بين تساؤل هل سماع الأغاني يبطل الصيام؟ وهل الأغاني من المفطرات في رمضان؟، كثر البحث على موقع جوجل عن حكم سماع الأغاني في الشهر الفضيل.
رمضان المعظم هو شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والرحمة والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، ويجود الله فيه على عباده بأنواع الكرامات.
وصوم رمضان من أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله على كاّفة المسلمين، لذا فمن أدرك الشهر وكان سليماً غير مريض، أو مُقيماً غير مسافرٍ، أصبح الصوم عليه واجباً شرعيّاً، إمّا أداءً وإمّا قضاء.
ويستثنى من ذلك الهرم الكبير الطاعن في السن، ومن به مرض مُزمن وشديد لا يشفى منه، فهذان لا يستطيعا صيام رمضان لا قضاءً ولا أداءً.
الصيام شرعاً هو "الامتناع والإمساك بنيَّةٍ عن مُفسدات الصوم وعن جميع المُفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشّمس"، أي أنّ الصوم هو الإمساك عن تناول شيء حِسّي يدخل بطن الشخص في فترة مُعيّنة، وهو من طُلوع الشّمس إلى غروبها.
وتُعدّ النيّة شرطاً من شروط استحضار القلب والعزم على تمسّك الشّخص بنيّة الأجر و الثواب؛ ليتميّزالعبد بأفعاله بين العادة والعبادة، فيُعتَبر الصوم بذلك طاعةً وتقرُّباً لله تعالى.
هل الأغاني من المفطرات في رمضان؟
هل سماع الأغاني من المفطرات في نهار رمضان؟، تساؤل يتكرر طرحه سنويا مع حلول الشهر الفضيل بغية تجنب الصائم ما يفسد صيامه.
سماع الأغاني في شهر رمضان الفضيل لا يعدُّ من مفسدات الصيام، وبناءً على ذلك فإنَّه يُحكم على صيام من سمع الأغاني في شهر رمضان الفضيل بالصحة، إلَّا إذا حركت كلمات الأغنية شهوته فنزل بسببها المني أثناء الصيام.
في هذه الحالة، يُحكم على صيام الشخص بالبطلان، ويجب على السامع حينها قضاء يومٍ بديلٍ عن ذلك اليوم بعد انتهاء شهر رمضان.
واتفق الفقهاء أن سماع الأغاني ليس من المفطرات في رمضان كالأكل والشرب والجماع، ولكنه بلا شك يؤثر في الصيام وينقص من أجره، لأن الصوم يجب أن يكون صوماً حقيقياً بكف كل الجوارح عن المحرمات.
واعتبروا أن المسلم صائماً الذي يقترف الذنوب والآثام أثناء صيامه لا حظ له منه إلا الجوع والعطش، كما صح في الحديث الذي رواه أحمد والنسائي في الكبرى وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر".
وأوضح الأئمة أن الصيام المطلوب في رمضان ليس مجرد الصيام عن الطعام والشراب والجِماع فقط، بل هو صوم الجوارح كلها عن معصية الله تعالى، فالأصل بالمسلم إن كان صائماً ألا يفعل الحرام ويقترف الآثام أثناء صومه، كأن يكذب أو يغش أو يسمع الأغاني التي تثير الغرائز وتحرض على الفواحش أثناء صيامه.
وفيما يتعلق بصيام الإنسان الذي يستمع إلى الأغاني في نهار رمضان، فأوضح العلماء أن صيامه لا يبطل وإنما يأثم على سماعه للأغاني التي تدعو للفحش.
وقالوا إن الأصل في المسلم أن يجعل من رمضان فرصة للتوبة وترك ما كان عليه من المحرمات قبله لعل الله يتقبل منه صيامه وطاعاته.
حكم سماع الأغاني في رمضان
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال "ما حكم سماع الأغاني؟"، الذي ورد إليها عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيس بوك".
وقال الدكتور محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء، إن الأغاني من حيث الكلمات، حكمها كالشعر؛ حسنه حسن وقبيحه قبيح.
وأوضح أن "كلمات الأغاني إذا كانت مستساغة ولا تخالف الشرع أو تدعو لإثارة الفواحش أو إلى تعدٍ على حدود الله، فإن الغناء في هذه الحالة من حيث الكلمات جائز".
وأضاف أن "من الشعر ما فيه نصرة للإسلام كمدح الحبيب والصحابة وآل البيت، وهذا الحكم يختلف عن الهيئة التي يظهر فيها المغني أو المغنية أثناء سرده للكلمات، بما يكون فيه من العُري وكشف العورات التي أمر الله بسترها".
وشدد وسام على أن "مثل هذا الأغاني التي تدعو صراحة أو ضمنًا إلى تعدي حدود الله، هي من الموبقات والآثام التي تكون على صاحبها ولا يجوز للإنسان أن يشغل وقته بسماعها أو مشاهدتها".
كما أفتت الدار المصرية بأن إحياء البعض ليالي رمضان بحفلات الغناء والرقص لا يفسد الصيام، لكن لا ثواب لمن يفعل ذلك بقدر ما ارتكب من معاصٍ.
وجاءت الفتوى ردًا على سؤال نصه: "يحيي البعض ليالي رمضان بحفلات الغناء والرقص، فهل يقبل لهؤلاء صوم؟"، وردت دار الإفتاء: "يلزم الإنسان المسلم أن يتحلى بالفضائل ويتخلى عن الرذائل عمومًا، وفي رمضان خصوصًا، فلا يرتكب فيه ما يغضب الله عز وجل لأنه لو علم الإنسان ما في صيام وقيام رمضان من الثواب ونـزول الرحمات لرجع إلى الله تائبا وعلى ما فرط نادما".
وأضافت: "العاقل من خالف نفسه وهواه وتاب إلى مولاه وأقبل في رمضان على طاعة الله بكثرة العبادات والبعد عن الشبهات، لذا وجب على الإنسان المسلم أن يحيي ليل رمضان بقراءة القرآن والذكر والاستغفار والقراءة النافعة وكل الأعمال التي تزيد من الحسنات في هذا الشهر الكريم المبارك".
وأكملت الدار: "أما بالنسبة لقبول الصيام لمن يرتكب بعض اللهو فالصيام لله وهو يجازي به، ففرق بين سقوط المطالبة وبين الثواب، فالعاصي في رمضان مادام قد استوفى أركان الصيام فقط أسقط عن نفسه الفريضة، بمعنى أنه لا يحتاج للقضاء، لكن لا ثواب له بقدر ما ارتكب من معاصٍ.. والله سبحانه وتعالى أعلم".