الحماية الإجتماعية. كما وتحدث عن خلاصة ورقة علمية عقدها مركز الفينيق مع أطراف وجهات منها منظمتا الصحة العالمية والعمل الدولية ووزارة الصحة الاردنية عن مواصفات التأمين الصحي ومعاييره وماهية إعتماده، خلصت الى انتقادات واسعة لمشروع التأمين الصحي المقدم ضمن تعديلات قانون الضمان الإجتماعي باعتباره منقوصا ولا يلبي المعايير الوطنية او الدولية.
كما وضح الفرق بين المؤسسات المالية الدولية وادوارها المختلفة، مشيرا الى أن دراسات البنك الدولي وإرشاداته لا تمثل خطورة انما الخطر الداهم عادة ما يأتي من صندوق النقد الدولي الذي وجد اساسا وكرس جهوده منذ نشأته باتجاه سداد الديون وفقط، وعليه لا يهتم بأي معيار حمائي أو تأميني او مدى تأثير سياساته على إفقار شعوب باكملها او إتباع سياسات تقشفية مهما كانت، او بيع لمقدرات وأصول دول، علما بان الاردن " لم يتبق لديه ما يبيعه" على حد تعبيره.
اما بخصوص إلغاء وزارة العمل فقد وضح الخبير القانوني الأستاذ حمادة أبو نجمة رئيس بيت العمال للدراسات، ان تخلي الدولة عن دورها ومسؤولياتها هو نهج منتظم ومبرمج ومن الأمثلة على ذلك رفع يدها عن الحماية الإجتماعية لا بل وتغولها على صناديق مؤسسة الضمان الإجتماعي، منتقدا تحميل عبء الحماية للمؤسسات الخاصة وهو ما يجعل العمال وحقوقهم في موضع الحلقة الأضعف.
وأضاف أنه لغاية الآن لا يستطيع أن يجد اي مبرر لتوجهات الحكومة نحو الغاء وزارة العمل، مشيرا الى ان هذا الموضوع قد اضحى نكتة في المؤتمرات الاقليمية والدولية التي حضرها وفي حال تحققه فان الاردن سيكون اول دولة في العالم تلغي وزارة العمل!!! وأكد ابو نجمة الى ان إحالة مهام وزارة العمل لوزارة الصناعة والتجارة والتموين من شأنه ان يحدث تضارب مصالح بين أصحاب العمل والعمال.
مشيرا الى الخلل الجذري الذي سيحل بسوق العمل عند غياب الرافعة التنظيمية والقانونية بين المتعاقدين وهي وزارة العمل.
كما وضح ان وزارة العمل هي كيان اجتماعي واقتصادي معا وهذه هي فلسفة وجودها، ولا يجوز توزيع مهامها على وزارات أخرى هويتها اقتصادية كالصناعة والتجارة او اجتماعية كالتنمية الاجتماعية.
وحذر ابو نجمة من أن هذه الخطوة ستنعكس سلبا على مكانة الأردن في تقارير منظمة العمل الدولية لانها تخل بالتزامات المملكة تجاه معايير العمل الدولية
أما فيما يتعلق بمشروع تعديلات قانون الضمان الإجتماعي فقد وضح الخبير موسى صبيحى التأثيرات الخطيرة لعشرين بندا على الأقل يراها سلبية ومضرة بحقوق العمال والمؤمن عليهم ومضرة باستدامة مؤسسة الضمان، وتعتبر تراجعا عن منظومة الحماية الإجتماعية في الأردن، منها انه من حيث المبدا لا توجد اية صفة للإستعجال نهائيا لهذا الكم من التعديلات في ضوء مخرجات الدراسات الإكتوارية والتي صرح عنها عطوفة مدير المؤسسة السابق، كما أكد ان موضوع الغاء التقاعد المبكر بحجة أنه يشكل نزيف مالي للضمان غير صحيح، حيث علل أن السياسات التي انتهجتها المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي مثل إلغاء موضوع إزدواجية الإشتراك في الضمان، إضافة إلى مسألة إهلاك الدين، وبند الإعفاء من الغرامات كلها أسباب ساهمت في إضعاف الوضع المالي للمؤسسة.
كما انتقد بند إعفاء الشركات الخاصة من تقاعد الشيخوخة للشباب دون سن ثلاثين عاما مما يعتبر تراجعا في منظومة الحماية، والأسوأ أن هذا التعديل من شأنه ان يشجع القطاع الخاص على استغلال هذا التعديل عبر الاستغناء عن موظفين عند بلوغهم هذا السن وسيرحل موضوع البطالة وليس حلها. مؤكدا استعداده للمشاركة مع خبراء في تقديم حلول لمؤسسة الضمان الاجتماعي ومنها على سبيل المثال وليس الحصر تكثيف نظام المتابعة والتفتيش على المتهربين من الأشتراك بالضمان الإجتماعي، وقضايا اخرى سيقدمها كورقة عمل في المؤتمر الوطني الذي سينظمه حزب العمال.