يعتنم كل مسلم مقتدر فرصة عيد الأضحى المبارك للتقرب إلى الله بذبح أضحية، كونها من شعائر الله التي يجب تعظيمها، فضلا عن ثوابها الكبير.
والأضحية إحدى الشعائر الإسلامية التي يتقرب بها المسلم إلى الله عز وجل، لقوله تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).
تعد الأضحية سنة مؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية والإجماع.
ويستدل على مشروعية الأضحية في القرآن الكريم لقوله تعالى: "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ" [سورة الكوثر]. وقال القرطبي في "تفسيره" (20/ 218): "أَيْ: أَقِمِ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَيْكَ"، كَذَا رَوَاهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
أيضا في السنة المحمدية ما يثب مشروعية الأضحية، إذ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي، وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه فمن ذلك: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) متفق عليه. وأجمع المسلمون على مشروعية الأُضْحِيَّة.
لا بد أن تقدم الأضحية من الأنعام وإن اختلف الفقهاء في النوع الأفضل منها، لكن أرجح القول ما ساقته المالكية إن الغنم (الضأن) يأتي في المقدمة ثم الإبل ثم البقر.
فضل الضحية وثوابها
تتعدد فضائل الأضحية وإن كان يأتي في المقدمة أنها من شعائر الله تعالى، وأن الذبح لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ من أعظَمِ العباداتِ وأجَلِّ الطاعاتِ.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما.
متى ينتهي وقت الأضحية.. وما أفضل موعد للذبح؟
فمن الصحيح ما روى الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ - عزَّ وجلَّ - مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ - عزَّ وجلَّ - بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا".
وفي حديث آخر أخرجه الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: "قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين".
وثواب الأضحية كبير إذ يغفر الله عند أول قطرة من دمها كل ذنب، استشهادا بما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن زيد بن أرقم قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ الْأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالصُّوفُ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ".