نظمّت النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) فعالية حوارية تحت عنوان (قعدة حوش)، وذلك في الفناء الخارجي لـ (مقهى النهضة)، مشروع "حاضنة الأعمال" الذي أطلقته مؤخراً بالتعاون مع القطاع الخاص.
وشارك في "القعدة" ممثلين عن المجتمع المدني والقطاعين الرسمي والخاص وصحفيين وناشطين وداعمين من المؤسسات والأفراد.. في مقدمتهم المنسق الحكومي السابق لحقوق الإنسان باسل الطراونة، والعين الدكتورة سوسن المجالي، والعين القاضية تغريد حكمت، ورئيس تحرير جريدة الغد الأستاذ مكرم الطراونة، والفنان الأردني القدير داوود جلاجل، ونائب رئيس جمعية أصدقاء حي جبل عمّان القديم خضر قوّاس.
واستمدت الفعالية ثيمتها من (حوش الدار)، وهو فناء أو حديقة المنزل المركزية وفق نمط العمارة التقليدي السائد في بلاد الشام، حيث يمثل (الحوش) الفضاء الاجتماعي الذي يلتقي فيه جميع أفراد الأسرة الممتدة الذين تتوزّع غرفهم ومساكنهم حول محيط الحوش؛ يتشاركون وجباتهم، ويزاولون نشاطاتهم وأعمالهم المنزلية، ويتسامرون ويتجاذبون أطراف الحديث، ويتبادلون التجارب والمعارف والخبرات، ويناقشون مجريات يومهم وهموم الحياتية والإشكالات التي تواجههم سواء على المستوى الأسري، أو في علاقة الأسرة ـ باعتبارها اللبنة الأساسية للبناء الاجتماعي ـ مع المجتمع المحيط والفضاء العام.
وتهدف (أرض) من فكرة (قعدة حوش) أن تكون مثل هذه الفعاليات بمثابة لقاءات أسريّة، بحيث يشكّل جميع الحضور أسرة ونواة واحدة، يتحاورون في جو ودّي صحي آمن، مع إتاحة الفرصة أمام أعضاء المجتمع المحلي من النساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة واللاجئين للتواصل والتفاعل ومشاركة آرائهم والإدلاء بدلوهم، وذلك للخروج بتوصيات وتوافقات تصب في مصلحة المجتمعات المحلية، وتستجيب لهمومها وأولوياته الحقيقية، وتسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والتعافي الاقتصادي.
وخُصصت "القعدة" الأولى ضمن سلسلة "قعدة حوش" لمناقشة مخرجات "مشروع تأهيل الكوادر الحرفية وتعزيز فرص التسويق والتشغيل" الذي نفّذته (أرض) بالتعاون مع مشروع دعم المشاريع المحلية (LENS) المموّل من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID.
كما تضمنت "القعدة" جلسة نقاشية سريعة شارك بها كلّ من السيد باسل الطراونة، والرئيسة التنفيذية لأرض الأستاذة سمر محارب، والشريك الاستراتيجي/ مالك المبنى رجل الأعمال كريم نفّاع، حيث أبدى ثلاثتهم تعقيباتهم حول العرض المقدم، وتوصياتهم وتصوّراتهم المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه فكرة مثل فكرة (مقهى النهضة)، سواء من حيث البنية التحتية والكلفة المادية، أو من حيث التشريعات ذات العلاقة وإجراءات الترخيص لمبنى متعدد الأغراض.
ويأتي مشروع "تأهيل الكوادر الحرفية" كباكورة لنشاطات (مقهى النهضة) كحاضنة أعمال متكاملة تضم بين جنباتها مركزاً للتدريب على الحرف اليدوية والتراثية، وصالة عرض للمنتجات اليدوية والتراثية، ومطبخاً إنتاجياً، ومقهىً ثقافياً مفتوحاً لاستقبال السيّاح والعامة واستضافة الفعاليات المنوّعة.
وتضمّن المشروع تدريب أكثر من (80) متدرباً ومتدربة من اللاجئين السوريين وأبناء المجتمعات المحلية المستضيفة في كل من عمّان واربد على المهارات الحرفية في مجالات فن الفسيفساء، وفن التطريز، وفن التصديف، وفن الطهي.
وسبق ذلك تدريب جماعي على مهارات المال والأعمال والتسويق والاتصال الفعّال، وتدريب على حقوق الإنسان والحقوق العمّالية والوظيفية، وذلك من أجل إكساب المتدربين المعارف والمهارات اللازمة من أجل البدء بمشاريعهم الفردية والمنزلية الخاصة، أو تعزيز وتوسيع مشاريعهم القائمة.
كما وضعت (أرض) تحت تصرّف المتدربين طاولة مجانية ضمن سوق (جارا) السياحي الذي يعقد كل يوم جمعة في شارع الريبنو بجبل عمّان طوال موسم الصيف، وذلك من أجل مساعدتهم في عرض منتجاتهم، وتعريف زوّار السوق بهم، وزيادة قاعدة مبيعاتهم وانتشارهم.
وتتماهى فكرة (قعدة حوش) مع فكرة (مقهى النهضة) نفسها، حيث تم إطلاق هذه الاسم على مشروع حاضنة الأعمال باعتبار أن المقهى في التجربة العربية المعاصرة ليس مجرد مكان للترفيه وقضاء وقت الفراغ، بل هو مؤسسة اجتماعية وسيطة يتعلم من خلالها الفرد قيم وعادات وتقاليد مجتمعه، ويصقل شخصيته ومعارفه. وهو أيضاً صالون أدبي وفني وسياسي لطالما احتضن نقاشات المثقفين، وابداعات الكتّاب والشعراء والفنانين، ومناظرات رجال السياسة وقادة الرأي والشخصيات الوطنية.
ويمثّل (مقهى النهضة) نموذجاً للشراكة بين القطاع الخاص والمجتمع المدني، ولقد اختير له مبنى حجرياً من ثلاثة طوابق يعكس الطابع المعماري الأصيل لمدينة عمّان، ويقع وسط بيئة حضرية في المنطقة بين الدوّارين الأول والثاني بجبل عمّان، تضم بعض المرافق الرسمية والأهلية الحيوية إلى جانب سكان الحي القدامى وضيوفهم من الوافدين واللاجئين.